صفحة 1 من 1

معضلات التوازن - رفعت خالد

مرسل: 26 مايو 2023, 14:19
بواسطة خالد
ليس بالأمر الهين أن (نتوازن نفسيا) كما يقال، فهذا التوازن المقصود ينطوي على توازنات فرعية عديدة. وقد أعجبني قول لابن القيم الإمام - رحمه الله تعالى - قال فيه أن ترك فضول الآثام فيه تخفف للروح، وترك فضول الطعام تخفف للبدن، وترك فضول الكلام تخفف للسان.. فتلك ثلاثة توازنات كاملة قد تكون كل ما يلزم لتحقيق توازن نفسي.

أما (معضلة المال) فالله سبحانه وتعالى يرزقنا بشكل أو بآخر، اليوم أو غدا. وفي شدة الحرص على جلب الأموال وحفظها ذهاب لهذا التوازن المراد.

وأما معضلة (الجنس الآخر) فلعلها فرع عن معضلة المال، إذ أن حلها عند المسلم في الزواج. وكثيرا ما أتأمل في تهيئة الخالق عز وجل لنفسية الأنثى حتى تقبل على الزواج هذا الإقبال العجيب الذي لا يخفى على أحد رغم تمنعهن وتسترهن بشتى الحيل. ولذلك لا يحتاج الرجل في الغالب إلا للمال وقوى عقلية مقبولة حتى يتزوج. ويبقى الرهان طبعا على جودة هذا الزواج ومدى تحقيقه للحكم الإلهية من خلق الذكر والأنثى. وإنما ذكرت هذه المعضلة من معضلات التوازن النفسي لاعتقادي أن توازن الرجل مستعص من دون امرأة، والله المستعان.

وبالتوفيق للاعتقاد الصحيح، ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، مع علم كاف بطبائع الناس وزيف الحياة الدنيا يقترب المرء من التوازن المثالي الذي فيه طيب العيش وبرد اليقين، حتى يموت وليس في قلبه شيء من الدنيا كما ليس في (جيوب) كفنه شيء من دراهمها..

ولابد في هذا التوازن – ككل طبع بشري - من ميلان.. إلا أن الميلان الحاد مهدد لسلامة الإنسان النفسية إذا طال عليه الأمد، وربما سقط في غياهب الجنون عياذا بالله. فهل نسعى حقا لضبط توازننا ؟ أم أن بعضنا يشكك في وجود هذا التوازن من أساسه، ليقنع نفسه بالبقاء في سعيه الحثيث لإشباع إدمانه على ترفيهات محرمة ولذائذ زائفة، يسكن بها آلامه (الوجودية) المبرحة، ويخفيها ولو إلى حين ؟ ولو كانت لتنفعه تلك المسالك، لنفعت من قبله من الأثرياء الذين حازوا أضعافها، فما أغنت عنهم شيئا، وما جلبت لهم التوازن المنشود، فانزقلت أقدامهم من حافة كرسي الانتحار !

Re: معضلة التوازن - رفعت خالد

مرسل: 26 مايو 2023, 14:32
بواسطة منيرة
قول إبن القيم رائع ^^

...

حسب المقال إذن فالمرأة عليها فقط بقول الإمام كي تحقق التوزان النفسي .فلاحاجة للمال والتفكير في الجنس الآخر فهي المطلوبة والمرغوبة ...
لكن بتغير المجتمع وخروج المرأة للعمل ومزاحمة الرجل ، كانت سببا رئيسيا في عدم توازن الرجل نفسيا .

مقال جيد ،أحسنت خالد.^^

Re: معضلة التوازن - رفعت خالد

مرسل: 26 مايو 2023, 14:32
بواسطة سلمى
حياك الله أخي خالد

عدم الإفراط في اي شيء، يجلب التوازن والموازنة في طلب امور الحياة أيضا. حين يرضى الإنسان بما قسمه له من مال وصحة وغيره، سيقنع، وإذا انتشرت القناعة في الروح تم تقبل الحياة بكل ما اتت به.
كثيرا ما نستغرب من قناعة مريض رغم ازماته الجسدية، او فقير رغم سعيه وعدم قدرته على الحصول على مكانة ورفعة ولكنه راض، وغير ذلك من الامثلة.

إن سبب المشاكل النفسية هو عدم تقبل ما نعيشه، لهذا وجب علينا الاستقامة، فيأتي هذا التقبل طواعية.

بخصوص فكرة ان مسالة التوازن عند الرجل اكثر تعقيدا منها عند المرأة، فلربما لان المراة مخلوقة من ضلعه، فالضغط كله يكون عليه، وايضا إذا ما استقام الرجل استقامت معه المراة، لهذا غالبا ما نجد في البيوت ان الرجل الذي يعطي للمراة حقها نعيش معه في أمان، والعكس صحيح.

المال لا يجلب السعادة ولا الصحة ولا غيرهما من الرفاهيات التي تذهب وتأتي، السعادة والتوازن والتقبل يأتون من داخل المرء، تتدخل فيهم التربية والتنشئة التي مر عليها الفرد، ثم قدرته على استخدام ما تعلمه ويتعلمه ليفيد به نفسه فيصنع له شخصية مستعدة لمواجهة تناقضات الحياة.

حاولت تلخيص افكاري على عجالة
مقال رائع يحتمل تاويلات ورؤى كثيرة
بارك الله فيك

Re: معضلة التوازن - رفعت خالد

مرسل: 26 مايو 2023, 14:41
بواسطة محمد كنجو
مقال مفيد جدا في زمان أصبح التعقيد والتخبط سمة هذا العصر ويبقى المسلم المؤمن هو الأقرب للوصول إلى التوزان النفسي المطلوب بحسب درجة إيمانه ويقينه وتوفيق الله له لمواجهة الصعاب وما أكثرها في هذه الحياة .
جزاك الله كل خير وتوفيق

Re: معضلات التوازن - رفعت خالد

مرسل: 27 مايو 2023, 10:23
بواسطة أبو حفصة.
قلم باهر وسلس أيها الطيب، حتى فكرته جميلة وبديعة تشد القارئ...

Re: معضلات التوازن - رفعت خالد

مرسل: 27 مايو 2023, 12:39
بواسطة نجمة
مقال جميل
وقرآءة الردود ساعدتني في فهم الموضوع اكثر
شكرا ^^