جويدة والسبوعي -منيرة (مسابقة قصتك بقلمي)
مرسل: 16 نوفمبر 2022, 23:00
_يحدث أن تعرف شخصية أحد ما ،من خلال قلمه ، وعندما قرأت ل ( جويدة) أول مرة
أدركت أني أمام انسانة ذكية صادقة ،شجاعة ،مختلفة عن البقية ، ومع توطد علاقتنا
اكتشفت جوانب رائعة أخرى في شخصيتها،
فهي صديقة يمكن الإعتماد عليها ،كريمة مثقفة ، مسؤولة ، لا تخشى في الحق لومة لائم
كانت تذكرني بالفارسة الملثمة ( خولة بنت الأزور ) .
وتذكرني أيضا ب( بوليانا) في مرحها وحيويتها ونشاطها .
جميلة الشكل والروح ، تساند من يطلب مساعدتها أيا كانت ظروفها ،وتقدم النصح بكل أمانة ، مستمعة جيدة ومتحدثة لبقة .
رغم مرورها خلال مراحل حياتها بظروف مؤلمة وقاسية وخطيرة أحيانا ،فقد تجاوزتها بكل صبر وإيمان ولم تتغير طباعها الأصيلة الصافية ...
أذكر كل هذا عنها الآن ،لأنه حين اتصلت بي ذلك المساء الخريفي البارد ،وهي تتحدث بحزن متوتر ،دموعها تسبق حروفها ، ظننت أن مكروها ما قد حل بها ،لكنها فاجئتني بأنها متأثرة من غياب ( السبوعي ) قطها المشاكس عن البيت. لم أستطع كتم ضحكتي ودهشتي من هذا الموقف رغم ان ذلك قد ازعجها ، وبدوت كأني بلا مشاعر ،لكن بعد أن حكت لي القصة كاملة وما تلاها من أحداث ...غرقنا معا في بكاء طويل ..
.
كانت البداية بتغير طباع ( السبوعي ) ،هو قط مشاغب،لعوب ،نظيف للغاية ، بيتوتي ،متعلق بجويدة كثيرا التي كفلته مذ كان ( قطقوطا) بريء، رياضي ،حيوي ،
وسيم،انيق وصياد ماهر ،رغم أن لم يختبر جديا في ذلك ،لكن مقدرته على الصيد والقنص كانت واضحة ،من أذنيه الطويلتين ومن رشاقته المذهلة .
ببلوغه عامه الأول بدأ ( السبوعي )
( يتكلبن ) استغربت الكلمة حين سمعتها أول مرة ،ثم شرحتها جويدة بأن حجمه صار ضحما ،أشبه بكلب صغير أ
وأنها تشك في أن جده الأول قد يكون ( كلبا)
حتى ان صوته أقرب للنباح منه للمواء ...
قاطعتها بضحكة عند هذه النقطة وقلت بنبرة واثقة
_ إنه يريد الزواج يا جويدة ،الأمر واضح
أليس معروفا أن الرجل ينعت بالتيس في المرحلة التي يطلب فيها الزواج ،فيقال لقد صار ( تيسا ) ، فطبيعي أن( يتكلبن) القط لتفهمي رغبته ولغته وإلا كيف لك أن تعلمي !
لم تعلق ( جويدة ) مطلقا على كلامي ، ربما بسبب خجلها من عدم فهم قطها كما فهمته أنا، أو ربما لغباء تعليقي ،أو ربما لحبها الشديد ل ( السبوعي ) ،ربما لاترغب بتزويجه ومجرد ذكر الموضوع يثير غضبها ....
طبعا لم يكن شيء من تلك التفسيرات المتخيلة صحيحا
لأن جويدة واصلت الحديث قائلة :
كان واضحا شعوره بالوحدة ، بالإختناق ، بان لاشيء يرضيه
حتى الألعاب التي كان يلعب بها حطمها جميعا ، لذا صرت اتنزه معه خارج البيت من حين لآخر ،لعله يجد صديقا ما أو رفيقة حياة , وكنت مستعدة للتنازل والقبول بأي قطة يختارها حتى وان كانت ابنة شوارع وبرتقالية اللون ،المهم أن يكون سعيدا وهادىء البال ،وتعود له روحه المرحة المتوثبة ..
لكن ماحصل كان أسوأ مايمكن توقعه ،لقد تم نبذه تماما من قطيع القطط ،بدا لهم ككائن هجين ، غير مرغوب ولا محبوب
ولو أنهم عرفوه حق المعرفة لتوجوه ملكا عليهم ،لكنه الجهل والحسد والشعور بالغيرة القططية...
وماكان حبي له وكرمي معه وإهتمامي الشديد به ،ليعوضه عن حاجته للشعور بأنه ( قط ) طبيعي ،من حقه ان يحب ويحب
ان يتزوج ويصير أبا ل( قطاقيط ) صغار يحملون إرث نسله الكلبي ....
لكن لم افقد الأمل وبقينا نحاول كل يوم ،حتى صار تواجده مألوفا وقلت المعاكسات والشجارات ، خصوصا بعد أن قام بموقف بطولي وأنقذ إحدى القطط الصغيرة ..
وهكذا بدأ شيئا فشيئا يعتمد على نفسه ،ويذهب لوحده وتخلى عن مرافقتي ، ورغم صعوبة الموقف علي حين صار مستقلا بنفسه عني ،لكن كنت سعيدة انه مرتاح أخيرا ويعود للبيت ليلا كي ينام في مكانه المعتاد.....
حتى زوجته ( المصفارة ) التي اختارها دون إعجاب مني وافقت على أن تنضم للسكن معه عندي لو شاءت ،لكن الحمد لله انها كانت قطة شوارع وفضلت العيش لوحدها بعيدا عن الحماة ...
مرت الأيام هادئة جميلة ،لا كدر فيها ولا إستياء ،حتى اختفى فجأة منذ ثلاثة ليال عن البيت والحديقة والحي ،ولا أثر له !
_ من اختفى ؟ سألتها.
_اللعنة ،مابك ( السبوعي ) اختفى ولم يعد للان!
اه لاتخافي ربما سافر مع زوجته أو رفاقه لمكان بعيد وسيعود قريبا ، لاتجزعي ..
قلبي يخبرني ان سوء ما قد حل به ...وقبل أن تكمل الحديث
كان صوت جرس الباب يرن دون توقف بشكل مزعج
أسرعت جويدة للباب وهي تنادي إنه السبوعي،هذه عادته في طرق الباب ،حين تكون النافذة مقفلة ....
عادت بعد دقائق وهي تجهش بالبكاء وصوت مواء ضعيف يصلني ،مافهمته وسط كل تلك الدموع ،انها وجدت قطة صغيرة
امام الباب ،وأثار دماء على الجرس وحول الباب ، تتبعت قطرات الدم لكنها لم تقدها لمكان قريب ، لقد أصبب ( السبوعي ) حتما إصابة بالغة والسبب مجهول ،لكنه قبل رحيله سلمها ابنته كي تعتني بها ، لا نعرف بالضبط ماذا حصل لها ،هل هو حي أو ميت ، هل زوجته من فعلت به هذا أم غيرها ....
إن فقدانه بهذه الطريقة جعلنا نغرق في بكاء طويل ...لم يوقفنا عنه إلا مواء قطقوطة ( السبوعي ) المتوسل وهي تطلب طعاما من جويدة .
تمت
أدركت أني أمام انسانة ذكية صادقة ،شجاعة ،مختلفة عن البقية ، ومع توطد علاقتنا
اكتشفت جوانب رائعة أخرى في شخصيتها،
فهي صديقة يمكن الإعتماد عليها ،كريمة مثقفة ، مسؤولة ، لا تخشى في الحق لومة لائم
كانت تذكرني بالفارسة الملثمة ( خولة بنت الأزور ) .
وتذكرني أيضا ب( بوليانا) في مرحها وحيويتها ونشاطها .
جميلة الشكل والروح ، تساند من يطلب مساعدتها أيا كانت ظروفها ،وتقدم النصح بكل أمانة ، مستمعة جيدة ومتحدثة لبقة .
رغم مرورها خلال مراحل حياتها بظروف مؤلمة وقاسية وخطيرة أحيانا ،فقد تجاوزتها بكل صبر وإيمان ولم تتغير طباعها الأصيلة الصافية ...
أذكر كل هذا عنها الآن ،لأنه حين اتصلت بي ذلك المساء الخريفي البارد ،وهي تتحدث بحزن متوتر ،دموعها تسبق حروفها ، ظننت أن مكروها ما قد حل بها ،لكنها فاجئتني بأنها متأثرة من غياب ( السبوعي ) قطها المشاكس عن البيت. لم أستطع كتم ضحكتي ودهشتي من هذا الموقف رغم ان ذلك قد ازعجها ، وبدوت كأني بلا مشاعر ،لكن بعد أن حكت لي القصة كاملة وما تلاها من أحداث ...غرقنا معا في بكاء طويل ..
.
كانت البداية بتغير طباع ( السبوعي ) ،هو قط مشاغب،لعوب ،نظيف للغاية ، بيتوتي ،متعلق بجويدة كثيرا التي كفلته مذ كان ( قطقوطا) بريء، رياضي ،حيوي ،
وسيم،انيق وصياد ماهر ،رغم أن لم يختبر جديا في ذلك ،لكن مقدرته على الصيد والقنص كانت واضحة ،من أذنيه الطويلتين ومن رشاقته المذهلة .
ببلوغه عامه الأول بدأ ( السبوعي )
( يتكلبن ) استغربت الكلمة حين سمعتها أول مرة ،ثم شرحتها جويدة بأن حجمه صار ضحما ،أشبه بكلب صغير أ
وأنها تشك في أن جده الأول قد يكون ( كلبا)
حتى ان صوته أقرب للنباح منه للمواء ...
قاطعتها بضحكة عند هذه النقطة وقلت بنبرة واثقة
_ إنه يريد الزواج يا جويدة ،الأمر واضح
أليس معروفا أن الرجل ينعت بالتيس في المرحلة التي يطلب فيها الزواج ،فيقال لقد صار ( تيسا ) ، فطبيعي أن( يتكلبن) القط لتفهمي رغبته ولغته وإلا كيف لك أن تعلمي !
لم تعلق ( جويدة ) مطلقا على كلامي ، ربما بسبب خجلها من عدم فهم قطها كما فهمته أنا، أو ربما لغباء تعليقي ،أو ربما لحبها الشديد ل ( السبوعي ) ،ربما لاترغب بتزويجه ومجرد ذكر الموضوع يثير غضبها ....
طبعا لم يكن شيء من تلك التفسيرات المتخيلة صحيحا
لأن جويدة واصلت الحديث قائلة :
كان واضحا شعوره بالوحدة ، بالإختناق ، بان لاشيء يرضيه
حتى الألعاب التي كان يلعب بها حطمها جميعا ، لذا صرت اتنزه معه خارج البيت من حين لآخر ،لعله يجد صديقا ما أو رفيقة حياة , وكنت مستعدة للتنازل والقبول بأي قطة يختارها حتى وان كانت ابنة شوارع وبرتقالية اللون ،المهم أن يكون سعيدا وهادىء البال ،وتعود له روحه المرحة المتوثبة ..
لكن ماحصل كان أسوأ مايمكن توقعه ،لقد تم نبذه تماما من قطيع القطط ،بدا لهم ككائن هجين ، غير مرغوب ولا محبوب
ولو أنهم عرفوه حق المعرفة لتوجوه ملكا عليهم ،لكنه الجهل والحسد والشعور بالغيرة القططية...
وماكان حبي له وكرمي معه وإهتمامي الشديد به ،ليعوضه عن حاجته للشعور بأنه ( قط ) طبيعي ،من حقه ان يحب ويحب
ان يتزوج ويصير أبا ل( قطاقيط ) صغار يحملون إرث نسله الكلبي ....
لكن لم افقد الأمل وبقينا نحاول كل يوم ،حتى صار تواجده مألوفا وقلت المعاكسات والشجارات ، خصوصا بعد أن قام بموقف بطولي وأنقذ إحدى القطط الصغيرة ..
وهكذا بدأ شيئا فشيئا يعتمد على نفسه ،ويذهب لوحده وتخلى عن مرافقتي ، ورغم صعوبة الموقف علي حين صار مستقلا بنفسه عني ،لكن كنت سعيدة انه مرتاح أخيرا ويعود للبيت ليلا كي ينام في مكانه المعتاد.....
حتى زوجته ( المصفارة ) التي اختارها دون إعجاب مني وافقت على أن تنضم للسكن معه عندي لو شاءت ،لكن الحمد لله انها كانت قطة شوارع وفضلت العيش لوحدها بعيدا عن الحماة ...
مرت الأيام هادئة جميلة ،لا كدر فيها ولا إستياء ،حتى اختفى فجأة منذ ثلاثة ليال عن البيت والحديقة والحي ،ولا أثر له !
_ من اختفى ؟ سألتها.
_اللعنة ،مابك ( السبوعي ) اختفى ولم يعد للان!
اه لاتخافي ربما سافر مع زوجته أو رفاقه لمكان بعيد وسيعود قريبا ، لاتجزعي ..
قلبي يخبرني ان سوء ما قد حل به ...وقبل أن تكمل الحديث
كان صوت جرس الباب يرن دون توقف بشكل مزعج
أسرعت جويدة للباب وهي تنادي إنه السبوعي،هذه عادته في طرق الباب ،حين تكون النافذة مقفلة ....
عادت بعد دقائق وهي تجهش بالبكاء وصوت مواء ضعيف يصلني ،مافهمته وسط كل تلك الدموع ،انها وجدت قطة صغيرة
امام الباب ،وأثار دماء على الجرس وحول الباب ، تتبعت قطرات الدم لكنها لم تقدها لمكان قريب ، لقد أصبب ( السبوعي ) حتما إصابة بالغة والسبب مجهول ،لكنه قبل رحيله سلمها ابنته كي تعتني بها ، لا نعرف بالضبط ماذا حصل لها ،هل هو حي أو ميت ، هل زوجته من فعلت به هذا أم غيرها ....
إن فقدانه بهذه الطريقة جعلنا نغرق في بكاء طويل ...لم يوقفنا عنه إلا مواء قطقوطة ( السبوعي ) المتوسل وهي تطلب طعاما من جويدة .
تمت
المصفارة كلمة عامية تطلق على الأنثى الشاحبة، ذات الطباع المستفزة واللسان الطويل أحيانا هههه