إكسير الشباب
مرسل: 18 يناير 2022, 18:30
حين أكون منزعجة لا شيء يريحني أكثر من الذهاب للتبضع ، ففيه راحة لي و متنفس لا اكاد اميز مصدره ، و لكني استبين أثره ،فهو عندي كالذهاب الى طبيب نفسي ،جلساته تريح من تعب الحياة و تعقيدات الناس و همهم.
أدخل الى المحلات و كأني ملكة ، فلا أحد يستطيع ادخال يده في جيبي ليعلم ان كنت أملك مالا أم لا ، و لا أحد في وسعه أن يتفقد أفكاري ان كنت انتوي الشراء أم لا ، و بين الشك و اليقين أظل الملكة.
كوني طاعنة في السن لا يعني انه علي المكث في زاوية البيت ألاحق بعيني تحركات كنتي أو سلوك أحفادي أ و خائنة أعين أبنائي ، فقد حفظت كل هذا عن ظهرقلب و لم يعد يثيرني تتبعه ، اذ لا جديد يرجى منه .
و كوني طاعنة ،لا يعني أنني ألفت السكون و الركون و لم يعد يسعني الا فراشي الذي سيمحى حجمه لو اتبعت هذه العقليات العتيقة و الآراء السخيفة التي تسجن فئتنا في زاوية محدودة و دائرة مفرغة نكاد نستحيل معها حيوانات جامعة و طارحة .
لا ، فالعمر عندي أكثر ما يكون عقليا و كم شابّ شاب من الهم و لمّا يبلغ الثلاثين ، و لو تحدثنا عن إنجازات الكبار فالتاريخ مدجج بالفاتحين ممن ودعوا سن الشباب .
و في العلم هم اعلم و في التدبير اقدر وفي العطف اعظم ، فما علمنا بقرن خيرا من سابقه الا قرن الرسول صلوات الله و سلامه عليه .
فلنعد الى متعتي أنا .
حين اقرر الذهاب الى السوق طبعا ، لا اذهب منفردة أبدا ، فقد أتعرض للغش أو السرقة و نحن ا كثر استهدافا لهما من غيرنا ،لذا أحتاط لهذا الامر فادعو صديقتي عائشة و نورة لمرافقتي في كل شأن.
لا بد أن الذهول انتابكم و انا اذكر أنني أمتلك صديقتين ، و طبعا تظنون انكم الوحيدون الذين يحق لهم ذلك ، و أنه علي كعجوز أن أكون وحيدة بعد توقعكم ان كل اقراني قد واراهم التراب .
يا لحمقكم ، و كأن الموت يختار الشيب دون الشباب .
ان عائشة و نورة صديقتا طفولتي –أطال الله عمرهما- و هما اقرب من اخواتي الي ، و لا تسالوني عن السبب ،كي لا يبطل العجب .
حسنا ، لعله الكبر ، يجعلني أنحرف عن الكلام في كل مرة ، لكن اعترفوا ان في حديثي متعة لا تظاهيها متعة ، فعصركم عصر السرعة ، لا يكاد يستبين معه السامع شيئا حتى تكونوا قد وضعتهم نقطة النهاية لحديثكم .
ان نورة و عائشة تشبهانني في أكثر صفاتي و هما تحبان الاستمتاع باشعة الشمس و نسائم الغاب و رائحة البحر و الذهاب للتسوق .
حين نلتقي معا أشعر بقوة قاهرة و سعادة غامرة ، نتمشى في الطريق فيتفرق الناس عنا احتراما ، و يحرس بعضنا بعضا من كل خطر ، فسيارة مسرعة تتوقف عند اجتياز ثلاثتنا لكنها لا تحترم وجودي منفردة ، و بعض المغفلين من الشباب قد يتعرض لي بالسخرية اذا خلا بي لكنه لا يجرؤ ان كنت برفقتهما ، و اللص قد يجدني لقمة صائغة ان كنت وحيدة لكنه سيضرب قلقه في ثلاثة حين نكون معا و قد يستخف بعقلي بائع غشاش حين يتوقع وهن بصري، لكنه لن يفعل حين تحدق به ستة عيون بستة عدسات و احسبوها بطريقتكم لان الحساب يرهقني منذ طفولتي و ليس حين كبرت فحسب .
أستعين بعصى ككل أقراني ، و ما العيب في ذلك؟ ففيها متكأ لي و أهش بها الاعداء و استعطف بها الرحماء .
لشد ما يضحكني حين ارخي سمعي لاحدهم ـ فيخيل اليه انني لا استوعب شيئا مما يدور حولي ، و كأنني قدمت من المريخ أو كوكب زحل ، و كأن عقولنا غير قابلة للتطور و استيعاب تجدد العالم من حولنا
أما الادهى و الامر انهم ظنوننا نصاب بالصمم عند الكبر ، فلا يحدثوننا الا صراخا ، حتى ليكادون يصمون آذاننا ، و بيني و بينكم فان سمعي من حديد لكنه يسليني ان أتظاهر بضعفه بين الحين و الاخر كي أستأنس بأحاديث لا يتوقعون مني سماعها .
فقدت أسناني ، لا بأس ،فلم تكن جميلة بما يكفي لأتحسر عليها ، و قد ابدلني طبيب الاسنان عنها طاقم أسنان اصطناعية جميلة حسنة الصف و اللون ، فزاد ضحكي و استنار وجهي، و تعاظمت بهجتي حين كفت معاناتي مع المعدة .
قد تقولون أنني أتشاقى كلما تقدم سني ، لكني أؤكد لكم ، هذه أنا مذ عرفت نفسي ، أحب الحياة بكل ما فيها ، و لن يعيقني على ممارستها لا عطب و لا تقدم في السن .
ان روح الشباب يجعلنا نتحرك و نتجدد و نستمر في الحياة ما دام الله يرد علينا أرواحنا .
ان روح الشباب لدينا تجعلنا نستمر في الفرح و التبسم بل و حتى الضحك ، فنحاط بكل الحب الذي نلقاه ،ذلك سرنا و اكسير شبابنا.
أدخل الى المحلات و كأني ملكة ، فلا أحد يستطيع ادخال يده في جيبي ليعلم ان كنت أملك مالا أم لا ، و لا أحد في وسعه أن يتفقد أفكاري ان كنت انتوي الشراء أم لا ، و بين الشك و اليقين أظل الملكة.
كوني طاعنة في السن لا يعني انه علي المكث في زاوية البيت ألاحق بعيني تحركات كنتي أو سلوك أحفادي أ و خائنة أعين أبنائي ، فقد حفظت كل هذا عن ظهرقلب و لم يعد يثيرني تتبعه ، اذ لا جديد يرجى منه .
و كوني طاعنة ،لا يعني أنني ألفت السكون و الركون و لم يعد يسعني الا فراشي الذي سيمحى حجمه لو اتبعت هذه العقليات العتيقة و الآراء السخيفة التي تسجن فئتنا في زاوية محدودة و دائرة مفرغة نكاد نستحيل معها حيوانات جامعة و طارحة .
لا ، فالعمر عندي أكثر ما يكون عقليا و كم شابّ شاب من الهم و لمّا يبلغ الثلاثين ، و لو تحدثنا عن إنجازات الكبار فالتاريخ مدجج بالفاتحين ممن ودعوا سن الشباب .
و في العلم هم اعلم و في التدبير اقدر وفي العطف اعظم ، فما علمنا بقرن خيرا من سابقه الا قرن الرسول صلوات الله و سلامه عليه .
فلنعد الى متعتي أنا .
حين اقرر الذهاب الى السوق طبعا ، لا اذهب منفردة أبدا ، فقد أتعرض للغش أو السرقة و نحن ا كثر استهدافا لهما من غيرنا ،لذا أحتاط لهذا الامر فادعو صديقتي عائشة و نورة لمرافقتي في كل شأن.
لا بد أن الذهول انتابكم و انا اذكر أنني أمتلك صديقتين ، و طبعا تظنون انكم الوحيدون الذين يحق لهم ذلك ، و أنه علي كعجوز أن أكون وحيدة بعد توقعكم ان كل اقراني قد واراهم التراب .
يا لحمقكم ، و كأن الموت يختار الشيب دون الشباب .
ان عائشة و نورة صديقتا طفولتي –أطال الله عمرهما- و هما اقرب من اخواتي الي ، و لا تسالوني عن السبب ،كي لا يبطل العجب .
حسنا ، لعله الكبر ، يجعلني أنحرف عن الكلام في كل مرة ، لكن اعترفوا ان في حديثي متعة لا تظاهيها متعة ، فعصركم عصر السرعة ، لا يكاد يستبين معه السامع شيئا حتى تكونوا قد وضعتهم نقطة النهاية لحديثكم .
ان نورة و عائشة تشبهانني في أكثر صفاتي و هما تحبان الاستمتاع باشعة الشمس و نسائم الغاب و رائحة البحر و الذهاب للتسوق .
حين نلتقي معا أشعر بقوة قاهرة و سعادة غامرة ، نتمشى في الطريق فيتفرق الناس عنا احتراما ، و يحرس بعضنا بعضا من كل خطر ، فسيارة مسرعة تتوقف عند اجتياز ثلاثتنا لكنها لا تحترم وجودي منفردة ، و بعض المغفلين من الشباب قد يتعرض لي بالسخرية اذا خلا بي لكنه لا يجرؤ ان كنت برفقتهما ، و اللص قد يجدني لقمة صائغة ان كنت وحيدة لكنه سيضرب قلقه في ثلاثة حين نكون معا و قد يستخف بعقلي بائع غشاش حين يتوقع وهن بصري، لكنه لن يفعل حين تحدق به ستة عيون بستة عدسات و احسبوها بطريقتكم لان الحساب يرهقني منذ طفولتي و ليس حين كبرت فحسب .
أستعين بعصى ككل أقراني ، و ما العيب في ذلك؟ ففيها متكأ لي و أهش بها الاعداء و استعطف بها الرحماء .
لشد ما يضحكني حين ارخي سمعي لاحدهم ـ فيخيل اليه انني لا استوعب شيئا مما يدور حولي ، و كأنني قدمت من المريخ أو كوكب زحل ، و كأن عقولنا غير قابلة للتطور و استيعاب تجدد العالم من حولنا
أما الادهى و الامر انهم ظنوننا نصاب بالصمم عند الكبر ، فلا يحدثوننا الا صراخا ، حتى ليكادون يصمون آذاننا ، و بيني و بينكم فان سمعي من حديد لكنه يسليني ان أتظاهر بضعفه بين الحين و الاخر كي أستأنس بأحاديث لا يتوقعون مني سماعها .
فقدت أسناني ، لا بأس ،فلم تكن جميلة بما يكفي لأتحسر عليها ، و قد ابدلني طبيب الاسنان عنها طاقم أسنان اصطناعية جميلة حسنة الصف و اللون ، فزاد ضحكي و استنار وجهي، و تعاظمت بهجتي حين كفت معاناتي مع المعدة .
قد تقولون أنني أتشاقى كلما تقدم سني ، لكني أؤكد لكم ، هذه أنا مذ عرفت نفسي ، أحب الحياة بكل ما فيها ، و لن يعيقني على ممارستها لا عطب و لا تقدم في السن .
ان روح الشباب يجعلنا نتحرك و نتجدد و نستمر في الحياة ما دام الله يرد علينا أرواحنا .
ان روح الشباب لدينا تجعلنا نستمر في الفرح و التبسم بل و حتى الضحك ، فنحاط بكل الحب الذي نلقاه ،ذلك سرنا و اكسير شبابنا.