الحاج أحمد..... (أسيل)
مرسل: 09 يوليو 2021, 12:40
ليست المرة الأولى التي أزوره فيها لأخد عينة من دمه، لكنها المرة الأولى التي أجد فيها كرسيه المتحرك في الحديقة فارغا، ظننت لبرهة أنه يقطف لي الزهور التي يهديها لي كل يوم اثنين في نفس الزمان والمكان، حتى أصبحت من طقوسي الأسبوعية.
التفت أبحث عنه في الأرجاء بنظري دون أن أتحرك موهمة نفسي أن ما يقوله ابنه غير صحيح(أصيب الوالد بشلل نصفي وهو في الداخل)، تبعته بخطى متثاقلة، لم أصدق ان الشخص الحيوي المرح الذي قدم لي الزهور قبل أسبوع وأخبرني ان الحياة قد تمنحنا السعادة مقابل ابتسامة هو الآن مصاب بالشلل.
عندما رآني وكأنما نسي علته وحاول الإعتدال في جلسته فحال عجزه دون ذلك، أسرعت إليه قبلت يده المصابة، وبعدها سحبت الدم من اليد اليسرى السليمة، كان لسانه ثقيلا ولا يميز الكلمات، لكن سمعت جملته المعتادة(الله يرضى عنك وهذه أزهارك)، أشار بعينيه يريد أن أتتبع بصره، فإذا به يقع على حفيده الصغير الذي حمل لي باقة زهور...لم تكن الباقة بتناسقها المعتاد، وكانت الأخيرة، حيث أنني قبل يومين ذهبت لزيارته وكان باب الحديقة مفتوحا على غير العادة، على كرسي الحاج تنام قطة في اطمئنان، المرش وخرطوم المياه جافين، في المدخل أوراق شجر متناثرة، الأزهار والورود شبه ذابلة وكأنها حزينة.
فتحت سيدة لم يسبق أن رأيتها الباب-تبين لي من أمها الحاجة فاطمة انها ابنة الحاج التي تسكن على بعد شارعين- استغربت وجودي، فلا يوجد في المنزل ذكر ولا أنثى في سني، لا يوجد سوى الحاج أحمد وزوجته العجوز الطيبة التي تتحمل مزاجيته لأنها تعلم أن الضغط والسكري سبب انفعاله، أما عن قلبه فهو كالأطفال، لم تتركها والدتها في استغرابها طويلا: إنها وفاء من كانت تزور الحاج رحمة الله عليه كل أسبوع.
نزل الخبر على قلبي كالصاعقة، لم أرد التحية على السيدة، سألتها كمن به مس، هل قلت رحمة الله عليه؟!! ألن أراه مجددا؟!!.
كان دائما يشكرني في نهاية حديثنا المطول عن إصغائي واهتمامي، كان يشتكي من قطع أبناءه للرحم، طالما أخبرني أنني بمثابة ابنته وكنت دائما أعتقد أنني أقدم له خدمة إنسانية، وبعد رحيله فقط اكتشفت أنني كنت أكثر حاجة له، استفدت منه الكثير، فقد كان حنونا، مثقفا، ومحترما...، أزهاره العجيبة المسقية بالحب والسعادة كانت تبقى متفتحة لأكثر من أسبوع، يختار ألوانها بدقة ويطلق على كل نوع اسم من أسماء أبناءه، كان يحبهم جدا ودائما يردد: لن يجتمعو حتى أرحل.
ذهبت لزيارة قبره وأنا أحمل له أبناءه على هيئة ورود وسأكررها كل أسبوع ولن أخلف الموعد مع صديقي العجوز تغمده الله برحمته.
التفت أبحث عنه في الأرجاء بنظري دون أن أتحرك موهمة نفسي أن ما يقوله ابنه غير صحيح(أصيب الوالد بشلل نصفي وهو في الداخل)، تبعته بخطى متثاقلة، لم أصدق ان الشخص الحيوي المرح الذي قدم لي الزهور قبل أسبوع وأخبرني ان الحياة قد تمنحنا السعادة مقابل ابتسامة هو الآن مصاب بالشلل.
عندما رآني وكأنما نسي علته وحاول الإعتدال في جلسته فحال عجزه دون ذلك، أسرعت إليه قبلت يده المصابة، وبعدها سحبت الدم من اليد اليسرى السليمة، كان لسانه ثقيلا ولا يميز الكلمات، لكن سمعت جملته المعتادة(الله يرضى عنك وهذه أزهارك)، أشار بعينيه يريد أن أتتبع بصره، فإذا به يقع على حفيده الصغير الذي حمل لي باقة زهور...لم تكن الباقة بتناسقها المعتاد، وكانت الأخيرة، حيث أنني قبل يومين ذهبت لزيارته وكان باب الحديقة مفتوحا على غير العادة، على كرسي الحاج تنام قطة في اطمئنان، المرش وخرطوم المياه جافين، في المدخل أوراق شجر متناثرة، الأزهار والورود شبه ذابلة وكأنها حزينة.
فتحت سيدة لم يسبق أن رأيتها الباب-تبين لي من أمها الحاجة فاطمة انها ابنة الحاج التي تسكن على بعد شارعين- استغربت وجودي، فلا يوجد في المنزل ذكر ولا أنثى في سني، لا يوجد سوى الحاج أحمد وزوجته العجوز الطيبة التي تتحمل مزاجيته لأنها تعلم أن الضغط والسكري سبب انفعاله، أما عن قلبه فهو كالأطفال، لم تتركها والدتها في استغرابها طويلا: إنها وفاء من كانت تزور الحاج رحمة الله عليه كل أسبوع.
نزل الخبر على قلبي كالصاعقة، لم أرد التحية على السيدة، سألتها كمن به مس، هل قلت رحمة الله عليه؟!! ألن أراه مجددا؟!!.
كان دائما يشكرني في نهاية حديثنا المطول عن إصغائي واهتمامي، كان يشتكي من قطع أبناءه للرحم، طالما أخبرني أنني بمثابة ابنته وكنت دائما أعتقد أنني أقدم له خدمة إنسانية، وبعد رحيله فقط اكتشفت أنني كنت أكثر حاجة له، استفدت منه الكثير، فقد كان حنونا، مثقفا، ومحترما...، أزهاره العجيبة المسقية بالحب والسعادة كانت تبقى متفتحة لأكثر من أسبوع، يختار ألوانها بدقة ويطلق على كل نوع اسم من أسماء أبناءه، كان يحبهم جدا ودائما يردد: لن يجتمعو حتى أرحل.
ذهبت لزيارة قبره وأنا أحمل له أبناءه على هيئة ورود وسأكررها كل أسبوع ولن أخلف الموعد مع صديقي العجوز تغمده الله برحمته.