مذكرات السلطان عبد الحميد
مرسل: 09 ديسمبر 2022, 20:47
عنوان الكتاب : مذكرات السلطان عبد الحميد/تقديم و ترجمة الدكتور محمد حرب
عدد صفحات الكتاب:318
الأطروحة: كنت قد عرفت شخصية السلطان عبد الحميد الثاني مصادفة و انا بعمر الرابعة عشر حين قرأت انه رفض تسليم أي شبر من أرض فلسطين و كنت لهذا ممتنة له و معجبة بشخصه و قوته و كان ذاك كل ما عرفت عنه و ترك بنفسي انطباعا ممتازا طيلة سني عمري ، ثم صادف أن شاهدت مسلسلا تلفزيونيا عن شخصه و زاد ارتباطي بفكر الرجل و اعجابي بمواقفه و ذكائه و لكنني لم أكن أعرف مدى صدق الافلام التلفزيونية الى أن وقعت عيني على عنوان الكتاب.
شعور بالخوف و الرهبة انتاباني مخلوطان بالفضول جعلاني اشعر جديا بالقلق و كأنني سأتجسس على مذكرات شخص أعرفه او ساقترب منه أكثر و كان أن بدأت في لهفة الصفحات الاولى التي تشرح أوضاع تركيا قبل اعتلاء عبد الحميد عرش السلطنة، ثم وصوله للحكم في ظروف كارثية و عرفت دقائق الرجل و مشاعره و رحمته ...عرفته و كأنني أسكن جوانحه ، و كأنني كنت روحا تقف بجواره بينما يخاطب وزراءه و بينما يخطط لاعدائه و كنت هناك حين استقبل هرتزل و طرده شر طردة و كنت هناك حين انقلب العالم ضده و حين خلعوه وحين أساؤوا الادب معه و هو من عفى عنهم ...و كنت هناك معه بين أهله حين نقل الى منفاه و شعرت بمذاق الارز الجاف و الزبادي كأول وجبة استقبال له بدون ملاعق ...قمة الذل تجرعتها مع الرجل و شاهدته حين حاولوا اغتياله و حين ساوموا بناته على عفتهن مقابل الامان وحين ضغطوا عليه كي يأخذوا كل فلس من أموال أبنائه لصالح الجمعية التي اطاحت به و شاهدته حين ودع بناته بعد تزويجهن كي ينقذهن من عذاب المنفى ...و كنت هناك بروحي و عقلي حين وصل الغزاة الى قصر منفاه و فضل المقاومة حتى الموت بدل الاستسلام و الهروب و حين نقل لمنفاه الثاني و حين اعتكف يصلي كي لا يرى بلاده تتمزق بايدي ابناء الوطن .
مؤلمة هذه الكلمات بالنسبة الي أكثر مما قد تؤلم أي قارىء و لا أظن كلماتي و مشاعري تساوي ما شعر به انذاك السلطان عبد الحميد الثاني الذي بذل قصارى جهده و سنوات حكمه الثلاث و الثلاثين لاجل وحدة بلاده و لحماية اخوته في الدين و حين كاد ينجح في ايقاع اعدائه في تناحر بينهم يأتي سيف الغدر من أبناء جلدته الذي خانوا العهد و تحالفوا مع العدو بايعاز من اليهود و روسيا و انجلترا و دول اخرى طمعا بالتوسع أو بالبترول الذي كانت انجلترا و المانيا تتكالبان عليه في سوريا و البصرة و لانه منع الكثير من الهبات غير المستحقة فقد استهدفوه بكل ما أوتوا من قوة و ألبوا عليه الشعب و رشوا وزراءه و اوهموا الشباب المثقف بضرورة التحرر من استبداد هو في الأصل حماية و في النهاية الكثرة غلبت الشجاع .
بكيتك يا عبد الحميد كثيرا في قلبي و سأظل أذكرك كأعظم السلاطين و ارحم الاباء