صفحة 1 من 1

شتاء ولكن.. - (رفعت خالد)

مرسل: 30 إبريل 2021, 17:42
بواسطة خالد
فهمتُ بعد نصف ساعة من الضجيج أن شيئا ما ينقر زجاج نافذتي..

اعتدلتُ على السرير أفرك عينيّ بعنف كأني أدخلهما بعدما خرجتا من المحجرين !

ما هذا ؟.. مطر ؟.. نعم إنها قطرات المطر الحبيب.. شكرا على إيقاظي، هذا لطف كبير.. لكنه الأحد، وكنتُ أمنّي نفسي بنوم دافئ بعد صلاة الفجر، لكن.. خير

طق طق طق..

حملتُ إبريق القهوة بعد أن أطفأت الموقد بحركة سريعة.. وتوجهتُ بخطوات مرحة إلى الثلاجة لأخرج.. الجبن والمربى والبيض والزيتون الأسود وأشياء غريبة أخرى..

أغلقت الثلاجة بقدمي لأن يديّ مشغولتان.. عجيب أمر هذه الثلاجة.. تحتكر وحدها فصل شتاء أبدي..

طق طق طق..

يبدو أن الشوارع الآن قد امتلأت ببرك غائرة من المياه.. كم هو جميل أن يتوقف الناس عن ركضهم اليومي لسبب ما.. حتى يتأملوا آيات الله الكونية، من عواصف وشتاء وثلج.. هذا يُذكرهم على الأقل أنهم لا يُدبّرون حياتهم كما يعتقدون.. لن تصل يا حبيبي إلى العمل مع الثامنة إلا ربع لأنك تريد هذا.. فهناك أمطار غزيرة وزحام والطريق مسدود.. لن تلبسي تنورة ضيقة اليوم أيتها المتبرجة العنيدة كما كنت تخططين.. وستسترين جسدك مُرغمة.. ما رأيك ؟

لن تشاهدي اليوم - سيدتي - الحلقة الثامنة بعد الألف من المسلسل التركي (أحبك حبيبي) لأن يبدو أن هناك عطب تقني بمركز الكهرباء الخاص بالحي نتيجة الأمطار الغزيرة.. آسف حقا !

طق طق طق.. ويستمر الشتاء الحبيب..

فرغتُ من الأكل أخيرا.. من رأى المائدة الآن سيقول أن وليمة حافلة كانت مُقامة هنا قبل لحظات ولن يخطر بباله أنه مجرد إفطار شاب أعزب فوضوي !
قمتُ بتثاقل إلى النافذة لألقي نظرة.. ألصقتُ أنفي بالزجاج وربما كانت ملامحي حينها تُشبه ملامح طفل في الرابعة من العمر..

كنتُ أمضغ آخر ما تبقى من الخبزة - وليس من الشطيرة كما يقول الكتاب المهذبون - فإذا بي أتوقف عن المضع، وإذا بعيني تتسعان وبفمي ينفتح..
الشوارع جافة تماما.. أي شيء هذا ؟.. أين البرك الغائرة ؟ أين الزحام ؟

من أين يأتي هذا المـ...

ااه أيها الجار غريب الأطوار.. هذه إحدى فعلاتك إذا !.. لا أدري لماذا هو مولع بتنظيف منزله يوميا بكميات هائلة من المياه ؟.. وفي وقت مبكر كهذا ؟ ثم لماذا يفرغ ماء غسيله على نافذتي ؟ لماذا أنا بالضبط ؟

على كل حال.. أنا أيضا لم أكن أخطط لهذا.. كنت أريد نوما دافئا مديدا، فإذا بي أستيقظ على صوت رومانسي للشتاء، جعلني أتناول إفطاري وأنا أرتعش من دون برد ! لأكتشف بالنهاية الحقيقة المرة..

غيّرتُ ملابسي وتأملتُ وجهي في مرآة الحمام برهة من الوقت قبل أن أقول بصوت صارم:

- حسن يا جاري العزيز، يجب أن أكلمك حالا في أمر مهم..

وغادرتُ الحمام بخطوات سريعة..


رفعت خالد
2012

صورة

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 30 إبريل 2021, 18:07
بواسطة منيرة
لي عودة خالد ^^ان شاء الله

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 30 إبريل 2021, 21:40
بواسطة فراشة سماوية
السلام عليكم

لا ادري لمَ دق قلبي وخفت جدا من تطوارت مرعبة حينما لم يجد مطرا حقيقيا..
توقعت أن تأخذنا لمجال الرعب كعادتك هه
الحمد لله أنها كانت مجرد قطرات غسيل أو هذا ما بدا !

شكرا لك على هذا النص..
وعلى فكرة المنتدى قبل كل شيء^^

تحياتي

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 01 مايو 2021, 11:36
بواسطة حمزة إزمار
السلام عليك ورحمة الله ةبركاته..
أخي خالد هذه قصة الجار المشاغب هه
مريعة بالفعل، تخيل أن يحدث لك ذلك ^^

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 01 مايو 2021, 12:23
بواسطة خالد
فراشة سماوية كتب:السلام عليكم

لا ادري لمَ دق قلبي وخفت جدا من تطوارت مرعبة حينما لم يجد مطرا حقيقيا..
توقعت أن تأخذنا لمجال الرعب كعادتك هه
الحمد لله أنها كانت مجرد قطرات غسيل أو هذا ما بدا !

شكرا لك على هذا النص..
وعلى فكرة المنتدى قبل كل شيء^^

تحياتي
مرحبا أختي فراشة.. يسعدني أن المنتجع راق للجميع، أتمنى أن يُستعمل فيما يرضي الله.. ولازالت أفكار أخرى قادمة بإذن الله.
وقد آثرت ألا تكون أولى قصصي هنا في الرعب والخوف.. رأفة بالضيوف الكرام الذين تحملوا عناء السفر ليأتونا، فليس من اللائق أن أصرخ في وجوههم ما إن أفتح لهم الباب ^^

شكرا.

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 01 مايو 2021, 12:26
بواسطة خالد
حمزة إزمار كتب:السلام عليك ورحمة الله وبركاته..
أخي خالد هذه قصة الجار المشاغب هه
مريعة بالفعل، تخيل أن يحدث لك ذلك ^^
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
إنه (رعب الجار غريب الأطوار) ^^
وكما يقول المغاربة (وربما غيرهم كذلك): الجار قبل الدار..

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 08 مايو 2021, 23:51
بواسطة وفاء
ذكرتني قصتك بخاطرة كتبتها عن جارتي ههه سأبحث عنها وأضعها.
رب ضارة نافعة، لقد استمتعت ولو للحظات بسبب جارك، فما أجمل أن تستيقظ على صوت المطر

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 10 مايو 2021, 12:06
بواسطة خالد
أسيل كتب:ذكرتني قصتك بخاطرة كتبتها عن جارتي ههه سأبحث عنها وأضعها.
رب ضارة نافعة، لقد استمتعت ولو للحظات بسبب جارك، فما أجمل أن تستيقظ على صوت المطر
نعم.. إلا أنها كانت قصة من وحي الخيال ^^

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 05 سبتمبر 2021, 12:05
بواسطة عالم القصص
تمت القراءة^^. قصة بديعة رغم انها روتينية الأحداث أو التناول لكن مفرداتك الفصيحة أكسبتها حلة رائعة. ويا حبذا لو كان الخط كبير لكانت المتعة أكبر. وصف جميل للاشياء كأنني اشاهد حلقة تلفزيونية من مسلسل درامي
لك تحياتي مديرنا الرائع

Re: شتاء ولكن..

مرسل: 05 سبتمبر 2021, 12:07
بواسطة خالد
بارك الله فيك أخي الكريم.. هذا لطف منك ^^
هي قصة قديمة، حين كنت أكتب على سجيتي دون تخطيط..
بخصوص الخط، لقد كبرته قليلا، بحيث قد لا يحتاج لتضخيمه ليكون مريحا..
شكرا صديقي

Re: شتاء ولكن.. - (رفعت خالد)

مرسل: 06 سبتمبر 2021, 22:27
بواسطة جويدة
يحتاج هذا الجار البائس لحديث قصير و ركن للزاوية .
احببت هذه القصة جدا..بكل تفاصيل الشتاء و محظوراته .
بدا اابطل طفلا ودودا و مشاغبا في ذات الوقت .

Re: شتاء ولكن.. - (رفعت خالد)

مرسل: 06 سبتمبر 2021, 22:31
بواسطة خالد
شكرا جويدة على التعليق اللطيف..
أحب القصص التي تحمل مفاجآت ^^