جيل مخدوع
مرسل: 24 مايو 2021, 21:05
على إثر الأحداث الأخيرة بين المغرب واسبانيا التي استقبلت زعيم البوليزاريو، والهجرة المريعة إلى سبتة، كان هناك عشرات الأطفال من هؤلاء المهاجرين، أطفال ربما لم يبلغوا سن الثامنة عشرة بعد؛ ما أثار استغرابي -والذي كان يثير استغرابي قبل هذا- كيف لهؤلاء الأطفال الذين لم يجربوا شيئا في الحياة بعد أن يحلموا بالهجرة! ما الذي رأوه كي يهربوا بعيدا! لا أظن أن هؤلاء يعرفون حتى معنى الحياة!
كلا، كلا أنا لست من هؤلاء الذين يلقون المسؤولية على الدولة -كأنهم فرسان لم يكافئهم أحد- بل أنا من هذا النوع الذي يحب أن يكشف ويزيل الستار عن الوقائع، دون عاطفة.
لنفرض سلفا أنهم نجحوا -ولم يغرقهم البحر- وذهبوا إلى البلاد الأوروبية، فما هو هذا الشيء الذي سيفعلونه هناك، أغلبهم تجدهم يقولون "هناك فرص عمل كثيرة، ولا يهم ما ستفعله" وماذا لو لم تجد مبتغاك؟ أو ربما اضطررت للعمل في الحرام! رغم أني أشك أنهم يحسبون حسابا لكل هذا؛ فالدين آخر شيء قد يفكرون فيه -لاحظوا أني لا أتحدث عن فئة الكبار أو من يذهبون بشكل شرعي بعدما حصلوا على شهادة معينة- ولو أنهم بذلوا جهدا هنا كما يبذلون جهدهم في الفرار، لربما كان حظهم أوفر!
هذه الفئة من الأطفال، جيل مخدوع، أغراهم أصدقائهم، واحتال عليهم إخوتهم، وغشهم الإعلام! لقد فتحوا أعينهم بين أناس مغفلين، بين أناس حمقى كل ما يجيدونه هو سب وشتم الدولة، ولا يتمهلون للحظة بأن يلوموا أنفسهم، ما الذي قدموه هم! نعم هم وليس أبن الخال الذي درس حتى تعب ثم لم يجد وظيفة.. فليس من المعقول أن تجعل فشل غيرك سببا لسخطك!
فليت شعري لو أنهم يدكون أنهم سيكونون مسؤولون عن المستقبل، ولو أن كل واحد قرأ مقالي هذا، وبدل أن يبرر هذه الأفعال، جلس مع نفسه يراجعها، ثم نصح غيره، فسنربي بإذن الله جيلا مسؤولا، يحمل هموم هذه الأمة وهذا الوطن -وليس هموم فريق فلان، وفريق علان.. أو هموم هذا المسلسل وذاك- ثم يجلس مهموما؛ لأنه لم يجد عملا! أفلا تعقلون؟ كيف تريد أن تتوفق وأنت غير مسؤول البتة -إن حصلت على معدل سيء، فالأستاذ هو السبب، إن تعثرت في الطريق فالدولة هي السبب! فلتكونوا على يقين تام أن هؤلاء الذين يعكفون على لوم المسؤولين -طبعا لا يفهم من كلامي أني أزيل المسؤولية عن هؤلاء- أنهم ذات يوم سيصلون لذات المنصب وتجدهم يفعلون نفس أفعالهم، مستهترون وغير مباليين؛ وقد يكونون أسوأ.. ففي عقلهم الباطن غرست تلك الفكرة، فكرة التملص من المسؤولية!
التاريخ لا ينسى من يخذل أمته، كما لا ينسى من يرفعها على رأس الأمم، لذلك هناك خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تكون من الصنف الأول، أو من الصنف الثاني.. ولا مجال لموقف محايد، والأمم تدخل التاريخ غنية بدينها وأخلاقها، وإن كان التطور المادي ضعيفا فلا بأس، فمع الوقت سيزدهر الوضع، وما إن تفسد أخلاق الأمم حتى تبدأ في الانهيار التدريجي مجددا.. فكيف تريد أن نزدهر ونحن نعيش بين جيل انتهازي وأناني، لا يفكر إلا في كرة القدم والمسلسلات وبطنه وفرجه؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. دمتم سالمين!
- تم بحمد الله-
-حمزة إزمار (سيفاو)-
في تاريخ: السبت 10 شوال 1442
الموافق ل:
21 ماي 2021
كلا، كلا أنا لست من هؤلاء الذين يلقون المسؤولية على الدولة -كأنهم فرسان لم يكافئهم أحد- بل أنا من هذا النوع الذي يحب أن يكشف ويزيل الستار عن الوقائع، دون عاطفة.
لنفرض سلفا أنهم نجحوا -ولم يغرقهم البحر- وذهبوا إلى البلاد الأوروبية، فما هو هذا الشيء الذي سيفعلونه هناك، أغلبهم تجدهم يقولون "هناك فرص عمل كثيرة، ولا يهم ما ستفعله" وماذا لو لم تجد مبتغاك؟ أو ربما اضطررت للعمل في الحرام! رغم أني أشك أنهم يحسبون حسابا لكل هذا؛ فالدين آخر شيء قد يفكرون فيه -لاحظوا أني لا أتحدث عن فئة الكبار أو من يذهبون بشكل شرعي بعدما حصلوا على شهادة معينة- ولو أنهم بذلوا جهدا هنا كما يبذلون جهدهم في الفرار، لربما كان حظهم أوفر!
هذه الفئة من الأطفال، جيل مخدوع، أغراهم أصدقائهم، واحتال عليهم إخوتهم، وغشهم الإعلام! لقد فتحوا أعينهم بين أناس مغفلين، بين أناس حمقى كل ما يجيدونه هو سب وشتم الدولة، ولا يتمهلون للحظة بأن يلوموا أنفسهم، ما الذي قدموه هم! نعم هم وليس أبن الخال الذي درس حتى تعب ثم لم يجد وظيفة.. فليس من المعقول أن تجعل فشل غيرك سببا لسخطك!
فليت شعري لو أنهم يدكون أنهم سيكونون مسؤولون عن المستقبل، ولو أن كل واحد قرأ مقالي هذا، وبدل أن يبرر هذه الأفعال، جلس مع نفسه يراجعها، ثم نصح غيره، فسنربي بإذن الله جيلا مسؤولا، يحمل هموم هذه الأمة وهذا الوطن -وليس هموم فريق فلان، وفريق علان.. أو هموم هذا المسلسل وذاك- ثم يجلس مهموما؛ لأنه لم يجد عملا! أفلا تعقلون؟ كيف تريد أن تتوفق وأنت غير مسؤول البتة -إن حصلت على معدل سيء، فالأستاذ هو السبب، إن تعثرت في الطريق فالدولة هي السبب! فلتكونوا على يقين تام أن هؤلاء الذين يعكفون على لوم المسؤولين -طبعا لا يفهم من كلامي أني أزيل المسؤولية عن هؤلاء- أنهم ذات يوم سيصلون لذات المنصب وتجدهم يفعلون نفس أفعالهم، مستهترون وغير مباليين؛ وقد يكونون أسوأ.. ففي عقلهم الباطن غرست تلك الفكرة، فكرة التملص من المسؤولية!
التاريخ لا ينسى من يخذل أمته، كما لا ينسى من يرفعها على رأس الأمم، لذلك هناك خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تكون من الصنف الأول، أو من الصنف الثاني.. ولا مجال لموقف محايد، والأمم تدخل التاريخ غنية بدينها وأخلاقها، وإن كان التطور المادي ضعيفا فلا بأس، فمع الوقت سيزدهر الوضع، وما إن تفسد أخلاق الأمم حتى تبدأ في الانهيار التدريجي مجددا.. فكيف تريد أن نزدهر ونحن نعيش بين جيل انتهازي وأناني، لا يفكر إلا في كرة القدم والمسلسلات وبطنه وفرجه؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. دمتم سالمين!
- تم بحمد الله-
-حمزة إزمار (سيفاو)-
في تاريخ: السبت 10 شوال 1442
الموافق ل:
21 ماي 2021