تأملات في سورة يوسف - فراشة
مرسل: 08 يناير 2022, 15:31
اليوم قرأتُ سورة يوسف كما لم أقرأها من قبل ربما.
وإني أتساءل : كيف نتساءل- بنَهم - عن كل شيء و نبحث -جهلا- عن الإجابات و لدينا سورة"يوسف"؟!
فيها تتجلى حكمة الله وحسن ودقة تدبيره عز وجل.
بدءا بأول حدث ( قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ). لو قُتل يوسف لانتهت الحكاية، لكن الله أراد أن يعلّمنا أحسن القصص..
(وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٞ فَأَرۡسَلُواْ وَارِدَهُمۡ فَأَدۡلَىٰ دَلۡوَهُۥۖ قَالَ يَٰبُشۡرَىٰ هَٰذَا غُلَٰمٞۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَٰعَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ (19) وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۢ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّٰهِدِينَ) . يغيّر الله الأمر من حال لحال بطريقته و قدرته العظيمة، ولا يكشف سبحانه الحلول والعِبر دفعة واحدة، بل تكون خطوة خطوة، فلربما قال قائل قبل أن يكمل السورة إن "يوسف" سيكون رجلا عاديا تكفّل به بعض الناس، و ستنتهي حكايته هكذا ناجيا حيّا.
لكن نكتشف شيئا فشيئا بأن"يوسف" سيكون له شأن كبير، ويقين بالله عظيم، و خوف أعظم ( قَالَ رَبِّ ٱلسِّجۡنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِۖ وَإِلَّا تَصۡرِفۡ عَنِّي كَيۡدَهُنَّ أَصۡبُ إِلَيۡهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ ) .
اختار السّجن الذي بدا محنة، لكنّه كان منحة ومنه جاء الفرج؛ رفيقيْ السجن وتفسير الرؤى، والتّمكين على خزائن الأرض بعدها!
كلّ هذا لأنّه اختار رضى الله "عز وجل" -في اختيار السّجن-( وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (56) وَلَأَجۡرُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ) .
يدبّر الله الأحداث بعدها، ويجعل إخوته يقصدونه من أقصى الأرض، ويضعهم سبحانه في امتحان آخر عن الأخوة، ويعلمنا "عز وجل" بأنهم مازالوا على حالهم من الغيرة والبهتان ( قَالُوٓاْ إِن يَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخٞ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفۡسِهِۦ وَلَمۡ يُبۡدِهَا لَهُمۡۚ قَالَ أَنتُمۡ شَرّٞ مَّكَانٗاۖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ).
"يوسف" كان حليما، حكيما في أفعاله و أقواله.
الحدث بعدها عن صبر "يعقوب" و حسن ظنّه بالله (قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ ). فَقَد ولديْن؛ الأول منهما منذ سنوات ومع ذلك مازال يأمل وينتظر؟ والثاني فقدُه جُرْح جديد ومع ذلك لم يجزع و يسخط. أي يقين هذا ؟!
حتى بعد أن تلقّى اللّوم ونُعت بالضلال لم يضعف يقينه (قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (86) يَٰبَنِيَّ ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَاْيَۡٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيَۡٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُون).
يعلمنا الله بعدها بأنّ ما ناله يوسف من جزاء وخير كان نتيجة لتقواه وصبره ( قَالُوٓاْ أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُۖ قَالَ أَنَا۠ يُوسُفُ وَهَٰذَآ أَخِيۖ قَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَآۖ إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ).
وحين اُتّهم "يعقوب" مرة أخرى بالضلال، جاءته البشرى، فلم ينس ربّه في لحظة الفرح الشديد ( فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ) . حتى آخر لحظة ظلّ "يعقوب" على إيمانه و ثباته و أكّد لنا بأن الله عند ظنّ عبده به حقا، فلنظن به ما نشاء.
وإني أتساءل : كيف نتساءل- بنَهم - عن كل شيء و نبحث -جهلا- عن الإجابات و لدينا سورة"يوسف"؟!
فيها تتجلى حكمة الله وحسن ودقة تدبيره عز وجل.
بدءا بأول حدث ( قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ). لو قُتل يوسف لانتهت الحكاية، لكن الله أراد أن يعلّمنا أحسن القصص..
(وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٞ فَأَرۡسَلُواْ وَارِدَهُمۡ فَأَدۡلَىٰ دَلۡوَهُۥۖ قَالَ يَٰبُشۡرَىٰ هَٰذَا غُلَٰمٞۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَٰعَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ (19) وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۢ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّٰهِدِينَ) . يغيّر الله الأمر من حال لحال بطريقته و قدرته العظيمة، ولا يكشف سبحانه الحلول والعِبر دفعة واحدة، بل تكون خطوة خطوة، فلربما قال قائل قبل أن يكمل السورة إن "يوسف" سيكون رجلا عاديا تكفّل به بعض الناس، و ستنتهي حكايته هكذا ناجيا حيّا.
لكن نكتشف شيئا فشيئا بأن"يوسف" سيكون له شأن كبير، ويقين بالله عظيم، و خوف أعظم ( قَالَ رَبِّ ٱلسِّجۡنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِۖ وَإِلَّا تَصۡرِفۡ عَنِّي كَيۡدَهُنَّ أَصۡبُ إِلَيۡهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ ) .
اختار السّجن الذي بدا محنة، لكنّه كان منحة ومنه جاء الفرج؛ رفيقيْ السجن وتفسير الرؤى، والتّمكين على خزائن الأرض بعدها!
كلّ هذا لأنّه اختار رضى الله "عز وجل" -في اختيار السّجن-( وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (56) وَلَأَجۡرُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ) .
يدبّر الله الأحداث بعدها، ويجعل إخوته يقصدونه من أقصى الأرض، ويضعهم سبحانه في امتحان آخر عن الأخوة، ويعلمنا "عز وجل" بأنهم مازالوا على حالهم من الغيرة والبهتان ( قَالُوٓاْ إِن يَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخٞ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفۡسِهِۦ وَلَمۡ يُبۡدِهَا لَهُمۡۚ قَالَ أَنتُمۡ شَرّٞ مَّكَانٗاۖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ).
"يوسف" كان حليما، حكيما في أفعاله و أقواله.
الحدث بعدها عن صبر "يعقوب" و حسن ظنّه بالله (قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ ). فَقَد ولديْن؛ الأول منهما منذ سنوات ومع ذلك مازال يأمل وينتظر؟ والثاني فقدُه جُرْح جديد ومع ذلك لم يجزع و يسخط. أي يقين هذا ؟!
حتى بعد أن تلقّى اللّوم ونُعت بالضلال لم يضعف يقينه (قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (86) يَٰبَنِيَّ ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَاْيَۡٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيَۡٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُون).
يعلمنا الله بعدها بأنّ ما ناله يوسف من جزاء وخير كان نتيجة لتقواه وصبره ( قَالُوٓاْ أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُۖ قَالَ أَنَا۠ يُوسُفُ وَهَٰذَآ أَخِيۖ قَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَآۖ إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ).
وحين اُتّهم "يعقوب" مرة أخرى بالضلال، جاءته البشرى، فلم ينس ربّه في لحظة الفرح الشديد ( فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ) . حتى آخر لحظة ظلّ "يعقوب" على إيمانه و ثباته و أكّد لنا بأن الله عند ظنّ عبده به حقا، فلنظن به ما نشاء.