ذكريات لا تنسى ...من ارشيفي و من ذكرياتي
مرسل: 21 ديسمبر 2021, 11:57
ذكريات لا تنسى
بداخل الحافلة المكتضة بين أجسام متلاحمة و عيون حائرة متعبة مشاغبة و روائح طيبة و أخرى خبيثة كانت هناء تشعر أنها محظوظة جدا لانها استطاعت الحصول على كرسي شاغر و قد استوى جالسا بالقرب منها رجل ذو لحية و شارب و تبدو عليه ملامح الطيبة و التهذيب .
لم تعتد هناء ركوب الحافلات لكن سيارتها تعرضت لعطل كبير اضطرها لمزاحمة الناس على الحافلات بعد أن عجزت قدراتها على توقيف سيارة أجرة .
وجهت ناظريها الى الخارج حتى لا تصطدم عيناها بأحد، فتضطر لمنحه مكانها أو تدخل في حديث ممل لا طاقة لها عليه بعد مشقة ساعات النهار الطويلة في الشركة حيث تعمل .
جاء القابض يقتطع التذاكر، فسبقها الرجل المهذب، يريد دفع ثمن تذكرتهما معا…نظرت اليه بغرابة فابتسم و أردف قائلا :ألم تعرفيني ؟ قطبت جبينها و أشارت برأسها :لا …اتسعت ابتسامته اكثر : حبيب …ثانوية العقيد لطفي، قسم الادب ،رقم ثلاثة .
أشرق وجهها فجأة و لمعت عيناها و قابلته بابتسامة أكبر و راحت تحاول دفع التذكرتين معا لكن القابض قال أنهما مدفوعتين سلفا من قبل السائق.
تطلع حبيب مشرئبا برأسه الى أعلى ليتعرف على هوية السائق، و اذا به كالمجنون يضحك، و يتناسى وجود كل الناس : من ؟ طارق ؟ انه طارق …يا للصدفة .
قرب حبيب وجهه نحو هناء يريد تذكيرها بطارق و سرعان ما رجعت اليها ذكريات الثانوية التي جمعتهم معا.
استدارت الى واجهة النافذة بعد ان شعرت بكل العيون تتفحصها حين لفت حبيب انتباه كل الراكبين نحوهما و تذكرت حدثا لطيفا جدا .
كان طارق حينها ولد مشاغب جدا بينما كانت هي و حبيب ولدين مهذبين و منضبطين .
اتفق بعض الزملاء يوما على الزيغ من الفصل، فراح طارق يخرجهم واحدا واحدا، حتى يضمن نجاح خطة الهروب ، و كاد ينتهي إلا من تلميذين اثنين فقط :هناء و حبيب.
اتجه الى هناء أولا… نظر اليها بحدة و أمرها بالخروج فوجهت اليه نظرة أقسى و أشد و قالت بكل قوة و برودة و بتشديد اللام : لا،فأشاح بناظريه عنها و لم ينطق بكلمة واحدة ،و توجه الى آخر المعارضين لفكرة الهروب من المدرسة.
اتجه صوبه و طلب منه مغادرة الصف... لكن حبيب الهزيل الجسم اذ ذاك رفض، فشدد عليه ثانية ،و لكنه رفض ،فأخذه بقبضة يد واحدة ودفعه دفعة قوية الصقته بالباب، و رفعه الى أعلى و حبيب يردد العبارة ذاتها : لا لا لا، و أحمر وجهه حتى لكأنه كاد يختنق، و ظنت هناء أنه قاتله ،ووقفت تشاهد الموقف في حيرة ،و ما كادت تفكر في ردة فعل مناسبة لإنقاذ حبيب حتى أفلته من تلقاء نفسه...تركه و شأنه واستمر حبيب في السعال لدقائق عديدة .
بقي المعارضين لوحدهما في القسم لدقائق …جلس قريبا منها محصورة انفاسه ،يكاد يبكي مما حصل معه ،و شعرت هناء بارتباكه و خجلهو قهره، و أحست في أعماقها بالرغبة في مواساته ،و لكنها بقيت جالسة من غير حراك .
عاد بقية التلاميذ فرادى الى أماكنهم واحدا تلو الآخر و استطاعت هناء و حبيب ان يفشلا خطة الهروب التي اتفق عليها اكثر من أربعين فردا...و عادت البسمة و الثقة بنفس حبيب مع خطوات اول عائد الى الصف.
لم تنس هناء ابدا منظر حبيب الضعيف و هو يقاوم، و هويرفض ان تملى عليه ارادة غيره ،و اعجبت بشخص هذا المخلوق الشجاع ... و رغم انها لم تعرب له ابدا عن احترامها له طيلة السنوات الثلاث التي جمعتها به في الثانوية، الا ان ذكراه بقيت محفورة في رأسهاطويلا و قد علمها ان الرجولة أخلاق لا عضلات .
بلغت الحافلة بهناء محطتها النهائية استدارت نحو حبيب …كادت تخرج من فمها كلمات تعبر له بها عن اعجابها به في تلك الفترة و في ذلك الموقف لكن …الزمن و المكان لم يسعفاها …ابتسمت في وجهه ثانية و قالت : سررت بلقائك ثانية …فتحت الحافلة أبوابها و ابتلعت أناسا جدد و غابت هناء في الزحام من جديد.
بداخل الحافلة المكتضة بين أجسام متلاحمة و عيون حائرة متعبة مشاغبة و روائح طيبة و أخرى خبيثة كانت هناء تشعر أنها محظوظة جدا لانها استطاعت الحصول على كرسي شاغر و قد استوى جالسا بالقرب منها رجل ذو لحية و شارب و تبدو عليه ملامح الطيبة و التهذيب .
لم تعتد هناء ركوب الحافلات لكن سيارتها تعرضت لعطل كبير اضطرها لمزاحمة الناس على الحافلات بعد أن عجزت قدراتها على توقيف سيارة أجرة .
وجهت ناظريها الى الخارج حتى لا تصطدم عيناها بأحد، فتضطر لمنحه مكانها أو تدخل في حديث ممل لا طاقة لها عليه بعد مشقة ساعات النهار الطويلة في الشركة حيث تعمل .
جاء القابض يقتطع التذاكر، فسبقها الرجل المهذب، يريد دفع ثمن تذكرتهما معا…نظرت اليه بغرابة فابتسم و أردف قائلا :ألم تعرفيني ؟ قطبت جبينها و أشارت برأسها :لا …اتسعت ابتسامته اكثر : حبيب …ثانوية العقيد لطفي، قسم الادب ،رقم ثلاثة .
أشرق وجهها فجأة و لمعت عيناها و قابلته بابتسامة أكبر و راحت تحاول دفع التذكرتين معا لكن القابض قال أنهما مدفوعتين سلفا من قبل السائق.
تطلع حبيب مشرئبا برأسه الى أعلى ليتعرف على هوية السائق، و اذا به كالمجنون يضحك، و يتناسى وجود كل الناس : من ؟ طارق ؟ انه طارق …يا للصدفة .
قرب حبيب وجهه نحو هناء يريد تذكيرها بطارق و سرعان ما رجعت اليها ذكريات الثانوية التي جمعتهم معا.
استدارت الى واجهة النافذة بعد ان شعرت بكل العيون تتفحصها حين لفت حبيب انتباه كل الراكبين نحوهما و تذكرت حدثا لطيفا جدا .
كان طارق حينها ولد مشاغب جدا بينما كانت هي و حبيب ولدين مهذبين و منضبطين .
اتفق بعض الزملاء يوما على الزيغ من الفصل، فراح طارق يخرجهم واحدا واحدا، حتى يضمن نجاح خطة الهروب ، و كاد ينتهي إلا من تلميذين اثنين فقط :هناء و حبيب.
اتجه الى هناء أولا… نظر اليها بحدة و أمرها بالخروج فوجهت اليه نظرة أقسى و أشد و قالت بكل قوة و برودة و بتشديد اللام : لا،فأشاح بناظريه عنها و لم ينطق بكلمة واحدة ،و توجه الى آخر المعارضين لفكرة الهروب من المدرسة.
اتجه صوبه و طلب منه مغادرة الصف... لكن حبيب الهزيل الجسم اذ ذاك رفض، فشدد عليه ثانية ،و لكنه رفض ،فأخذه بقبضة يد واحدة ودفعه دفعة قوية الصقته بالباب، و رفعه الى أعلى و حبيب يردد العبارة ذاتها : لا لا لا، و أحمر وجهه حتى لكأنه كاد يختنق، و ظنت هناء أنه قاتله ،ووقفت تشاهد الموقف في حيرة ،و ما كادت تفكر في ردة فعل مناسبة لإنقاذ حبيب حتى أفلته من تلقاء نفسه...تركه و شأنه واستمر حبيب في السعال لدقائق عديدة .
بقي المعارضين لوحدهما في القسم لدقائق …جلس قريبا منها محصورة انفاسه ،يكاد يبكي مما حصل معه ،و شعرت هناء بارتباكه و خجلهو قهره، و أحست في أعماقها بالرغبة في مواساته ،و لكنها بقيت جالسة من غير حراك .
عاد بقية التلاميذ فرادى الى أماكنهم واحدا تلو الآخر و استطاعت هناء و حبيب ان يفشلا خطة الهروب التي اتفق عليها اكثر من أربعين فردا...و عادت البسمة و الثقة بنفس حبيب مع خطوات اول عائد الى الصف.
لم تنس هناء ابدا منظر حبيب الضعيف و هو يقاوم، و هويرفض ان تملى عليه ارادة غيره ،و اعجبت بشخص هذا المخلوق الشجاع ... و رغم انها لم تعرب له ابدا عن احترامها له طيلة السنوات الثلاث التي جمعتها به في الثانوية، الا ان ذكراه بقيت محفورة في رأسهاطويلا و قد علمها ان الرجولة أخلاق لا عضلات .
بلغت الحافلة بهناء محطتها النهائية استدارت نحو حبيب …كادت تخرج من فمها كلمات تعبر له بها عن اعجابها به في تلك الفترة و في ذلك الموقف لكن …الزمن و المكان لم يسعفاها …ابتسمت في وجهه ثانية و قالت : سررت بلقائك ثانية …فتحت الحافلة أبوابها و ابتلعت أناسا جدد و غابت هناء في الزحام من جديد.