كان يوما غير عادي ... يوما استثنائيا من دون شك .... يوما سيظل محفورا في ذاكرته إلى الأبد ...
ركب ( ألونزو ) كعادته الحافلة رقم 101 المتجهة إلى وسط المدينة حيث بعمل بشركة الاتصالات الجديدة كتقني مراقب، كان الجو باردا، والرياح تهب بشدة منذرة بإعصار قادم، أحكم إغلاق سترته الجلدية، وصعد الحافلة، سلم على السائق المرح ( إيميليو)، وجلس قرب نافذة مفتوحة جعلته يصطك من البرد، فأغلقها على الفور.
أخذ الركاب الذين يعرفون بعضهم البعض أماكنهم، ولم يمض وقت طويل حتى انطلق ( إيميليو ) بالحافلة في مسارها المعهود مع ابتسامته السحرية التي لا تقاوم. كان ( ألونزو) سعيدا جدا، أخيرا بعد طول انتظار وصله الجواب من حبيبته ( مولي).
ستة أشهر بالضبط! لقد عدها باليوم والساعة والدقيقة والثانية! لكن الأمر يستحق ... أراد ان يكون الأمر رومانسيا كالأيام الخوالي! رسالة، فطول انتظار، فجواب ... ولم يرد الرسائل النصية الحديثة الباردة و الخالية من كل شيء إلا السرعة في الوصول ...
لسبب ما حتى ( ألونزو ) لا يمكنه معرفته، لم يشأ أن يقرأ الجواب في بيته في هدوء، على فراشه، او أريكته المريحة، لكنه اختار الحافلة التي تقله إلى العمل! إنه جنون المحبين ... أخرج الرسالة من جيب سترته الداخلي، كان قلبه ينبض بشدة، نظر بحذر حوله ليرى إن كان أحد من الركاب يراقبه، يريد أن يخلو بالرسالة من دون إزعاج، أو توتر، أو مراقبة ... ولكن هيهات، فالأمر شبه مستحيل، وأنت تركب حافلة جماعية.
كان الكرسي الذي بجانبه شاغرا، ما منحه بعض الراحة والخلوة، كان الظرف جديدا، لكن ورقة الرسالة قديمة، لقد كتبها على عجل منه أثناء العمل على ورقة إيصال صغيرة، بعدما وجد الشجاعة الكافية في نفسه، و لم يطق الانتظار أكثر من ذلك ...
تحمل هذه الورقة الصغيرة في طياتها مستقبله الغامض! بعدما اتخذ قرار العمر، وحدد من تكون شريكة حياته، وتوأم روحه.
نظر إلى الظرف طويلا، ثم بيد مرتعشة قرر سحب الرسالة من داخله، كأنه طبيب جراح يقوم بعملية جراحية دقيقة على قلب صبي صغير مخدر، على سرير غرفة العمليات المرعبة! لكن لسوء حظه، ما إن أخرج الرسالة و أمسكها بيده التي ازدادت رعشتها حتى فتحت سيدة بدينة متذمرة تجلس خلفه النافذة على مصراعيها، وهي تصرخ وتشكو :
- أف ! أف .... لقد اختنقت ...
في لمح البصر خطفت الرياح العاصفة من يده المرتعشة الورقة الصغيرة، وطيرتها عاليا في الجو.
- أوقف الحافلة ! أوقف الحافلة اللعينة !
صرخ ( ألونزو ) دون أن يشعر، واتجه مباشرة نحو باب الخروج، وهو يراقب الورقة بعينين متسعتين وحمراوين من الغضب الذي يكاد يخنقه ....
........ يتبع .........
** أمسكوا الورقة ** - بيدبا (قصة مسلسلة)
-
- عضو
- مشاركات: 70
- اشترك في: 23 نوفمبر 2021, 19:25
** أمسكوا الورقة ** - بيدبا (قصة مسلسلة)
آخر تعديل بواسطة بيدبا الحكيم في 23 فبراير 2022, 09:01، تم التعديل مرة واحدة.
- محمد كنجو
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 5663
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 12:24
Re: ** أمسكوا الورقة ** - بيدبا (قصة مسلسلة)
حياك الله كاتبنا الحكيم بيدبا
قبل ان نمسك بالورقة اريد الإمساك بخيوط وخفايا القصة من اولها ههه
قرأتها ثلاث مرات ولم تتبدد حيرتي
المفروض أن ألونزو متلهف ليقرأ جواب لرسالته
وورد في سياق القصة أنه خط الرسالة بنفسه على ايصال قديم قبل أن تذروها الرياح
هل كان يكتب الرسائل منه وإليه
أم أن هناك أمر أخر غاب عني وسيتوضح لاحقا
سأعود للقراءة بكل الأحوال .
قبل ان نمسك بالورقة اريد الإمساك بخيوط وخفايا القصة من اولها ههه
قرأتها ثلاث مرات ولم تتبدد حيرتي
المفروض أن ألونزو متلهف ليقرأ جواب لرسالته
وورد في سياق القصة أنه خط الرسالة بنفسه على ايصال قديم قبل أن تذروها الرياح
هل كان يكتب الرسائل منه وإليه
أم أن هناك أمر أخر غاب عني وسيتوضح لاحقا
سأعود للقراءة بكل الأحوال .
آخر تعديل بواسطة محمد كنجو في 23 فبراير 2022, 18:09، تم التعديل مرة واحدة.
- وفاء
- مشرف عام
- مشاركات: 2720
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 17:03
- مكان: المغرب
Re: ** أمسكوا الورقة ** - بيدبا (قصة مسلسلة)
أحجز هنا ولن اعلق حتى اقرأ التتمة، لسبب ما حتى وفاء لا يمكنها معرفته هههه
- نجمة
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 3722
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 11:58
- مكان: جدة ...المملكة العربية السعودية
Re: ** أمسكوا الورقة ** - بيدبا (قصة مسلسلة)
هنا للقرآءة بإذن الله
-
- عضو
- مشاركات: 70
- اشترك في: 23 نوفمبر 2021, 19:25
Re: ** أمسكوا الورقة ** - بيدبا (قصة مسلسلة)
..... تابع ....
تفاعل معه الركاب ، وتابعوا صعود الورقة ، وهم يصرخون :
- إنها هناك ... إنها قرب ... لا إنها عند التقاطع عند إشارات المرور ...
نزل ( ألونزو ) وهو يجري كالمجنون خلف رسالته الصغيرة التي أذهبت قلبه
من قبل ، والآن هي تذهب عقله ! .. ظنها البعض شيكا كبيرا بأرقام تتعدى الستة
أصفار ، وظنها الأكثرون ورقة يانصيب رابحة لمبلغ كبير . نزل خلفه بعض
الركاب ليساعدوه على الإمساك بها ، أو ربما لتكون من نصيبهم ، من يدري !
كاد يصطدم بإحدى السيارات ، وعيناه صوب السماء ترصدان الورقة ..
- انتبه ، أيها الأحمق !
لم يكن عنده وقت ليرد على هذا .... كان سريعا ، لكن الورقة كانت بيد الريح
الهوجاء المجنونة تلعب بها كما تشاء في سماء ( سان فرانسيسكو) الملبدة
بالغيوم السوداء ، لم يكن الجسر الذهبي بعيدا .
كان الحشد الذي يجري خلف الورقة يزداد بمرور الوقت ، ككرة ثلج تكبر
شيئا فشيئا خلال نزولها .. توقف الكثير من المارة لتصوير هذا المشهد
الهوليودي الغريب . بعضهم عرف السبب ، والكثير يجهله ، لكنه رغم ذلك يصور!
تفاعل معه الركاب ، وتابعوا صعود الورقة ، وهم يصرخون :
- إنها هناك ... إنها قرب ... لا إنها عند التقاطع عند إشارات المرور ...
نزل ( ألونزو ) وهو يجري كالمجنون خلف رسالته الصغيرة التي أذهبت قلبه
من قبل ، والآن هي تذهب عقله ! .. ظنها البعض شيكا كبيرا بأرقام تتعدى الستة
أصفار ، وظنها الأكثرون ورقة يانصيب رابحة لمبلغ كبير . نزل خلفه بعض
الركاب ليساعدوه على الإمساك بها ، أو ربما لتكون من نصيبهم ، من يدري !
كاد يصطدم بإحدى السيارات ، وعيناه صوب السماء ترصدان الورقة ..
- انتبه ، أيها الأحمق !
لم يكن عنده وقت ليرد على هذا .... كان سريعا ، لكن الورقة كانت بيد الريح
الهوجاء المجنونة تلعب بها كما تشاء في سماء ( سان فرانسيسكو) الملبدة
بالغيوم السوداء ، لم يكن الجسر الذهبي بعيدا .
كان الحشد الذي يجري خلف الورقة يزداد بمرور الوقت ، ككرة ثلج تكبر
شيئا فشيئا خلال نزولها .. توقف الكثير من المارة لتصوير هذا المشهد
الهوليودي الغريب . بعضهم عرف السبب ، والكثير يجهله ، لكنه رغم ذلك يصور!
-
- عضو
- مشاركات: 70
- اشترك في: 23 نوفمبر 2021, 19:25
Re: ** أمسكوا الورقة ** - بيدبا (قصة مسلسلة)
انتشر الخبر في البلاد ، وصار حديث كل وسائل الإعلام والتواصل بمختلف أنواعها.
كانت ( مولي) تعمل في مقهى وسط المدينة ، وسمعت دمدمة بعض الزبائن
خلفها ، وهي تقدم طلبية لعائلة لطيفة . ارتفع صوت معلق قناة تلفزيونة محلية :
- خبر عاجل ! وصلتنا للتو فيديوهات كثيرة عن حشد كبير وسط المدينة ، ولا
نعلم لحد الساعة ما السبب ؟ لكن بعضهم يقول : إنها ورقة يانصيب رابحة ..
لا بد وأنها كذلك ! وهذا هو صاحبها ...
وكبروا صورة ( ألونزو ) .. اندهشت ( مولي ) مما رأت ، واضعة يدها على
فمها ، وازدادت دهشة لما رات الورقة التي يسعى خلفها ( ألونزو ) ، والتي
طارت بعيدا بعيدا ، ثم اختفت ، بحيث يئس ( ألونزو ) المرهق من اللحاق بها .
توقف ، وجثا على ركبتيه ، واضعا يديه على رأسه ، وعلامات الحزن الشديد
بادية على ملامحه ..
لم تشعر ( مولي ) بما حدث لها .. خرجت مسرعة من المقهى ، واتجهت
صوب الحشد الذي لم يكن بعيدا عن مكان عملها .. كانت سيارات الشر طة
والإسعاف تغلق المكان تحسبا لأي طارئ ... كان الازدحام في ذروته ،
والضجيج يملأ المكان بسمفونية مزامير السيارات المتكدسة. كانت تجري
بسرعة حتى بلغت الحشد في وقت قياسي ، فقد ساعدتها ساعة الجري
اليومية الباكرة التي لا تفرط فيها أبدا ... كانت تصرخ بصوت عال :
- نعم ... نعم ...
كانت تقترب أكثر فأكثر ، وقلبها ينبض بشدة في صدرها ، وصوتها يزداد
قوة ووضوحا :
- نعم ... نعم ...
التفت الحشد و معهم ( ألونزو) الحزين لهذا الصوت الغريب القادم من الخلف .
التقت عيناهما .. بحرارة عانقته وهي تبكي ، وتردد دون توقف :
- نعم ... نعم ... نعم ....
....... تمت ......
كانت ( مولي) تعمل في مقهى وسط المدينة ، وسمعت دمدمة بعض الزبائن
خلفها ، وهي تقدم طلبية لعائلة لطيفة . ارتفع صوت معلق قناة تلفزيونة محلية :
- خبر عاجل ! وصلتنا للتو فيديوهات كثيرة عن حشد كبير وسط المدينة ، ولا
نعلم لحد الساعة ما السبب ؟ لكن بعضهم يقول : إنها ورقة يانصيب رابحة ..
لا بد وأنها كذلك ! وهذا هو صاحبها ...
وكبروا صورة ( ألونزو ) .. اندهشت ( مولي ) مما رأت ، واضعة يدها على
فمها ، وازدادت دهشة لما رات الورقة التي يسعى خلفها ( ألونزو ) ، والتي
طارت بعيدا بعيدا ، ثم اختفت ، بحيث يئس ( ألونزو ) المرهق من اللحاق بها .
توقف ، وجثا على ركبتيه ، واضعا يديه على رأسه ، وعلامات الحزن الشديد
بادية على ملامحه ..
لم تشعر ( مولي ) بما حدث لها .. خرجت مسرعة من المقهى ، واتجهت
صوب الحشد الذي لم يكن بعيدا عن مكان عملها .. كانت سيارات الشر طة
والإسعاف تغلق المكان تحسبا لأي طارئ ... كان الازدحام في ذروته ،
والضجيج يملأ المكان بسمفونية مزامير السيارات المتكدسة. كانت تجري
بسرعة حتى بلغت الحشد في وقت قياسي ، فقد ساعدتها ساعة الجري
اليومية الباكرة التي لا تفرط فيها أبدا ... كانت تصرخ بصوت عال :
- نعم ... نعم ...
كانت تقترب أكثر فأكثر ، وقلبها ينبض بشدة في صدرها ، وصوتها يزداد
قوة ووضوحا :
- نعم ... نعم ...
التفت الحشد و معهم ( ألونزو) الحزين لهذا الصوت الغريب القادم من الخلف .
التقت عيناهما .. بحرارة عانقته وهي تبكي ، وتردد دون توقف :
- نعم ... نعم ... نعم ....
....... تمت ......