من أرشيفي .,. الساخرة ... تيس في بلاد العجائب ,, اهداء لكنجو ,, بقلم نيسان
مرسل: 29 يونيو 2021, 08:17
يا استاذ محمد كنجو هذه بلدك ,, وهذا شعوري عندما كنت في بؤرة المستنقع
تيس في بلاد العجائب ,,,, بقلمي
كنت نائما كالتيس الذي فلح أرضا من عشرة دونمات فلاحة لا مثيل لها ,,,,
في فراشي المتعب مثلي عندما تسلل إلى أذني الرقيقة المسمع في جميع الأحوال إن كنت صاحيا أو نائما ...
وهي عادة أرثيهتناقلت من جدي الأكبر الذي سمع وهو نائم قدوم الجنود الفرنسيين لاعتقاله منذ دخولهم باب الحارة فهرب من سطح بيته إلى الحارة المجاورة
ونجا بفعلته الشنيعة بحقهم آنذاك أذ أنه كتب في جريدة اليومية التي تسمى سمير العرب قصيدة يهجو بها جيش فرنسا المحتل ,,,,
المهم أنني اليوم سمعت صوت التلفاز يهدر من غرفة المعيشة ...
وفجأة قفزت بخطوتين لأجد ابني الكبير يندمج نظره وإحساسه وسمعه مع مسلسل للأطفال ...
فاتجهت إلى التلفاز لأقفاله ناظرا إلى ابني نظرة عتاب لأن الامتحانات على الأبواب ... ولكن صوت رجائه وبكاؤه أوقفني عن ذلك ’,,’’,
بعد أن وعدني أنه بمجرد نهاية هذا المسلسل الكرتوني سيتجه مباشرة للدراسة ,,,
فسألته مستغربا عن أهمية ما يتابعه في هذا المسلسل فقال لي أن اسمه
أليس في بلاد العجائب ,,,
حاولت أن أقطع نظر واندماج ابني في ذلك المسلسل مرة ثانية ,,, ولكنه كان كالمدمن الذي أبتلع كمية كبيرة من مخدراته
فلا حراك ولا تفكير ولا سمع ,,, فتركته وعدت إلى غرفتي لأغير ثيابي متجها إلى عملي
ونزلت من داري وفي عقلي تدور رواية ذاك المسلسل الروائي الموجهللأطفال للكاتب لويس كارول.
وهو يحكي عن فتاة تدعى أليس والتي تسقط من خلال جحر أرنب إلى عالم خيالي يسكنه مخلوقات غريبة.
تحولت به أليس إلى حجم صغير كالقزم لتعاني في تفاصيل الرواية التي تتلاعب بالمنطق مما أعطاها شعبية دائمة عند الأطفال والبالغين ...
وفي نظري يعتبر هذا المسلسل واحد من أفضل الأمثلة على نوع الهراء الأدبي
والخيال الفارغ دون أن يعطي مدى للتفكير الطفل بأشياء لا تحصل معه مستقبلا ولن تحصل إلا بمشيئة الله وحده
كما شاء نزولي من بلاد الغربة الاوربية المتطورة الى بلادي النائية الغارقة في هموم شعبها وفقرها وجهلها ...
فكنت فعلا مثل أليس وقد وقعت من عالما جميلا إلى جحر الارنب ,,, وتحولت إلى أصغر من حجمي في بلادي ...
حيث كان لي مكانة وشانا بين اولئك الذين نسميهم غربا ,,, وقد فقدت تلك الرتبة عند نزولي من طائرة غربتي إلى أرض الوطن ,,,,
وعند أول طاولة للتفتيش بدأت اغراضي الشخصية تنزل من حقيبتي بحجة واهية انها من صنع الغرب وممنوع إدخالها إلى بلدي حتى لا يتأثر اقتصاده بالمنتوجات الغربية ...
فلم يبقى في حقيبتي سوى ملابسي القديمة وبعض الاوراق الخاصة بي ... حتى أنهم صادروا مقص الشارب الخاص بي ....
حقا لجنة تفتيش واعية في بلد من بلاد العجائب ...
ولم تنتهي قصتي عند لجنة التفتيش تلك ,’,’فتلاها ما تلاها من لجنات وطاولات ,,,
وأصبحت أقفز في كل يوم من دائرة إلى دائرة من اجل تثبيت حقوقي المتناثرة بعد الغربة ,,, وحفظت الدرس ففي بلد العجائب لابد أن تدفع لتدفع عنك المصائب
,’,,
فالمدير يمد يده طالبا ,,, وما تلاه من مرؤوسين حتى تصل الى المستخدم الذي يمسك بيده طبقا عليه تتناثر كؤوس الشاي والقهوة
وفي اليد الأخرى المعاملة الخاصة بك يمررها من مكتب إلى مكتب مع الموافقة المطلوبة بنجاح فريد ...
فهو المفتاح للجميع... مشهد لا تراه إلا في بلد من بلاد العجائب ,,,,,
ومن ثم بت كالتيس ألهث وراء لقمة عيشي منذ صباح حتى اخر الليل دون ان أفكر بالراحة النفسية والجسدية ,,,
كما هو اليوم أذهب إلى عملي وأنا متعب مقفل العينين وأنا أقود سيارتي ,,, وأفكر في رواية أليس في بلاد العجائب وتزامنها مع حالتي ,,,
ولكن صوت صافرة توقظني من تفكيري ,,, نعم هو شرطي المرور شرطي من بلد العجائب
ها هو يتجه ألي ,,, لا بد أنه يريد بعض النقود ,,, سيبدأ حتما بكلمات حادة ,,, ليخفني ,,,
ها هو صوته يعلو ليقول لي
لماذا لم تقف منذ الصافرة الأولى يا تيس ؟؟؟؟
فضحكت ,,,, وضحكت ,,, وضحكت ,,,
وعلمت أنني
تيس في بلاد العجائب ,,,,
مع أجمل تحيات
نيسان
8-5-2018
كنت نائما كالتيس الذي فلح أرضا من عشرة دونمات فلاحة لا مثيل لها ,,,,
في فراشي المتعب مثلي عندما تسلل إلى أذني الرقيقة المسمع في جميع الأحوال إن كنت صاحيا أو نائما ...
وهي عادة أرثيهتناقلت من جدي الأكبر الذي سمع وهو نائم قدوم الجنود الفرنسيين لاعتقاله منذ دخولهم باب الحارة فهرب من سطح بيته إلى الحارة المجاورة
ونجا بفعلته الشنيعة بحقهم آنذاك أذ أنه كتب في جريدة اليومية التي تسمى سمير العرب قصيدة يهجو بها جيش فرنسا المحتل ,,,,
المهم أنني اليوم سمعت صوت التلفاز يهدر من غرفة المعيشة ...
وفجأة قفزت بخطوتين لأجد ابني الكبير يندمج نظره وإحساسه وسمعه مع مسلسل للأطفال ...
فاتجهت إلى التلفاز لأقفاله ناظرا إلى ابني نظرة عتاب لأن الامتحانات على الأبواب ... ولكن صوت رجائه وبكاؤه أوقفني عن ذلك ’,,’’,
بعد أن وعدني أنه بمجرد نهاية هذا المسلسل الكرتوني سيتجه مباشرة للدراسة ,,,
فسألته مستغربا عن أهمية ما يتابعه في هذا المسلسل فقال لي أن اسمه
أليس في بلاد العجائب ,,,
حاولت أن أقطع نظر واندماج ابني في ذلك المسلسل مرة ثانية ,,, ولكنه كان كالمدمن الذي أبتلع كمية كبيرة من مخدراته
فلا حراك ولا تفكير ولا سمع ,,, فتركته وعدت إلى غرفتي لأغير ثيابي متجها إلى عملي
ونزلت من داري وفي عقلي تدور رواية ذاك المسلسل الروائي الموجهللأطفال للكاتب لويس كارول.
وهو يحكي عن فتاة تدعى أليس والتي تسقط من خلال جحر أرنب إلى عالم خيالي يسكنه مخلوقات غريبة.
تحولت به أليس إلى حجم صغير كالقزم لتعاني في تفاصيل الرواية التي تتلاعب بالمنطق مما أعطاها شعبية دائمة عند الأطفال والبالغين ...
وفي نظري يعتبر هذا المسلسل واحد من أفضل الأمثلة على نوع الهراء الأدبي
والخيال الفارغ دون أن يعطي مدى للتفكير الطفل بأشياء لا تحصل معه مستقبلا ولن تحصل إلا بمشيئة الله وحده
كما شاء نزولي من بلاد الغربة الاوربية المتطورة الى بلادي النائية الغارقة في هموم شعبها وفقرها وجهلها ...
فكنت فعلا مثل أليس وقد وقعت من عالما جميلا إلى جحر الارنب ,,, وتحولت إلى أصغر من حجمي في بلادي ...
حيث كان لي مكانة وشانا بين اولئك الذين نسميهم غربا ,,, وقد فقدت تلك الرتبة عند نزولي من طائرة غربتي إلى أرض الوطن ,,,,
وعند أول طاولة للتفتيش بدأت اغراضي الشخصية تنزل من حقيبتي بحجة واهية انها من صنع الغرب وممنوع إدخالها إلى بلدي حتى لا يتأثر اقتصاده بالمنتوجات الغربية ...
فلم يبقى في حقيبتي سوى ملابسي القديمة وبعض الاوراق الخاصة بي ... حتى أنهم صادروا مقص الشارب الخاص بي ....
حقا لجنة تفتيش واعية في بلد من بلاد العجائب ...
ولم تنتهي قصتي عند لجنة التفتيش تلك ,’,’فتلاها ما تلاها من لجنات وطاولات ,,,
وأصبحت أقفز في كل يوم من دائرة إلى دائرة من اجل تثبيت حقوقي المتناثرة بعد الغربة ,,, وحفظت الدرس ففي بلد العجائب لابد أن تدفع لتدفع عنك المصائب
,’,,
فالمدير يمد يده طالبا ,,, وما تلاه من مرؤوسين حتى تصل الى المستخدم الذي يمسك بيده طبقا عليه تتناثر كؤوس الشاي والقهوة
وفي اليد الأخرى المعاملة الخاصة بك يمررها من مكتب إلى مكتب مع الموافقة المطلوبة بنجاح فريد ...
فهو المفتاح للجميع... مشهد لا تراه إلا في بلد من بلاد العجائب ,,,,,
ومن ثم بت كالتيس ألهث وراء لقمة عيشي منذ صباح حتى اخر الليل دون ان أفكر بالراحة النفسية والجسدية ,,,
كما هو اليوم أذهب إلى عملي وأنا متعب مقفل العينين وأنا أقود سيارتي ,,, وأفكر في رواية أليس في بلاد العجائب وتزامنها مع حالتي ,,,
ولكن صوت صافرة توقظني من تفكيري ,,, نعم هو شرطي المرور شرطي من بلد العجائب
ها هو يتجه ألي ,,, لا بد أنه يريد بعض النقود ,,, سيبدأ حتما بكلمات حادة ,,, ليخفني ,,,
ها هو صوته يعلو ليقول لي
لماذا لم تقف منذ الصافرة الأولى يا تيس ؟؟؟؟
فضحكت ,,,, وضحكت ,,, وضحكت ,,,
وعلمت أنني
تيس في بلاد العجائب ,,,,
مع أجمل تحيات
نيسان
8-5-2018