🌹 ريان 🌹
قوانين المنتدى
المرجو الابتعاد عن القصص الإباحية وقصص علاقات الخيانة وكل علاقة محرمة
المرجو الابتعاد عن القصص الإباحية وقصص علاقات الخيانة وكل علاقة محرمة
- سلمى
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 1822
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 18:41
- مكان: الجزائر
🌹 ريان 🌹
أسمتني أمي ريان وأنا لا أزال في بطنها، أخبرتني أنها كانت محتارة في اختيار اسم لي، حتى سمعت ذات يوم من المذياع أن الريان هو باب في الجنة، فخفق قلبها لتسميتي به!
كنت طفلاً وديعًا، ومطيعًا، يظهر هذا من تقاسيم وجهي البريء، ومن عمق عيناي العميقتين..
كأني أخذت من اسمي بعض الصفات، كانت أمّي تتوسّم فيّ خيرًا، ولطالما سهرت تروي لي قصص الأبطال، حتى إذا كبرتُ اقتديتُ بهم..
كانت الطفولة ترفرف من جسدي، أخرج لقريتي الجميلة، وأشرد طويلا في مساحاتها الغنّاء، أجري كالطير الحر، فنحن أبناء القرية، لا نعرف مكابح لتحركاتنا.. فمنذ أن نلمس الأرض ونحن نطير بلا أجنحة..
قريتي جميلة، وأراضيها شاسعة، شفشاون الخضراء، أرض أجدادي الأمجاد.. هل كنتم تعرفونها سابقًا؟!
كشقاوة كل صبي صغير، كنتُ أحيانا أسرق أوقاتًا خاصة بي لأختبئ عن العالم.. لأكتشف طبيعةً لطالما أسرتني.. لكن يوم الثلاثاء هذا، لم يكن كباقي الأيام، ففكرة الابتعاد عن البيت لم تكن صائبة أبدًا، ورغبتي الاستكشافية المشتعلة، قد اشتعلت في غير وقتها المناسب..
إذ وأنا أقف على رجلاي الصغيرتان، فوق الأرض الرحبة، أحسست بشيء قاسٍ تحت نعالي، حاولت أن اضغط عليه بكل ثقلي لأكتشف ماهو (كعادتي الاستكشافية الدائمة)، وفجأة أحسست الأرض قد ارتعشت تحتي، فقدتُ توازني، وهويتُ أسفل الأرض السحيقة..
كان إحساسًا مرعبًا، أكثر رعبًا من القصص المخيفة التي سمعتها عن الغول.. كانت دقات قلبي ترتفع، تكاد تصل لحلقي، وجسمي يرتعد خوفًا..
حتى تلقفتني الأرض في الأسفل، واصطدمتُ بقوة كبيرة على صخرة قاسية، كادت تكسر أضلعي.. غبتُ عن الوعي ساعاتٍ طويلةٍ، وما إن فتختُ عيناي حتى أظلمت الدنيا في وجهي، لم أعرف هل حل الليل، أم أن الأرض التي ابتلعتني لونها أسود قاتمٌ؟
حاولتُ أن أبكي فما وجدتُ قدرة على ذلك، حاولت أن أنادي أمي، فمن عادتي إذا خفت أنا أناديها، لكنّ لساني خانني.. كانت يدي هي الوحيدة التي تتحرك، وباقي أطراف جسمي مخدرة، وتوخزني كأنها أسلاك كهربائية تنخر مفاصلي..
لم أعرف ما أفعل، فأنا صغير، لا أقوى على التفكير في الأزمات، ولا أعرف كيف أقوم بالعمليات العقلية المناسبة لمثل هذه اللحظات..
كل ما كان يغزوني هو إحساسٌ عميقٌ بالخوف والذعر، كنت خائفا من الظلمة، من الألم، من بعدي عن أمي وأبي، من البرودة التي غلّفت جسمي الغض الصغير.. هذا كل ماكنت أحسه: الخوف.
لكن خارجا كان تحدث أمور أكبر من الخوف.. كانت الأرض تُقتلع من مكانها للوصول إليّ، لقد هدُّوا جبلاً كاملاً، حتى ينقذوني، وأتى الناس من كل حدب وصوبٍ، يكبرون الله، ويدعونه لينجيني.
بل كل العالم سمع بقصتي، وصارت ألسن الخلق تلهج بالدعاء لنجاتي.. اعتبرتني الأمهات ابنهن، والأطفال أخوهم، حتى الأعداء اتحدوا، وأصبحوا يدًا واحدةً، لا تهمها سوى نجاتي..
أمضيت نهاراتٍ، وليالٍ باردة! وكل يوم يوم يمضي، يأخذ معه أنفاسي، ويزيد من آلامي.. كنت أفقد الوعي طواعية، لأعود وأفتح عيناي وأجد نفسي على نفس الحال، ورغم بعض الأمان الذي اعتراني، حين كنت أسمع أصواتا من بعيد تناديني، وحبالاً تُلقى من الأعلى، فيها كاميراتٌ تترصد أنفاسي، إلا أنني كنتُ عاجزًا عن الفهم، أو الكلام، والحركة..
كانت تأتيني أحلامٌ جميلةٌ بين الفينة والأخرى، أحلم اني أطير، أقطف الزهور من مزارع قريتي الخضراء، وألاحق الفراشات.. وأصطاد الحشرات الصغيرة.. كنتُ أبتسم رغم الألم..
بقيتُ أنتظر مصيري المحتوم، واستسلمتُ لقدري.
مضتْ خمسة أيام، بذعرِ نهارها، وسواد ليلها، بقلق العالم وخوفه وترديد دعواته.. إلى أن استنزف جسمي كل طاقته، واستنفذتُ انا أنفاسي التي منحها الله لي..
لا تبكي علي يا أمّي، فأنا لم أتألم كثيرا.. بالكاد فهمت الذي يحصل معي.. لقد كنت بين يدي الله..
ابكيني قليلا فحسب، لتمسحي حسرتك، واصبري باقي أيامك..
فالعمر طويل.. ولا أريدك أن تخسريه في الدموع..
فالله شاء أن أولد وأعيش ما قدره لي، وأن لا أرحل كما يرحل الناس العاديون..
لقد رحلت بعد أن عرفني كل العالم، وسمع بقصتي ودعا لي ولكِ، اعتبريه عزاءًا دائمًا لك، فكما كنت تحلمين أن اكون بطلا في المستقبل، ها أنها قد حققت حلمك بسرعة وجعلت العالم يدا واحدة تتفق في خمسة أيام.
لقد تركتُ رسالة للعالم، رغم صغر سني، أعلمهم فيها، أن رب الكون واحد، وأننا لنرجع إليه لابد أن نتحد، لابد أن تكون دعواتنا واحدة، ومواقفنا واحدة، وقلوبنا على رجل واحد!
نعم يا أمي أنا وُلدت لأرحل، ولأعلم الأمة أن هدفها هو الاتحاد لا التفرقة.
سأنام الآن بهدوء، فلا خوف على الأطفال، إنهم في حمى الرحمان.
كنت طفلاً وديعًا، ومطيعًا، يظهر هذا من تقاسيم وجهي البريء، ومن عمق عيناي العميقتين..
كأني أخذت من اسمي بعض الصفات، كانت أمّي تتوسّم فيّ خيرًا، ولطالما سهرت تروي لي قصص الأبطال، حتى إذا كبرتُ اقتديتُ بهم..
كانت الطفولة ترفرف من جسدي، أخرج لقريتي الجميلة، وأشرد طويلا في مساحاتها الغنّاء، أجري كالطير الحر، فنحن أبناء القرية، لا نعرف مكابح لتحركاتنا.. فمنذ أن نلمس الأرض ونحن نطير بلا أجنحة..
قريتي جميلة، وأراضيها شاسعة، شفشاون الخضراء، أرض أجدادي الأمجاد.. هل كنتم تعرفونها سابقًا؟!
كشقاوة كل صبي صغير، كنتُ أحيانا أسرق أوقاتًا خاصة بي لأختبئ عن العالم.. لأكتشف طبيعةً لطالما أسرتني.. لكن يوم الثلاثاء هذا، لم يكن كباقي الأيام، ففكرة الابتعاد عن البيت لم تكن صائبة أبدًا، ورغبتي الاستكشافية المشتعلة، قد اشتعلت في غير وقتها المناسب..
إذ وأنا أقف على رجلاي الصغيرتان، فوق الأرض الرحبة، أحسست بشيء قاسٍ تحت نعالي، حاولت أن اضغط عليه بكل ثقلي لأكتشف ماهو (كعادتي الاستكشافية الدائمة)، وفجأة أحسست الأرض قد ارتعشت تحتي، فقدتُ توازني، وهويتُ أسفل الأرض السحيقة..
كان إحساسًا مرعبًا، أكثر رعبًا من القصص المخيفة التي سمعتها عن الغول.. كانت دقات قلبي ترتفع، تكاد تصل لحلقي، وجسمي يرتعد خوفًا..
حتى تلقفتني الأرض في الأسفل، واصطدمتُ بقوة كبيرة على صخرة قاسية، كادت تكسر أضلعي.. غبتُ عن الوعي ساعاتٍ طويلةٍ، وما إن فتختُ عيناي حتى أظلمت الدنيا في وجهي، لم أعرف هل حل الليل، أم أن الأرض التي ابتلعتني لونها أسود قاتمٌ؟
حاولتُ أن أبكي فما وجدتُ قدرة على ذلك، حاولت أن أنادي أمي، فمن عادتي إذا خفت أنا أناديها، لكنّ لساني خانني.. كانت يدي هي الوحيدة التي تتحرك، وباقي أطراف جسمي مخدرة، وتوخزني كأنها أسلاك كهربائية تنخر مفاصلي..
لم أعرف ما أفعل، فأنا صغير، لا أقوى على التفكير في الأزمات، ولا أعرف كيف أقوم بالعمليات العقلية المناسبة لمثل هذه اللحظات..
كل ما كان يغزوني هو إحساسٌ عميقٌ بالخوف والذعر، كنت خائفا من الظلمة، من الألم، من بعدي عن أمي وأبي، من البرودة التي غلّفت جسمي الغض الصغير.. هذا كل ماكنت أحسه: الخوف.
لكن خارجا كان تحدث أمور أكبر من الخوف.. كانت الأرض تُقتلع من مكانها للوصول إليّ، لقد هدُّوا جبلاً كاملاً، حتى ينقذوني، وأتى الناس من كل حدب وصوبٍ، يكبرون الله، ويدعونه لينجيني.
بل كل العالم سمع بقصتي، وصارت ألسن الخلق تلهج بالدعاء لنجاتي.. اعتبرتني الأمهات ابنهن، والأطفال أخوهم، حتى الأعداء اتحدوا، وأصبحوا يدًا واحدةً، لا تهمها سوى نجاتي..
أمضيت نهاراتٍ، وليالٍ باردة! وكل يوم يوم يمضي، يأخذ معه أنفاسي، ويزيد من آلامي.. كنت أفقد الوعي طواعية، لأعود وأفتح عيناي وأجد نفسي على نفس الحال، ورغم بعض الأمان الذي اعتراني، حين كنت أسمع أصواتا من بعيد تناديني، وحبالاً تُلقى من الأعلى، فيها كاميراتٌ تترصد أنفاسي، إلا أنني كنتُ عاجزًا عن الفهم، أو الكلام، والحركة..
كانت تأتيني أحلامٌ جميلةٌ بين الفينة والأخرى، أحلم اني أطير، أقطف الزهور من مزارع قريتي الخضراء، وألاحق الفراشات.. وأصطاد الحشرات الصغيرة.. كنتُ أبتسم رغم الألم..
بقيتُ أنتظر مصيري المحتوم، واستسلمتُ لقدري.
مضتْ خمسة أيام، بذعرِ نهارها، وسواد ليلها، بقلق العالم وخوفه وترديد دعواته.. إلى أن استنزف جسمي كل طاقته، واستنفذتُ انا أنفاسي التي منحها الله لي..
لا تبكي علي يا أمّي، فأنا لم أتألم كثيرا.. بالكاد فهمت الذي يحصل معي.. لقد كنت بين يدي الله..
ابكيني قليلا فحسب، لتمسحي حسرتك، واصبري باقي أيامك..
فالعمر طويل.. ولا أريدك أن تخسريه في الدموع..
فالله شاء أن أولد وأعيش ما قدره لي، وأن لا أرحل كما يرحل الناس العاديون..
لقد رحلت بعد أن عرفني كل العالم، وسمع بقصتي ودعا لي ولكِ، اعتبريه عزاءًا دائمًا لك، فكما كنت تحلمين أن اكون بطلا في المستقبل، ها أنها قد حققت حلمك بسرعة وجعلت العالم يدا واحدة تتفق في خمسة أيام.
لقد تركتُ رسالة للعالم، رغم صغر سني، أعلمهم فيها، أن رب الكون واحد، وأننا لنرجع إليه لابد أن نتحد، لابد أن تكون دعواتنا واحدة، ومواقفنا واحدة، وقلوبنا على رجل واحد!
نعم يا أمي أنا وُلدت لأرحل، ولأعلم الأمة أن هدفها هو الاتحاد لا التفرقة.
سأنام الآن بهدوء، فلا خوف على الأطفال، إنهم في حمى الرحمان.
ليس لديك الصلاحية لمشاهدة المرفقات
- سلمى
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 1822
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 18:41
- مكان: الجزائر
Re: 🌹 ريان 🌹
استيقظت مع حرقة كبيرة في صدري، جراء الأحداث التي عشناها في الخمسة أيام الماضية، فلم أجد قلمي إلا وهو يخط هذا النص.. فنحن أصحاب القلم لا عزاء لنا سوى القلم.
رحمك الله يا صغيري.
رحمك الله يا صغيري.
- وفاء
- مشرف عام
- مشاركات: 2720
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 17:03
- مكان: المغرب
Re: 🌹 ريان 🌹
عجزت عن التعليق عن موضوعك كما عجزت عن التعبير عن كل ما أحسه منذ أيام، لا يسعني سوى أن أشكرك على إنسانيتك، نصك هذا وكأنه خفف الحمل الجاثم على صدري، رحم الله صغيرنا ريان وكل المسلمين.
كان موعده في لقاء الله تعالى والذي لن يؤخره شيء، و بمشيئة الرحمن لم يغادرنا حتى علم الإنسانية درسا فى أن الإقتراب من الله هو الخلاص.
كان موعده في لقاء الله تعالى والذي لن يؤخره شيء، و بمشيئة الرحمن لم يغادرنا حتى علم الإنسانية درسا فى أن الإقتراب من الله هو الخلاص.
- نجمة
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 3722
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 11:58
- مكان: جدة ...المملكة العربية السعودية
Re: 🌹 ريان 🌹
لا تعليق
كان الله في عون عائلته وربط على قلوبهم
الناس بعد فترة بسيطة ستجد ما تلتهي به غير ريان
والحسرة باقية فقط على اهله
كان الله في عون عائلته وربط على قلوبهم
الناس بعد فترة بسيطة ستجد ما تلتهي به غير ريان
والحسرة باقية فقط على اهله
- محمد كنجو
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 5663
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 12:24
Re: 🌹 ريان 🌹
يرى المؤمن بيقينه روح ريان كقطرة خرجت من هوة سحيقة ، لترفرف حول العرش. يراه وهو يبتسم في الفضاء الرحب .
ريان بعمره القصير في هذه الدنيا كانت رسالته لنا كبيرة ،نسأل الله ان يلهمنا واهله وذويه وكل القلوب التي تعلقت به الصبر والسلوان .
بارك الله بك اخت سلمى وجعل كلماتك في ميزان حسناتك .
ريان بعمره القصير في هذه الدنيا كانت رسالته لنا كبيرة ،نسأل الله ان يلهمنا واهله وذويه وكل القلوب التي تعلقت به الصبر والسلوان .
بارك الله بك اخت سلمى وجعل كلماتك في ميزان حسناتك .
- خالد
- مدير المنتدى
- مشاركات: 2769
- اشترك في: 27 إبريل 2021, 22:19
- مكان: المغرب
- اتصال:
Re: 🌹 ريان 🌹
بارك الله فيك.. وأسعد ريانا في الجنة وجمعه بأهله هناك وأضحكه حين يعرف لأول مرة أن هناك بابا للجنة يحمل اسمه. هناك حيث يكمل مغامراته ولعبه، ليس في بوادي شفشاون هذه المرة بل في أرض لا عين رأت ما فيها ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. إن شاء الله.
ما رأينا غير نصف حقيقة ما وقع لريان، ولا يعرف الجزء الثاني من قصته من البشر إلا هو.. بل حتى نهاية جزئها الأول ما عرفناها. لعل الله أنزل سكينته عليه فنام أحلى نومة في حياته، ورأى فيما يرى النائم عالما سحريا أنساه جسمه وما فيه.. لا ندري.
لعله يقفز فرحا الآن.. لا ندري.
لعله يسأل متى تلحق به أمه الحنون التي أكل من يديها فطائر ساخنة بالعسل وأبوه القوي ذو الجلباب الخشن برائحة تراب البادية المنعشة - فيذوقا مما ذاق ويريهما بإصبعه الصغير عجائب لم يروها من قبل.
لا ندري.. لعله لو بقي تكون مأساته أكبر..
لقد تعلمت الكثير من هذه القصة التي حبست أنفاس العالم إلا نفوسا مريضة هازئة حقود.. (وهل يوجد ريان فقط) قال بعضهم، كأن هناك من قال يوجد ريان فقط! ولقد تخيلت لو مات إبن هذا القائل ونعاه على صفحته ينتظر المواساة والتصبير، فأدخل معلقا متمنطقا على رأيه: (وهل يوجد إبنك فقط؟ ) كذا بلا كلمة طيبة ولا دعاء صادق!
تعلمت.. أن العاطفة لا تقاس بكثرة ما ننقل من شعر رقيق رومانسي، كما لا تقاس القسوة بقلة الكلمات وشدتها أحيانا.. إنما هي رحمة يرزقها الله من يشاء، فلا تغرنك أحوال الناس في السراء حتى تراهم في الضراء فإنك ترى العجب!
تعلمت - للمرة الألف وواحد - أن لا شيء يأتيك من الخلق فلا تنتظر.. ولا تشكو بعد اليوم إهمال الناس لك ولا مبالاتهم، فقد رأينا ما صنعت مبالاتهم، ففيم انتظار هذه المبالاة التي لا تنفع؟
إنما الأمر لله من قبل ومن بعد.. نحاول الإحسان ما استطعنا ونحسن بعدها الظن بربنا، لأن هناك غيبا وهو نصف الحقيقة لا نعرف ما فيها، فلعل ما نراه خيرا يكون لنا شرا بعدها ولعل العكس يكون بالعكس.
(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
ما رأينا غير نصف حقيقة ما وقع لريان، ولا يعرف الجزء الثاني من قصته من البشر إلا هو.. بل حتى نهاية جزئها الأول ما عرفناها. لعل الله أنزل سكينته عليه فنام أحلى نومة في حياته، ورأى فيما يرى النائم عالما سحريا أنساه جسمه وما فيه.. لا ندري.
لعله يقفز فرحا الآن.. لا ندري.
لعله يسأل متى تلحق به أمه الحنون التي أكل من يديها فطائر ساخنة بالعسل وأبوه القوي ذو الجلباب الخشن برائحة تراب البادية المنعشة - فيذوقا مما ذاق ويريهما بإصبعه الصغير عجائب لم يروها من قبل.
لا ندري.. لعله لو بقي تكون مأساته أكبر..
لقد تعلمت الكثير من هذه القصة التي حبست أنفاس العالم إلا نفوسا مريضة هازئة حقود.. (وهل يوجد ريان فقط) قال بعضهم، كأن هناك من قال يوجد ريان فقط! ولقد تخيلت لو مات إبن هذا القائل ونعاه على صفحته ينتظر المواساة والتصبير، فأدخل معلقا متمنطقا على رأيه: (وهل يوجد إبنك فقط؟ ) كذا بلا كلمة طيبة ولا دعاء صادق!
تعلمت.. أن العاطفة لا تقاس بكثرة ما ننقل من شعر رقيق رومانسي، كما لا تقاس القسوة بقلة الكلمات وشدتها أحيانا.. إنما هي رحمة يرزقها الله من يشاء، فلا تغرنك أحوال الناس في السراء حتى تراهم في الضراء فإنك ترى العجب!
تعلمت - للمرة الألف وواحد - أن لا شيء يأتيك من الخلق فلا تنتظر.. ولا تشكو بعد اليوم إهمال الناس لك ولا مبالاتهم، فقد رأينا ما صنعت مبالاتهم، ففيم انتظار هذه المبالاة التي لا تنفع؟
إنما الأمر لله من قبل ومن بعد.. نحاول الإحسان ما استطعنا ونحسن بعدها الظن بربنا، لأن هناك غيبا وهو نصف الحقيقة لا نعرف ما فيها، فلعل ما نراه خيرا يكون لنا شرا بعدها ولعل العكس يكون بالعكس.
(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
- فراشة سماوية
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 1642
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 20:09
Re: 🌹 ريان 🌹
لم أعرف ما أفعل، فأنا صغير، لا أقوى على التفكير في الأزمات، ولا أعرف كيف أقوم بالعمليات العقلية المناسبة لمثل هذه اللحظات..
..
أبكيتني والله رغم محاولات التصبّر و الثبات.
ألف رحمة عليه.
..
أبكيتني والله رغم محاولات التصبّر و الثبات.
ألف رحمة عليه.
- منيرة
- مشرف عام
- مشاركات: 8560
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 03:36
- مكان: الجزائر
Re: 🌹 ريان 🌹
بارك الله فيك سلمى ...
الحقيقة أشعر كأني فقدت القدرة على الكلام والتعبير ...
إن شاء الله خير
الحقيقة أشعر كأني فقدت القدرة على الكلام والتعبير ...
إن شاء الله خير
- المهندس
- عضو نادر!
- مشاركات: 1050
- اشترك في: 03 يناير 2022, 06:12
Re: 🌹 ريان 🌹
أختي سلمى
صدقتِ ، لا نملك سوى القلم لنعبر عن مشاعرنا تجاه كل القضايا ..
قصة الطفل ريان حركت العالم العربي المسلم،بل وحتى الاعلام الفرنسي تناولها، فهي مؤثرة وموجعة بحق.
حاولتِ تجسيدها من خلال استعارة ضمير المتكلم، فكنتِ الناطقة باسمه، وعينه التي ترصد المشهد الخارجي، وما يعتمل في داخله.
أجدتِ السرد بصدق كلمة، ونبل مشاعر.
سلم الفكر والبنان
ورحم الله الطفل ريان، وسائر موتى المسلمين
كل التحية
صدقتِ ، لا نملك سوى القلم لنعبر عن مشاعرنا تجاه كل القضايا ..
قصة الطفل ريان حركت العالم العربي المسلم،بل وحتى الاعلام الفرنسي تناولها، فهي مؤثرة وموجعة بحق.
حاولتِ تجسيدها من خلال استعارة ضمير المتكلم، فكنتِ الناطقة باسمه، وعينه التي ترصد المشهد الخارجي، وما يعتمل في داخله.
أجدتِ السرد بصدق كلمة، ونبل مشاعر.
سلم الفكر والبنان
ورحم الله الطفل ريان، وسائر موتى المسلمين
كل التحية
فلســـــ ( الأردن ) ـــــــــــــطين
وطن برائحة الشهداء.. فكيف لا يغار منه الياسمين
وطن برائحة الشهداء.. فكيف لا يغار منه الياسمين