رواية إيكادولي - مراجعة خالد (4.00)
مرسل: 13 نوفمبر 2021, 22:33
بسم الله الرحمن الرحيم
أما قبل.. فإني أشكر للكاتبة محاولتها عدم الخروج عن سكة الشرع، وهذا – أي مجرد المحاولة - من أندر ما يكون عليه كتابنا اليوم، لاسيما الذين استهواهم الخيال وتخطّفتهم الروايات. مع أن الكاتبة ورطت نفسها في (مواقف) لم تعرف كيف تكون موافقة فيها للشرع تمام الموافقة. مثل اتفاق الحبيبين على لقاء جنب الشاطئ.. ثم كان السلام وفرحة اللقاء والكلام، فابتسام فزلة لسان من (الحبيب)، قبل أن يستغفر الله. في حين أن الصواب ألا يُضرب لقاء فيه خلوة بين رجل وامرأة لا تحل له أصلا. فإن تم وقوع ذلك – بطريقة ما – فالواجب على من أراد إيصال الطريقة الشرعية الصافية أن يُصوّب الخطأ بما استطاع من الأساليب الأدبية غير المباشرة. أو إن شاء ترك هذا المشهد من أساسه فلا يذكر منه شيئا.
هذا والإنسان خطاء بطبعه، وقد يضعف في واقع حياته ويسقط في خلوة لا تجوز أو أشنع منها، ويقوم ويتوب ويكتم ما كان منه ويسأل الله الستر والمغفرة. ولكن ما الذي ألجأ الكاتبة لهذا الزلل (المتعمد) في الخيال وقد كانت في غنى عنه ؟ فإن قلنا وقع ذلك في القصة كما يقع في الحياة، فأين التصويب ؟ من باب الدقة والأمانة لا من باب التشدد والتعسير.
وإنما ذكرت ما ذكرت لأن ثمة جحافل من الشباب الناشئ يُقبلون على أمثال هذه الروايات على أنها (إسلامية) طاهرة، فيأخذونها كافة ويجعلون من (أبطالها) قدوات. وربما قال قائلهم سألتقي حبيبتي في (الكورنيش) كما فعل أنس وأقول لها (إيكادولي) بصوت عميق ذو معنى ! وأتبادل معها أجزاء (مملكة البلاغة) ثم تخجل وتقول وهي تضغط على يدي (أستغفر الله) !
ألا فليتحرّ الدقة والأمانة من أراد إيصال صورة نقية أصلية عن هذا الدين العظيم ولا أقصد المثالية، فليس بشر بمثالي.. ولكن لا يخلطنّ بين النقيضين. كمن كتب تحت عنوان قصة (رومانسية) خطها بيده: قصة حب وغرام عياذا بالله !
وما هي إلا قصة حب آخر الأمر. وإن لفها غلاف من الخيال والفانتازيا. لا أقول قصة حب داخل ملحمة خيالية كبرى. بل قصة حب كبرى في داخلها مشاهد خيالية ركيكة..
وإنه لعجيب حقا كيف لا تستطيع أكثر الكاتبات فيما رأيت التخلي عن (الغرام) – مدحا أو ذما - حتى في قصص المغامرات والجريمة والحروب ؟
وما الحب بشقيه - الحلال والحرام - إلا مزاج من أمزجة البشر. معقد جدا، ولا يقر له قرار. قد أعجز من قبلنا من الحكماء والمتأملين.. حتى لا نكاد نسمع اليوم من الآراء إلا رأي من يصرخ أن الحب انقرض، وذهب مع الأولين. أو ذاك الذي يكاد ينشد قصيدة غزل في وجه كل من تمر أمامه ! فالمبالغة في إبراز هذا الشعور البشري الغريزي أو الاقتصار عليه من دون باقي الأمزجة والحالات البشرية ينتهي إلى شيء من ثلاثة لا رابع لها.. إما إلى ابتذال وسُخف وإما إلى إباحية وسُعار وإما إلى يأس وكآبة.
وبعيدا عن الغرام المثالي الممل الذي في (الرواية)، فإن ما أثقل على قلبي حقا هو غياب أي عمق أو (ارتفاع) لهذا الشيء الذي قرأت. مجرد أحداث ساذجة بلهاء بعضها يتلو بعضا ووصف ثقيل متكلف للجو والضباب وأوراق الشجر.. وليس الأهم كما هو معلوم تسلسل الأحداث والوصف والعلاقات. ولكن ما وراء ذلكم من التأملات التي اختمرت في ذهن الكاتب والحكم البليغة المراد تبليغها. فأنا لم أحمل الكتاب لأعرف فقط أن أنس شاب مليح وفلانة فتاة حسناء رقيقة هفهافة وقعت في حبال حبه !
ومسألة العمق هذه راجعة للكاتب نفسه وليس للنوع الأدبي.. وإن من قصص الأطفال لما يعدّ في الروائع الخالدات !
وكما قلتُ لصديق لي أكلمه في شأن الرواية التي كان قرأها قبلي.. عندما (يتجرأ) الكاتب على تقديم عمل يبلغ من الضحالة في الخيال والفكر معا مستوى دون المعدل بكثير.. يقدمه على أنه أدب أو (خيال أدبي). فلستُ ملزما بتفكيك هذا العمل ووصف سرده ووتيرة مشاهده وفصوله.. وأنا لا أراه أدبا أصلا !
يؤسفني أن يكون وقع كلامي على الكاتب قاسيا محطما، لأني جربت ذلك بنفسي ووجدت منه ما لم يعجبني.. ولكن هناك مستويات (خطيرة) من الضحالة إما أن ينظر لها الكاتب بجدية بغرض مراجعة طرق كتابته من البداية وما يقرأ وما لا يقرأ من ألوان الفكر والأدب التي تعطيه العمق المطلوب أو أنه ماض في طريق وهمية يحفها التصفيق الزائف.
وهنا أنهي مراجعتي لهذا (العمل) معتذرا للكاتبة إذا وقعت عينها على كلامي لشدته ولكنها شدة موقظة إن شاء الله لا محطمة. وفي ما يلي بعض الملاحظات التي دونتها في مسيرة قراءتي:
- ما قصة الكاتبة مع الخدوش والجروح ؟.. كل حركة لابد أن تجرح أحدهم!
- جاء في الرواية أن العام الذي جرت فيه الوقائع كان مائة ونيف، تذكرت هذا عندما كان (كومبو) يتلو القرآن على أنس المسحور.. فلابد أن يكون التاريخ بالتقويم الهجري وهو ما لم تشر له الكاتبة، وأما إن كان بالتقويم الميلادي، فالقرآن الكريم لم يكن في ذاك التاريخ؟
- كيف يترأس أنس جيشا من المحاربين لينازل فرسانا مدربين وهو لم يحمل فيما يبدو سيفا في حياته؟
- دخل أنس قصر كمشاق بالضبط قبل أن يثقبوا قلب صديقه كلودة.. ومثل هذه (المصادفات المزعجة) تكررت في الرواية مرات عدة.
- أي كتاب هذا الذي تدور صفحاته وتظهر فيها الكلمات باللغة الأصلية أولا ثم تتلاشى لتحل محلها معانيها العربية.. هل هو آيباد!
- "أُحبُّك؛ تعني أن أُقبل عليك لأحدّثك بخواطري، ثمّ أدّخر الكلمات فتحدث ضجيجًا في نفسي، فأعقد عليها حتى يضمّنا العشّ وأعطيك الميثاق، فأسكبها لحنًا شجيًا في أذنيك، فيخفت الضجيج وأسكن إليك."
كنت أفهم الحب.. ولكن بعد أن قرأتُ هذا ما عدت أفهمه والله المستعان!
- كيف كان حمل الصقر لأنس بعد استرداد كتابه وكذلك حمل الفتاة.. هل بغرس المخالب في لحم الكتف ؟
- عندما صارت الملكة حوراء ترى بعين البومة البيضاء، وحطت فوق كتفها والتفتت لتراها قالت أن لونها رائع !.. كيف وهي ترى بعينيها؟ أليس المفروض أن ترى وجهها هي إذا نظرت للبومة؟
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وسلم.
أما قبل.. فإني أشكر للكاتبة محاولتها عدم الخروج عن سكة الشرع، وهذا – أي مجرد المحاولة - من أندر ما يكون عليه كتابنا اليوم، لاسيما الذين استهواهم الخيال وتخطّفتهم الروايات. مع أن الكاتبة ورطت نفسها في (مواقف) لم تعرف كيف تكون موافقة فيها للشرع تمام الموافقة. مثل اتفاق الحبيبين على لقاء جنب الشاطئ.. ثم كان السلام وفرحة اللقاء والكلام، فابتسام فزلة لسان من (الحبيب)، قبل أن يستغفر الله. في حين أن الصواب ألا يُضرب لقاء فيه خلوة بين رجل وامرأة لا تحل له أصلا. فإن تم وقوع ذلك – بطريقة ما – فالواجب على من أراد إيصال الطريقة الشرعية الصافية أن يُصوّب الخطأ بما استطاع من الأساليب الأدبية غير المباشرة. أو إن شاء ترك هذا المشهد من أساسه فلا يذكر منه شيئا.
هذا والإنسان خطاء بطبعه، وقد يضعف في واقع حياته ويسقط في خلوة لا تجوز أو أشنع منها، ويقوم ويتوب ويكتم ما كان منه ويسأل الله الستر والمغفرة. ولكن ما الذي ألجأ الكاتبة لهذا الزلل (المتعمد) في الخيال وقد كانت في غنى عنه ؟ فإن قلنا وقع ذلك في القصة كما يقع في الحياة، فأين التصويب ؟ من باب الدقة والأمانة لا من باب التشدد والتعسير.
وإنما ذكرت ما ذكرت لأن ثمة جحافل من الشباب الناشئ يُقبلون على أمثال هذه الروايات على أنها (إسلامية) طاهرة، فيأخذونها كافة ويجعلون من (أبطالها) قدوات. وربما قال قائلهم سألتقي حبيبتي في (الكورنيش) كما فعل أنس وأقول لها (إيكادولي) بصوت عميق ذو معنى ! وأتبادل معها أجزاء (مملكة البلاغة) ثم تخجل وتقول وهي تضغط على يدي (أستغفر الله) !
ألا فليتحرّ الدقة والأمانة من أراد إيصال صورة نقية أصلية عن هذا الدين العظيم ولا أقصد المثالية، فليس بشر بمثالي.. ولكن لا يخلطنّ بين النقيضين. كمن كتب تحت عنوان قصة (رومانسية) خطها بيده: قصة حب وغرام عياذا بالله !
وما هي إلا قصة حب آخر الأمر. وإن لفها غلاف من الخيال والفانتازيا. لا أقول قصة حب داخل ملحمة خيالية كبرى. بل قصة حب كبرى في داخلها مشاهد خيالية ركيكة..
وإنه لعجيب حقا كيف لا تستطيع أكثر الكاتبات فيما رأيت التخلي عن (الغرام) – مدحا أو ذما - حتى في قصص المغامرات والجريمة والحروب ؟
وما الحب بشقيه - الحلال والحرام - إلا مزاج من أمزجة البشر. معقد جدا، ولا يقر له قرار. قد أعجز من قبلنا من الحكماء والمتأملين.. حتى لا نكاد نسمع اليوم من الآراء إلا رأي من يصرخ أن الحب انقرض، وذهب مع الأولين. أو ذاك الذي يكاد ينشد قصيدة غزل في وجه كل من تمر أمامه ! فالمبالغة في إبراز هذا الشعور البشري الغريزي أو الاقتصار عليه من دون باقي الأمزجة والحالات البشرية ينتهي إلى شيء من ثلاثة لا رابع لها.. إما إلى ابتذال وسُخف وإما إلى إباحية وسُعار وإما إلى يأس وكآبة.
وبعيدا عن الغرام المثالي الممل الذي في (الرواية)، فإن ما أثقل على قلبي حقا هو غياب أي عمق أو (ارتفاع) لهذا الشيء الذي قرأت. مجرد أحداث ساذجة بلهاء بعضها يتلو بعضا ووصف ثقيل متكلف للجو والضباب وأوراق الشجر.. وليس الأهم كما هو معلوم تسلسل الأحداث والوصف والعلاقات. ولكن ما وراء ذلكم من التأملات التي اختمرت في ذهن الكاتب والحكم البليغة المراد تبليغها. فأنا لم أحمل الكتاب لأعرف فقط أن أنس شاب مليح وفلانة فتاة حسناء رقيقة هفهافة وقعت في حبال حبه !
ومسألة العمق هذه راجعة للكاتب نفسه وليس للنوع الأدبي.. وإن من قصص الأطفال لما يعدّ في الروائع الخالدات !
وكما قلتُ لصديق لي أكلمه في شأن الرواية التي كان قرأها قبلي.. عندما (يتجرأ) الكاتب على تقديم عمل يبلغ من الضحالة في الخيال والفكر معا مستوى دون المعدل بكثير.. يقدمه على أنه أدب أو (خيال أدبي). فلستُ ملزما بتفكيك هذا العمل ووصف سرده ووتيرة مشاهده وفصوله.. وأنا لا أراه أدبا أصلا !
يؤسفني أن يكون وقع كلامي على الكاتب قاسيا محطما، لأني جربت ذلك بنفسي ووجدت منه ما لم يعجبني.. ولكن هناك مستويات (خطيرة) من الضحالة إما أن ينظر لها الكاتب بجدية بغرض مراجعة طرق كتابته من البداية وما يقرأ وما لا يقرأ من ألوان الفكر والأدب التي تعطيه العمق المطلوب أو أنه ماض في طريق وهمية يحفها التصفيق الزائف.
وهنا أنهي مراجعتي لهذا (العمل) معتذرا للكاتبة إذا وقعت عينها على كلامي لشدته ولكنها شدة موقظة إن شاء الله لا محطمة. وفي ما يلي بعض الملاحظات التي دونتها في مسيرة قراءتي:
- ما قصة الكاتبة مع الخدوش والجروح ؟.. كل حركة لابد أن تجرح أحدهم!
- جاء في الرواية أن العام الذي جرت فيه الوقائع كان مائة ونيف، تذكرت هذا عندما كان (كومبو) يتلو القرآن على أنس المسحور.. فلابد أن يكون التاريخ بالتقويم الهجري وهو ما لم تشر له الكاتبة، وأما إن كان بالتقويم الميلادي، فالقرآن الكريم لم يكن في ذاك التاريخ؟
- كيف يترأس أنس جيشا من المحاربين لينازل فرسانا مدربين وهو لم يحمل فيما يبدو سيفا في حياته؟
- دخل أنس قصر كمشاق بالضبط قبل أن يثقبوا قلب صديقه كلودة.. ومثل هذه (المصادفات المزعجة) تكررت في الرواية مرات عدة.
- أي كتاب هذا الذي تدور صفحاته وتظهر فيها الكلمات باللغة الأصلية أولا ثم تتلاشى لتحل محلها معانيها العربية.. هل هو آيباد!
- "أُحبُّك؛ تعني أن أُقبل عليك لأحدّثك بخواطري، ثمّ أدّخر الكلمات فتحدث ضجيجًا في نفسي، فأعقد عليها حتى يضمّنا العشّ وأعطيك الميثاق، فأسكبها لحنًا شجيًا في أذنيك، فيخفت الضجيج وأسكن إليك."
كنت أفهم الحب.. ولكن بعد أن قرأتُ هذا ما عدت أفهمه والله المستعان!
- كيف كان حمل الصقر لأنس بعد استرداد كتابه وكذلك حمل الفتاة.. هل بغرس المخالب في لحم الكتف ؟
- عندما صارت الملكة حوراء ترى بعين البومة البيضاء، وحطت فوق كتفها والتفتت لتراها قالت أن لونها رائع !.. كيف وهي ترى بعينيها؟ أليس المفروض أن ترى وجهها هي إذا نظرت للبومة؟
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وسلم.