الجزء الأول:
رواية غريبة جدا.. ولعلها الأولى من نوعها فيما قرأت - إذا استثنيتُ ثلاثية (المخطوطة) لحسن الجندي فقد كانت شبيهة بها على ركاكة ما يكتب الجندي – وهو ما يمكن أن نطلق عليه (ملاحم الجن) !
كان الأسلوب ما بين الركيك والفصيح، إلا أنه مريح ولا يملأ القارئ المتذوق غيظا كمثل بعض الكتابات التي تضرب باللغة عرض الحائط ولا تبالي.. نفس طويل جدا وخيال خصب عجيب في رسم عالم بكامله مع بعض المبالغات التي لا تخطئها العين، وإنه من المستحيل في رأيي ألا تبالغ إذا ما شئت أن تُبدع عالما كاملا بقوانينه وشرح بعض غوامضه التي حارت فيها العقول، مع أن عالم الجن هذا موجود أصلا في عقيدة المسلم ولابد، إلا أنه لا يكاد يعلم عنه إلا النزر اليسير من بعض الكليات التي لا تزيل شيئا من غموضه، ولا تكشف له من حجابه ما يُشبع الفضول..
لكن.. الكاتب أقحم في معرض تقديمه للقصة وفي خاتمتها كذلك كلاما غريبا عن صراعه مع مجتمعه (السعودي) واتهام الناس له بالتحرر وما يُشبه هذا، فكانت تلك قطعا نشازا في الكتاب، وقد كان يكفيه أن يذكر قصة الرجل دون هذا الكلام الغامض الذي يجعل الكاتب فعلا مشكوكا في عقيدته. فمرة يذكر الله عز وجل ويمدحه ويُثني عليه، ومرة أخرى يبدو أن ما يهمه هو حرية التعبير والتحرر كما يقول الملاحدة واللاّدينيون.
ومما أزعجني كذلك بخصوص (عقيدة الكاتب) لا مبالاته في خضم (ملحمته) بإيمان بعض الجن من عدمه، بل إنه كان في مواجهة بعض المؤمنين منهم أحيانا وإن ادّعى نفاق بعضهم، ولكن ذلك لم يمنع كونه في صفّ الشياطين الكفار !
تارة تجده يحمد الله على عودته للمسجد بعد أحداث ووقائع عصفت به بعيدا عن بلاده وأهله، وتارة تراه يكيد الدسائس مع شياطين كفار، ولا يهتم إلا بخلاصه والاحتيال في ذلك.. وهكذا كان غموض عقيدة الكاتب الذي زاد بتلك المقاطع والمقولات المشبوهة مزعجا لي بصفتي قارئا مسلما يعتز بدينه ويدافع عنه. كما يمنعني هذا من منح أيّ تقييم لهذه الرواية، وإن كان خيالها مدوخا وأحداثها عجيبة من عجائب هذا الضرب من الأدب الغرائبي.
---
الجزء الثاني:
وجزء ثان من تلك القصة الغرائبية والملحمة العجيبة التي تدور وقائعها ما بين عالم الإنس والجن..
لعل جرعة المغامرة خفيفة بهذا الجزء نوعا، وكثافة الأحداث أقل. لكن الكاتب أنقد هذه القصة في ربعها الأخير بأن ضاعف من حدة التشويق والغرابة حتى تحافظ على ذوقها الذي اعتاده قارئ الجزء الذي سبق وإلا كانت لتكون (ناقصة الحلاوة).
هذا عموما هو انطباعي حول هذا الجزء، أقوله أمانة حتى أتفرّغ بعدها للنقد خالي البال..
حسن، قد أصرّ الكاتب مرة أخرى – بعد مرور حوالي ثلاث سنوات من صدور الجزء الأول – على تلك الشخصنة وذاك التبرم من الناس ومن ظلمهم له وعدم تفهمهم لمنطقه العقلي الخارق لشدة غبائهم. ولا يعدم الأغبياء في الناس.. ولكن هذا التباكي مجاني في هذا المقام، فلو خصص مقالا أو سلسلة مقالات أو حتى كتابا يوضح فيه مشكلته مع الناس، لكان أفضل.. ولكن ما علاقة هذا في قصة جن ؟
هو أصلا – الراوي / الكاتب - لا يريد أن يحكي لأحد عن تجاربه الغريبة وآرائه و(علمه) الذي تعلمه.. فلماذا تكسر رأس القارئ بالبكائيات والمظلوميات ؟
الأدهى من ذلك هو اتهامه الملتوي للمتدينين عموما بالتحجر والغباء، وكأنه لا يوجد متدين عادي عاقل يميز بين الحلال والحرام والعلوم الحميدة والأمور التي فيها فسحة، فضلا عن علماء كبار لهم من الحكمة والعلوم ما لا يفقه فيها هو حرفا !
ومن تجنيه على مظاهر (التديّن) وصفه لرجل على سمت النبي صلى الله عليه وسلم من ثوب فوق الكعب ولحية وسواك. وذِكر أنه لا يحب التعامل مع هؤلاء ومن على (مظهرهم).. كذا. لماذا التعميم هنا ؟ والحذر من التعميم في مواضع أخرى ؟.. ألم يكن هذا مظهر النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أعندك مشكل مع هذا المظهر أو مع بعض من يستغل هذا المظهر ؟ لأن طعنك في هذا (المظهر) بدون استثناء لا يُفهم منه إلا كرهك واشمئزازك منه.. ثم في موضع آخر تمدح (مظهر) شيطان يرتدي رداء أنيقا وربطة عنق حمراء ! هذا يزيد المرء شكا في عقيدة الكاتب بحق.
ثم لماذا طلب من (المتمشيخ) حلق لحيته بالكامل ؟ ما دليلك على أن العاصي لا ينبغي له العمل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية ؟.. هل قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ؟ هل قال (فليعفي الصالحون منكم لحاهم وليحلقها من دونهم) ؟.. وهذا بالمناسبة هو عذر الكثير ممن لا يصلون مثلا، فإنه يقول لك لا أصلي حتى لا أكون منافقا بسبب معاصي الكثيرة.. ويوم يهديني الله وأكف عن المعاصي.. أصلي. وهو قياس فاسد واضح فساده.
وهناك كذلك تهوين من شأن البدعة والقول بأنها (عائق) أمام تعلم الجديد والمفيد. وهذا جهل بمعنى البدعة، فالبدعة متعلقة بالدين وليس بأمور الدنيا والعلوم المفيدة، وأما الدين فليس من حق أحد أن يأتي فيه بجديد، إلا ما كان من اجتهادات الفقهاء المتمكنين في مسائل فرعية يقدرونها بقدرها.. وإلا فهي البدعة والإثم الكبير.
بل إنه اعتزل حتى صلاة الجمعة لأسبوعين، ثم يشرح بعدها مباشرة حديث (تُنكح المرأة لأربع) لصاحبه بثقة عجيبة.. وماذا عن أحاديث هجر الجمع والجماعات يا شيخ ؟
هذا عن غموض (عقيدة) الكاتب.. أما العيوب الأخرى في القصة برأيي. فخذ عندك - مثلا - استغراب الراوي شك الناس فيه وفي غرابته وعقيدته وهو يفرط في الغرابة والشذوذ عن المألوف.. كيف تريد من الناس ألا يظنوا بك الظنون وأنت تطلي جدران بيتك وسقفك بالأسود ؟ وتعيش في ظلام دامس ؟.. بل الغريب ألا يروا ذلك غريبا !
وأيضا.. كيف تنفي وجود التلبس وما دليلك ؟ أم كل ما لا يعجبك فهو خرافة ؟.. ألم تستغرب في الجزء الأول من طرق تشكل الجن وتصرفاتهم، وقلت أنك لن تفهم عالمهم تماما مهما فعلت.. فما بالك الآن صرت تفهم كل شيء عنهم ؟ بحيث تنفي وتثبت.. وأنت تشك في الأحداث كلها من الأصل ؟
ومن ذلك (اليقين الغريب) أيضا إصراره على أن صاحبه الذي ادعى رؤية قط أسود واقف على قائمتيه الخلفيتين، أنه رآه حقا ولم يتوهمه ! وهو يظن أنه توهم كل ما مرّ به !
وبخصوص الأسلوب واللغة، فإني رأيت مبالغة مزعجة في الأسئلة الاستنكارية في هذا الجزء والجزء الذي سبقه. أسئلة من قبيل: نفعل ماذا ؟ ماذا تقول ؟ ماذا تريد ؟.. رغم أن المسؤول عنه يكون واضحا جدا أحيانا.. إلخ.
كذلك الحوارات بطيئة جدا وممطوطة، والسخرية فيها غير (ساخرة) وتحتاج إعادة صياغة حتى تخرج عن بعض الركاكة والتكلّف..
وختاما هذه ملاحظتان لغويتان: هل نقول (التفت عليه) ؟ وأيضا ورد في جملة (كي أفهم ولو (جزء) (يسير) من غرابة تصرفاتك).. والصواب (جزءا يسيرا).
والله أعلم.
خالد
مراجعة رواية (خوف) بجزئيها لأسامة المسلم - رفعت خالد
قوانين المنتدى
لا نشارك الكتب الرقمية هنا، لكي لا نحمل وزر السرقات الأدبية.. من أراد كتابا يبحث عنه.
لا نشارك الكتب الرقمية هنا، لكي لا نحمل وزر السرقات الأدبية.. من أراد كتابا يبحث عنه.
- خالد
- مدير المنتدى
- مشاركات: 2769
- اشترك في: 27 إبريل 2021, 22:19
- مكان: المغرب
- اتصال:
- حمزة إزمار
- مشرف عام
- مشاركات: 1114
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 07:13
- مكان: المغرب
- اتصال:
Re: رواية (خوف) لأسامة المسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي خالد لو رآك "المتفتحون" ورأو مراجعتك هذه لملأوا الدنيا صراخا ههههه
أحسنت، ملاحظاتك في محلها.. وأنا أيضا قرأت لحسن الجندي ( المخطوطة)، والحقيقة أني لم استشعر ركاكتها بسبب الأحداث التي أخذتني وجعلتني أحلق معها..
مشكور على مراجعتك، ربما أقرأها مستقبلا^^
أخي خالد لو رآك "المتفتحون" ورأو مراجعتك هذه لملأوا الدنيا صراخا ههههه
أحسنت، ملاحظاتك في محلها.. وأنا أيضا قرأت لحسن الجندي ( المخطوطة)، والحقيقة أني لم استشعر ركاكتها بسبب الأحداث التي أخذتني وجعلتني أحلق معها..
مشكور على مراجعتك، ربما أقرأها مستقبلا^^
- خالد
- مدير المنتدى
- مشاركات: 2769
- اشترك في: 27 إبريل 2021, 22:19
- مكان: المغرب
- اتصال:
Re: رواية (خوف) لأسامة المسلم
هذا الكاتب يجيد كتابة (الملاحم) وهو أدب لوحده.. يتمكن من القارئ تماما، بحيث قد تقرأ مجلدات متتابعة وأنت لا تشعر من فرط التشويق.
- خالد
- مدير المنتدى
- مشاركات: 2769
- اشترك في: 27 إبريل 2021, 22:19
- مكان: المغرب
- اتصال:
Re: رواية (خوف) لأسامة المسلم
وله ملحمة (بحرية) عن كائنات تحت البحر.. ربما وصل فيها للجزء الخامس أو الرابع.
- حمزة إزمار
- مشرف عام
- مشاركات: 1114
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 07:13
- مكان: المغرب
- اتصال:
Re: رواية (خوف) لأسامة المسلم
هل توجد على صيغة epub?
- خالد
- مدير المنتدى
- مشاركات: 2769
- اشترك في: 27 إبريل 2021, 22:19
- مكان: المغرب
- اتصال:
Re: رواية (خوف) لأسامة المسلم
نعم.. أعتقد ذلك
- حمزة إزمار
- مشرف عام
- مشاركات: 1114
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 07:13
- مكان: المغرب
- اتصال:
Re: رواية (خوف) لأسامة المسلم
هل يمكنك أن ترسلها لي؟