المنتجـع الأدبي

منجم الذهب ... بقلمي





الساعة متأخرة .... لابد لي من الذهاب الى البيت

غدا سوف أكمل . العمر ينتهي ... والعمل لا ينتهي ... ولكن غدا يجب ان أسلم الكراسي الخمرية اللون الى صاحبها .. وايضا ان اصرف الرواتب الى العمال

يبدأ بترتيب المفكات والعدة كاملة

هكذا تعودت منذ اربعين عاما ... ان لا أذهب الى البيت .. قبل ان يكون كل شيئا مرتب .. والمعمل نظيف ...

يضع طاقيته على رأسه

اليوم كان البرد قارصا في الصباح

المفاتيح اين المفاتيح .. هاهي ... نعم سوف اطفئ الكهرباء



صوت قوي يقطع تفكيره هذا



_ أبي .... ماذا تفعل ؟؟؟؟

_ لا شيئ ...

_ أبي هل مازلت تتخيل انك في المعمل

_ أبي ...سامحني ... أرجوك ... أقبل يدك ... لابد لنا ان نتأقلم مع الواقع .. لا بد لنا ان نستوعب بأن المعمل احترق بعد سقوط القنبلة عليه ... ولم يتبقى منه شيئ ... والحمد لله ان القنبلة نزلت في الليل ... وكانت الخسارة مادية فقط .. ارجوك أبي ... الله قدر ذلك .. اعتبرها نهاية خدمة لك ... واستراحة لك في البيت .. انت عانيت وتعبت .. وجاء الوقت حتى ترتاح



يتماسك قليلا ... ويتزن ... وينظر الى ابنه نظرة الموافقة ... ويعود الى فراشه بهدوء . ودون ان ينظر الى ولده يقول له :



الذهب ليس ذاك المعدن الاصفر الذي تتحلى به النساء ... الذهب هو ما تصنعه يداك ... فيكون تحفتك التي تنظر اليها وتبرق عيونك بها فتختلط مع دم قلبك فتسري في عروقك مجرى الدم .. وتستقر في رأسك فتسيطر على تفكيرك كله وتصبح هي اغلى ما تملك وتصبح طفلا من اطفالك
المعمل يا بني هو منجم الذهب ...

وقد فقدت المنجم .. وفقدت الذهب ... وفقدت طفلا من اطفالي



شد اللحاف على رأسه ..

اذهب يا بني .. واطفئ الضوء .. لابد لي من النوم

لان غدا يجب علي أن اسلم الكراسي الخمرية اللون .. وان اصرف الرواتب الى العمال ..



مع اجمل تحيات

نيسان