المناعة الفكرية

هنا اقتراحات الكتب ونشر المراجعات والآراء حول المقروءات..
قوانين المنتدى
لا نشارك الكتب الرقمية هنا، لكي لا نحمل وزر السرقات الأدبية.. من أراد كتابا يبحث عنه.
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
جويدة
عضو وفيّ للمنتجع
عضو وفيّ للمنتجع
مشاركات: 798
اشترك في: 28 إبريل 2021, 11:28

المناعة الفكرية

مشاركة بواسطة جويدة »

عنوان الكتاب: المناعة الفكرية للأ.د. عبد الكريم بكار
عدد صفحات الكتاب:131
الأطروحة: حلم الكثيرين أن يعتدوا بآرائهم فلا يكون لأي كان تأثير عليهم دون وجه حق لذا أنصحهم بالاطلاع على صفحات هذا الكتاب.
إنه مجموعة مقالات نشرت في موقع إلكتروني ثم قرر صاحبها ضمها بين دفتي هذا الكتاب وحسن فعل، إذ يوجه الكاتب أسئلة تنويرية نهضوية لإيقاظ فكر المسلم ودفعه للاشتغال والحركة بدل الركود والاستسلام.
إن بعض الأفكار والمعتقدات مسلمات وأصول ينبغي الدفاع عنها بالنفس والنفيس كالتوحيد وما جاءت به شرائعنا الغراء، غير أن بعض الأفكار التي كانت تصلح في الزمن الماضي، يستحيل صلاحها في هذا العصر بدءا من طريقة تربية الأولاد مثلا إلى أمور السياسة والاقتصاد ...فلكل زمن ظروفه ومقتضياته، لذا فالتجديد وفقا لاحتياجات العصر والمواكبة التكنولوجية، وما يليها صار كل هذا لا غنى عنه.
إن تربية الأولاد مثلا لم تعد حكرا على الأهل ولا حتى على الأقارب ولا على أهل البلد أجمعين طالما صار العالم قرية صغيرة وصار بمتناول الولد هاتف ينقله إلى آخر العالم فيشارك غيره ثقافاتهم، ويستقي من معارفهم وعاداتهم، طالما يطالع بعينيه أدق تفاصيل حياتهم، فيصبح من المستحيل إقناع الصغير بفكرة ما، وبرأسه ألف فكرة واختيار، فهل ينفع معه انتزاع الجهاز الحيوي الذي ينقله لكل العوالم التي يشتهيها؟ أم ينفع معه الضرب والتعزير؟ أم ينفع العقاب النفسي؟ أم الرقابة والمصاحبة أم ينبغي ابتكار أفكار جديدة ووسائل لإبعاد الصغار وحفظهم من غريب الأفكار، والفكرة لا تزال تختمر برأس الصبي حتى تؤول للتنفيذ والاعتياد.
هذا وهو صبي، فماذا عن الشباب الذين يحلمون بخبز يسكت جوعهم وفتاة جميلة تأوي إليهم، وعالم بغير مشاكل، ورأس بغير مشاغل؟ أليست وجهتهم وقبلتهم ستكون نحو الغرب الموهم إياهم أنه قارب النجاة والحرية والعيش الكريم في ظل الفقر الذي يعانونه والاستبداد الذي رضعوه فصار يسري في الدماء؟
هذا وهم عامة الشباب متوسطوا التعليم والثقافة، فماذا عن الطبقة المثقفة التي انقسمت إلى غلاة يخشون ذهاب دينهم، والحياة التي ألفوها، والأفكار التي ربوا عليها، فصاروا كالقابض على الجمر، كيف تراهم يصبرون على نفور الأقربين من غلوهم، والأجانب من نعتهم بالتزمت وحتى الإرهاب؟
أما النوع الثاني فهم المنفتحون أشد الانفتاح، حتى أنه لم يعد هناك فرق بينهم وبين الغرب إلا بميراث الإسلام، وهؤلاء انكبوا على ملذات الحياة، وارتووا منها حد الثمل، فلم يعد بالمقدور إيقاظهم ولا تغيير وجهتهم.
وهناك المقولبون الذين هم مع كل صيحة، فهم المنقادون بغير معتقد، وقد ينقلبون من فئة لأخرى لمجرد هزة مثيرة، فلا يؤتمن لهم جانب ولا يوثق لهم برأي ولا يثبت لهم قرار.
كل هؤلاء الشباب بحاجة للين العقل، كي يسمعوا من الطرف الضد، فيوازنوا ما لديهم بما لدى غيرهم، والمملوء حد الاستفاضة يغدق على الفارغ، فيصير كأس كليهما قابلا للضغط فلا يتأثر ولا ينكسر، ولتحمل العصى من الوسط.
أي نعم، قد تفوق الغرب فبنوا حضارتهم، وتخلف المسلمون عن ركب التطور وكانت لهم الريادة، غير أن حضارة الغرب منبنية على المادة، وحضارتنا على الروح، لذا يشعر الغرب أنهم -بما لديهم-فارغون كجسد بلا روح، بينما نحن نعاني التبعية والقهر لتخلفنا العلمي، لكننا نظل مطمئنين ليقيننا أن أرواحنا ستبقى وإن فنيت أجسادنا أو عانت لفقر أو مرض أو موت ...وذلك مصدر سكينتنا وسعادتنا.
كيف تكون المناعة الفكرية؟ فنأخذ ما يواتينا من الغرب ونتمسك بما لدينا من معتقدات وأصل؟ كانت بعض الدول تفكر في تصدير شبابها للغرب لاستيراد العلوم من هناك بعد عودتهم بشهادات ومهارات، غير أن قلة منهم عادوا بذلك، وذاب أغلبهم في عالمه الجديد وتنكر لجذوره ولمهامه.
بعض الناس يرون القبح واليأس في كل شيء، لكن علينا أن ندقق النظر ونبدأ بأنفسنا ونرى في كل قبح بعضا من جمال وتميز، وفي كل مشكلة تحد لإعمال الفكر لحلها، وفي كل تخط للعقبة نجاح وزيادة في الثقة.
فلنبن أولا شخصياتنا المتفردة المميزة، ولنتصف باللين فيما هو قابل للنقاش، وبالشدة والالتزام فيما يشكل هويتنا ولنتقبل الاخر لأنه لا عيش إلا معه مع رسم حدود غير قابلة للنفاذ.
و على الأمهات في مجال التربية أن يجالسن أبنائهن و يؤدبنهن من أي باب شئن فالكذب مثلا قد ينهينهم عنه من باب أنه حرام أو من باب أنه مخالف للأخلاق أو من باب أنه لا يجوز الغش في المعلومة أو من باب أنه على المرء أن يضع نفسه محل الآخر فإن كان لا يرضى أن يكذب عليه الناس فالأحرى ألا يكذب هو على غيره ....و هكذا فالتربية قد لا تستقى من الدين الإسلامي ذاتا بل من مبادئ الإنسانية جمعاء، فإن اتفق العالم على التآخي و التوادد لأجل سلام دائم ،صار من الأسهل العيش كوطن واحد ،دون أن يؤذي أحد أحدا و دون أن يطلع أحد على ما برأس أخيه و يصر على جعله نسخة عنه ، فالاستكانة للفكر الواحد تجعل من التخلف سهلا سريعا، و تبدد نعمة العقل الذي كأي آلة ميكانيكية تعمل بدوام الحركة، و تتعطل بقلتها أو ركودها ، و لولا ذلك لاستكان أبونا إبراهيم عليه السلام لدين أبيه ،و ما فكر و تأمل و اهتدى للدين الحنيف .

أضف رد جديد

العودة إلى ”منتجع الكتب والمراجعات“