المنتجـع الأدبي

السلام عليكم ورحمة الله ^^

خطر لي أن يصنع كل واحد منا موضوعا في قسم الخواطر يسميه (شذرات فلان)، يضع فيه كل حين تلك الخواطر القصيرة جدا من قبيل التغريدات وتلك الكلمات المقتضبة التي نخطها بسرعة عندما تنبت فكرة ما في عقولنا..

فلعلها فكرة موفقة إن شاء الله..

1. كأن بعضهم يقف أمام المرآة كل صباح وهو على أتم أناقته فيرفع يده اليمنى باستقامة ثم يتلو بجدية: أقسم أن أقول اليوم الكذب.. ولا شيء غير الكذب!

2. ننسى كثيرا - وأنسى - أن الآخرين ضعفاء بدورهم، كل بطريقته. فلا نعذرهم ولا نرحمهم كما نحب أن نرحم.. ولا نترك لهم هامش الخطأ الإنساني (المشروع) الذي نريد التمتع به كاملا غير منقوص..

3. يبدو أحيانا أن المال من يملك البشر لا العكس.. وهذا مخيف !

4. أصدق ما يكون الرجل مع نفسه وهو يبكي..

5. من الرحمة بالنفس أن تعرف لنفسك قدرها، وما هي مسؤولة عنه وما لا يعنيها، وما يليق بها وما لا يليق، وما تقدر على المنافسة فيه وما لا تقدر. ولذلك لا معنى - مثلا - للوم الشاب نفسه أن أخفق في الزواج من فتاة كان يريدها فاختارت غيره، إذا لم يكن قادرا مستطيعا للباءة، لا مال ولا عمل. وكان للآخر من ذلك ما يسرّ الفتاة ويقرّ عينها وأهلها ! وإن ذلك لقاسٍ محطم للقلوب، وإن ذلك لمما بكى له الشعراء والفرسان وندبوا حظوظهم، إذ ظفر بمن كانوا يحبون وصالهن من لا فروسية لهم ولا شعر ولا ذكاء، ولكن للحياة قواعد أخرى..

6. أن تكون واضحا كقارورة المياه المعدنية بلا مداراة أو كتمان وسط مخلوقات مخادعة غامضة.. نوع من (الانتحار الاجتماعي) !

7. بصراحة.. ومن منطلق الضعف الإنساني، وبعيدا عن المثاليات.. نحن نشعر ببرد الوحدة إزاء التجاهل. فالمرء بحاجة دائمة لمن يسمعه إذا تكلم، ويعذره إذا اعتذر، ويشكره في حال قدم ما يوجب الشكر، ويوصيه بالحق ويوصيه بالصبر، وفي زماننا لا عجب أن ينتظر المرء من (يعلق أو يعجب) بما ينشر !

8. عندما يتكلمون عن فضائل (القراءة) ومنافعها إنما يريدون فضائل العلم والمعرفة والفصاحة وسعة الإدراك وحسن التعبير والفهم والإفهام والربط بين المفاهيم.. إلى غير ذلك من المواهب التي لا يترك بعضها إذا لم تدرك كلها.. وما ذكرهم لفعل (القراءة) إلا لكون الكتب مصدر كل ذلكم.

9. غفلتنا عن تقدم الزمن مشكل، وكذلك إدراكنا الدائم له مشكل..

10. ولعلّ أضواء تلوح لنا بآخر النفق..

11. عندما ننسى مخاوفنا أو نغفل عنها ولو خطأ، ونعمل بصمت واستسلام، وبلا حساب للزمن. عندها يمتلئ رصيد الخبرة وترتفع الأسهم وتتقدم الأشغال. حتى إذا عاد شبح الخوف الأسود بابتسامته الخبيثة توقف كل شيء من جديد وتصاعدت الأسئلة الفلسفية (الوجودية).. هل تستطيع العمل ؟ هل تملك القدرة ؟ هل لك الرغبة أصلا ؟ ماذا إن كنت سيء الحظ ؟ ماذا عن السحر والعين ؟.. وهل بقي ثمة أمل حقا ؟

12. أوحش من (الوحشة نفسها) وحشة الطبع والفكر.. عندما لا يفهمك أحد، ولا يحب أحد ما تحب، ولا يكاد يشارك هوايتك أحد، ولا يبغض أحد بنفس القدر ما تبغض. عندما يُظنّ بك البرود إذا تغافلت عن كلمة تافهة، أو يُظن بك التعصب إن هببتَ مدافعا عن عقيدة التوحيد، ويرون تعبك من سخافاتهم عجزا عن مجاراتهم، والتمسّك ببعض مبادئك غلوا وعيشا في الماضي، أما إذا زلّت قدمك – يا ويحك – أو تلبّست بمعصية فقد يطيرون بإيمانك في مثل ضربة السيف المهنّد، وما حكم النفاق عنك ببعيد.. عندما يمضي كلّ من كنت تمنّي النفس أن تجدهم في (مستقبلك) من الصحاب والأحباب، من دون ما توطئة.. وينضمون لتجار الدنيا، يصيحون بما يصيحون، ويبيعون ما يبيعون.. ويرضون بما كانوا بالأمس ينتقدون. اللهم فثباتا من عندك.

13. تأملت امرأة عجوزا في الترام تقدم منديلا لصاحبتها وهي تبكي، فخطر لي أنها تمدها بما تمسح به مشاعرها..

14. طول الفكر ثرثرة كطول الكلام. صخب وضجيج لا يزعج أحدا سواك..

15. إن فينا أشياء من (عصر الطفولة) لازالت..
نقيم الدنيا - مثلا - ونقعدها عند بدايات لم نألفها، ثم سرعان ما تهدأ منا النفوس وتتراخى الأعصاب وتبرز الابتسامات على وجوه منهكة، ثم نعتاد وننام ملء الجفون.. كالطفل الذي يسقونه شايا باللويزة بعد سورة غضب مهلكة فيحضن وسادته ويتنهد عميقا وينام..

16. لعل قسوة الناس ولا إنسانيتهم من الأدلة العقلية على أن رزقنا في السماء.. ولو لم يكن رزقنا بيده عز وجل، لتخطينا الجثث في الشوارع، قتلى للجوع وانعدام الحيل! ولكن الله عز وجل يسوق لك - إن شاء - رزقا ولو من خلال عدوك !

17. انتبهت إلى معنى كلمة (سعادة) في الفرنسية (bonheur) فوجدت أنه (ساعة جيدة)! فحمدت الله على نعمة العربية..

18. لا ندري الذي كان ينقصنا لنستعيد نشاطنا حتى نستعيده.. جرعة من شراب ساخن، حوار ضاحك مع أحدهم، اعتذار، حلاقة، غسل، تغيير لباس، قراءة، ملاعبة قط صغير.. لا تدري في الغالب هذا الفعل أو ذاك المنظر الذي سيقدح بداخلك شرارة كنت تظنها لا تنقدح ! ويا لبساطة هذا (القادح) في بعض الأحيان !

19. تخيلت مرفقا أشبه ما يكون بدورات المياه، مكتوب عليه (مبكى).. يهرع إليه كل من ازدحمت عيناه بالدموع، مرتبكا، ساترا وجهه ألا يرى منه ما لا يليق !

20. كل شيء صارت له مجموعات، وينشر غالبا في هذه المجموعات كل شيء إلا ما اجتمع القوم من أجله ! حتى أنك قد تجد نفسك مدعوا لمجموعة (عشاق إرسال الدعوات للمجموعات) !

21. أن تصلح ما بينك وبين نفسك أولى.. فقد يحدث الطلاق بين زوجين، أو يستبدل جار بجار أو رفيق سكن بآخر، وفي الترك راحة - كما قيل - وفي الناس أبدال.. لكن كيف تغير جسدك ؟.. هذا حسب علمي مستحيل!

22. لا نتكلم عن الربح والخسارة، والزواج والطلاق، والعمل والبطالة إلا ما دمنا أحياء.. فإذا مات أحدنا لا يقول قائل فلان خسر أمواله أو أصحابه أو خطيبته. هنالك ينقلب (النجاح) الذي لا نكفّ عن تَرداده إلى (لا شيء)، إلى سراب.. حلم عابر في ليلة صيف. بل يكون حينئذ من العيب والعبث وسوء الأدب ذكر شيء من ذلكم، إذ يبدو أشبه شيء بألعاب طفولية ساذجة أصابها البلى وتكسرت فما عادت تصلح.. مجرد أضواء بعيدة تلألأت ذات ليل ثم خبت وتوارت وراء الظلمات..

23. كيف تقنع الناس بأهمية الثقافة وهم يرون التافهين الراقصين الناهقين هم أصحاب الحظ والحظوة ؟ كيف تذكر الناس بلغتهم وهم يرون كل أبواب الشغل مكتوب عليها بلغة أجنبية ؟ كيف تقنعهم وأكثرهم قليلوا الإيمان أنما الأمم الأخلاق ما بقيت وهم يرون بأمهات أعينهم أن المزور هو الفالح والمرتشي هو الحاذق والكاذب هو السعيد.. وإن هم ذهبت رذائلهم ذهبوا !

24. "ألعن" شعور هو الشك في مقدرتك على المواصلة !