صفحة 1 من 1

عندما يعزف الرصاص

مرسل: 09 يونيو 2023, 19:57
بواسطة حاج بوليفة
نسبى ونطرد يا أبي ونباد


فإلى متى يتطاول الأوغاد
وإلى متى تدمي الجراح قلوبنا


وإلى متى تتقرح الأكباد
نصحوا على عزف الرصاص كأننا


زرع وغارات العدو حصاد
ونبيت يجلدنا الشتاء بسوطه


جلدا فما يغشي العيون رقاد
يتسامر الأعداء في أوطاننا


ونصيبنا التشريد والإبعاد
وتفرخ الأمراض في أجسادنا


أواه مما تحمل الأجساد
كم من مريض مل منه فراشه


ما زاره آسٍ ولا عوّاد
نشرى كأنا في المحافل سلعة


ونباع كي يتمتع الأسياد
في نهر جيحون الحزين مراكب


غرقت ودنس صفوه الإلحاد
وعلى ضفاف النهر جثة زورق


يبكي على أشلائها الصياد
وأمامه دار على جدرانها


صور يجدد رسمها ويعاد
صور تلونها دماء أحبة


غرسوا أصول المكرمات وشادوا
رحلوا وللقرآن في أعماقهم


ألق أضاء نفوسهم فانقادوا
أنى اتجهنا يا أبي ظهرت لنا


إحن يحرك جمرها الحساد
أو ما ترى من فوق كل ثنية


صنما يزيد غروره العباد
نصحوا على أصوات ألف مبشر


عزفوا لنا أوهامهم فأجادوا
جاءوا وسيف الجوع يخلع غمده


فشدوا بألحان الغذاء وجادوا
أما دعاة المسلمين فهمهم


أن تكثر الأموال والأولاد
هم في الخوالف حين ينطق مدفع


وإذا تحدث درهم رواد
أرأيت أظلم يا أبي من صاحب


تختال في أعماقه الأحقاد
يسعى ليبني بالخداع حياته


أرأيت صرحا في الهواء يشاد
أين الأحبة يا أبي أو ما دروا


أنَّا إلى ساح الفناء نقاد؟
أو ما دروا كم دمية في أرضنا


تعلو وكم يزري بنا استعباد؟
أو ما لنا في المسلمين أحبة


فيهم من العوز المميت سداد؟
ما بال إخواننا استكانوا يا أبي


لا شامنا انتفضت ولا بغداد؟
قالوا الحياد وتلك أكبر كذبة


فحيادهم ألا يكون حياد
هذي بساتين الجنان تزينت


للخاطبين فأين من يرتاد؟
يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا


أو مالنا سعد ولا مقداد؟
نامت ليالي الغافلين وليلنا


أرق يذيب قلوبنا وسهاد
سلت سيوف المعتدين وعربدت


وسيوفنا ضاقت بها الأغماد
هذا هو الأقصى يلوك جراحه


والمسلمون جموعهم آحاد
دمع اليتامى فيه شاهد ذلة


وسواد أعينهن فيه حداد
أواه يا أبتي على أمجادنا


يختال فوق رفاتها الجلاد
خمسون عاما أتخمت سنواتها


ذلا فكل زمانها إخلاد
ها نحن يا أبتي يسير وراءنا


ليل له فوق السواد سواد
ها نحن يا أبتي نبيت هنا ولا


طنب لخيمتنا ولا أوتاد
أهو القنوط يهد ركن عزيمتي


وبه ظلام مخاوفي يزداد
أهو القنوط فأين إيماني بمن


خلق الوجود وما له أنداد
يا أمة ما زال يكتب نثرها


طه ويروي شعرها حماد
ويرتب الحلاج دفتر فكرها


ويقيم مأتم عرسها حداد
ترعى حماها كل سائبة وفي


تمزيقها تتجمع الأضداد
تصغي لأغنية الهوى فنهارها


نوم ثقيل والمساء سفاد
أجدادنا كتبوا مآثر عزها


فمحا مآثر عزها الأحفاد
يا ليل أمتنا الطويل متى نرى


فجرا تغرد فوقه الأمجاد
ومتى نرى بوابة مفتوحة


للحق تقصر عندها الآماد
أنا يا أبي طفل ولكن همتي


فجر به يحلو لي استشهاد
لا تخش يا أبتي علي فربما


قامت على عزم الصغير بلاد
ولربما مات القوي بسيفه


وقضى على مال الغني كساد
في سيف عنترة الفوارس قوة


ما كان يعرف سرها شداد
قل لي بربك يا أبي هل ننزوي


خوفا فليس للعدو قياد
دعنا نسافر في دروب آبائنا


ولنا من الهمم العظيمة زاد
ميعادنا النصرالمبين فإن يكن


موت فعند إلهنا الميعاد
دعنا نمت حتى ننال شهادة


فالموت في درب الهدى ميلاد
عبد الرحمن العشماوي