صفحة 1 من 1

◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 08 ديسمبر 2023, 12:53
بواسطة سلمى
. . . .

بكاء الصغيرة لا يتوقف في أرجاء البيت، تحاول الأم المسكينة جاهدة إلهائها بشتى الطرق، إلى أن يرجع والدها ليجلب معه شيئا لتقتات به.
لم تفلح كل الحيل معها، وهاهي الأم تدور بها في أرجاء الغرفة الضيقة التي لم تعد تسع جوعها وألمها..
ضاق صدر الأم المسكينة قهرا على فلذة كبدها، التي باتت ليلة الأمس تتآكلها أوجاع الحمى، حيث التهب جسمها كله من السخونة وهي لا تملك شيئا تخفف به لظى لهيبها، وقد نفذ كل دواء، ونضب معه الأمل في إيجاد طبيب يكشف عنها لتعلم ما ألمّ بها.
وزادها الجوع الذي طوّق بطنيهما منذ يومين، لم تتذوقا فيه شيئا، حتى شربة الماء الذي لم يعد يسعهما جلب الصالح منه.
حيث نفذت كل منافذ المياه الصالحة للشرب، وأصبح الأمل كله منصبا في والد الطفلة علّه يجلب أملا يقتاتان منه!
تحاول البحث عن هاتفها الذي لم تشحنه منذ يومين، وخبأته للمكالمات الطارئة، فالكهرباء منقطعة منذ أسبوع وزوجها الذي وعدها أن يجد لها حلا كما يفعل الجميع في المدينة، قد غاب ولم يمض الليلة معها.
وقلبها المفزوع عليه، قد غطى فزعها على الصغيرة!
تلتقط هاتفها الخلوي... تفتحه.. تنتظر قليلا وكُلها فزع من أن تجد البطارية قد نفذت..
_حمدًا لله! تصرخ بصوت مرتفع، هنالك أمل من إجراء مكالمة.
ترن لزوجها وقلبها يخفق كأنها تقترب من نار مشتعلة، أحست بلهيبها يسري في جسدها..
يرن: مرتين.. ثلاث.. أربع..
_ألو ...
_ألو أحمد هذه أنا أمل، سأتكلم بسرعة حتى لا تفرغ بطارية الهاتف، اتصلت للإطمئنان عليك، هل وجدت خبزا وماء وخافضا للحرارة، الصغيرة ستهرب من بين يدينا إن لم نعجل بإطعامها!
_إن لم تستطع فعل شيء، أستطيع الخروج أنا، لإيجاد حل.
_أحمد: انتظري دقيقة أنا أسمع شيئا ك.......
_طيط طيط ... طيط أغلق الخط!!
_أمل: ألو... أحمد ألو... ما هذا الصوت؟...

آآآآآآآه صوت صاروخ.....!!!
ياويلي عليك يا أحمد..


ترمي الصغيرة داخل سريرها، وتخرج مفزوعة تبحث عن مصدر القذيفة..
ترى دخانا من بعيد، لكنها تخشى الابتعاد أكثر تاركةً صغيرتها لوحدها... تفكر بسرعة..
ثم تعود أدراجها بنفس السرعة، حتى تلبس شيئا تحت رجليها وتجلب ابنتها معها...
وفي رمشة عين!
_بوووووم قذيفة موجهة نحو بيتها تحوله لرماد ودخااان في رمشة عين..
_ابنتي... صغيرتي...
_أحمد... حبيبي.... ربااااااااه..

من بعيد زوجة مكلومة تبدو كمجنونة تضرب رأسها، تصرخ بأعلى ما فيها... دون توقف..
في الاتجاه الآخر دمار ضرب المستشقى القريب من بيتهم، وزوج مرمي أشلاءا في قارعة الطريق، يداه سوداوتان من غبار الدمار، ومبتورتان! يحمل قنينة ماء في يد، وكسرة خبز في اليد الأخرى!

في الاتجاه الآخر، أمام منزل أمل، أشلاء بشر متطايرة هنا وهناك.. ومعها أشلاء الصغيرة..
وفاعلي خير يقومون بتعبئتها في أكياس!

انتهت.
__________________________

قرأتُ مؤخرا لصديقة لي من غزة منشورا على الفيس هذا نصه:

أكوام من الأشلاء يتم تعبئتها في أكياس 💔
حسبنا الله ونعم الوكيل


. . . . .

Re: ◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 08 ديسمبر 2023, 14:56
بواسطة منيرة
حسبنا الله ونعم الوكيل
ولا حول ولاقوة إلا بالله
مشهد مرسوم بالقلم لصورة من مئات الصور التي تشاهدها على الشاشات
....
لاحول ولاقوة الا بالله
وحسبنا الله ونعم الوكيل

Re: ◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 08 ديسمبر 2023, 18:52
بواسطة سلمى
صدقت منيرة، وهذا غيض من فيض
فرج الله عنهم، ونصرهم نصرا عاحلا غير آجل يارب العالمين

Re: ◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 08 ديسمبر 2023, 20:25
بواسطة خالد
لا حول ولا قوة إلا بالله..

كنت أرتب كلمات ردي وأنا في منتصف القصة.. كنت أريد إخبارك أنك أجدت وصف فقر العائلة التي تقتصد حتى في نسبة شحن الهاتف، وبدأت أشك أنها أسرة فلسطينية شيئا فشيئا، حتى تأكد شكي..

قد تهون الحياة ويهون فراقها، ولكن الصغار...

الله المستعان، وهو المسؤول أن يجعل لإخواننا مخرجا مما هم فيه.. يبدو أن هؤلاء الأنجاس لا ينوون التوقف حتى يصلوا لرقم يخططون له، لا مكنهم الله من خططهم ولا رحم فيهم مغرز إبرة.

Re: ◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 10 ديسمبر 2023, 06:43
بواسطة سلمى
خالد كتب: 08 ديسمبر 2023, 20:25 لا حول ولا قوة إلا بالله..

كنت أرتب كلمات ردي وأنا في منتصف القصة.. كنت أريد إخبارك أنك أجدت وصف فقر العائلة التي تقتصد حتى في نسبة شحن الهاتف، وبدأت أشك أنها أسرة فلسطينية شيئا فشيئا، حتى تأكد شكي..

قد تهون الحياة ويهون فراقها، ولكن الصغار...

الله المستعان، وهو المسؤول أن يجعل لإخواننا مخرجا مما هم فيه.. يبدو أن هؤلاء الأنجاس لا ينوون التوقف حتى يصلوا لرقم يخططون له، لا مكنهم الله من خططهم ولا رحم فيهم مغرز إبرة.
اللعم آمين يارب العالمين
بوركت أخ خالد
نسأل الله ان يرحمهم برحمته ويجعل لهم فرجا قريبا
كل المشاهد اليومية التي أصبحنا نشاهدها أوقفت العقول عن التفكير
دمار وحوادث غير عقلانية ومع هذا لم تتوقف ولا تزال مستمرة
اللهم اشملهم برحمتك

Re: ◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 19 ديسمبر 2023, 19:59
بواسطة نجمة
لا كلمات لا سطور ولا حتى حروف يمكن ان تحوي ولو القليل من اوجاعهم
ربما يبدو وكأن الأصعب مرّ لكن ما قبل الفراق والفقد والفزع ليس كمثله
بورك قلمك سلمى والله يلطف فيهم وبخفف عنهم ويرفع عنهم عاجل غير آجل يارب

Re: ◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 27 ديسمبر 2023, 18:41
بواسطة المهندس
( صدقوا ما عاهدوا الله عليه )
هؤلاء هم بني قومي، وشرف أمتي ..
ندعوا لهم، وتؤجل الأحزان إلى ما بعد النصر .. وعد ربهم

شكراً لهذا النص المحكم البناء، والصادق الحرف أختي سلمى

كل التحية

Re: ◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 27 ديسمبر 2023, 20:08
بواسطة سلمى
نجمة كتب: 19 ديسمبر 2023, 19:59 لا كلمات لا سطور ولا حتى حروف يمكن ان تحوي ولو القليل من اوجاعهم
ربما يبدو وكأن الأصعب مرّ لكن ما قبل الفراق والفقد والفزع ليس كمثله
بورك قلمك سلمى والله يلطف فيهم وبخفف عنهم ويرفع عنهم عاجل غير آجل يارب
صدقت يا ريم لا يكن لأي كلام أن يصف أوجاهم
اللهم نصرا قريبا

شكرا ريم

Re: ◇ أمل مبتور ◇

مرسل: 27 ديسمبر 2023, 20:09
بواسطة سلمى
المهندس كتب: 27 ديسمبر 2023, 18:41 ( صدقوا ما عاهدوا الله عليه )
هؤلاء هم بني قومي، وشرف أمتي ..
ندعوا لهم، وتؤجل الأحزان إلى ما بعد النصر .. وعد ربهم

شكراً لهذا النص المحكم البناء، والصادق الحرف أختي سلمى

كل التحية
بل الشكر لك اخي عدي
اللهم نصرا قريبا يارب العالمين