🥇لم يكن مسعود........( ابراهيم نصيب )
مرسل: 21 يونيو 2021, 21:27
بعض الليالي هي اكثر حلكة من غيرها
كناجي وحيد من معركة تتقدم سيارتي ذات الطراز القديم في بطئ وهي تتمايل يمنة ويسرة مع كل مطب أو حفرة كأنها جندي أثقلته الجراح ويوشك على الانهيار في أي لحظة..!
صوت إذاعة مونتي كارلو المختلط بأجيج محرك السيارة المنبعثة تخرق حلكة هذه الليلة الخريفية وأنا خلف مقودي أتلذذ بمشاهدة ارتطام حبات المطر على الزجاج في تعجب فرغم ارتطامها وتبعثرها إلا أنها تصر على المضي قدما فتسيل مختارة وجهة أخرى حتى يباغتها بكل شراسة ماسح السيارة بحركة نصف دائرية خاطفة فتنجلي الرؤية أمامي لبعض لحظات..
هاهو ذلك السور المهيب يتراءى أمامي معلنا على قرب وصولي إلى بيتي..! تعودت دائما حين أصل إليه أشيح بوجهي إلى الناحية الأخرى حتى لا أراه ! فكم هو غريب وعجيب أن يكون ذلك السور الذي بعرض 50 صتم هو الفاصل بين الموت والحياة , بين الذين رحلوا والذين ينتظرون! تداهمني هواجسي كلما مررت به فاشعر بقرب الموت مني فالفاصل ضئيل جدا..! فجأة وفي غفت مني اندفع شيء اسود بكل خفة ليقف على بعد أمتار معدودة من عجلات سيارتي وبحركة لا إرادية ضغط بقدمي على المكابح بكل قوة فأصدرت صريرا أكاد اجزم انه سمعه كل أهل القرية..!
كان جامدا في وسط الطريق ينظر نحوي بعينين متحجرتين بدت أكثر لمعان وضوء كشاف السيارة مسلط عليهما
قط اسود تماما أكثر حلكة من سواد هذه الليلة , مبلل بالطين والمطر كأنما خرج للتو من مستنقع..!
لا اعرف تحديدا من أين خرج أو من أين أتى ليقف متسمرا أمامي غير مبالي بالمطر! كل القطط تخشى البلل فلماذا لا يهتم هذا !؟ أم لعله تعود, لعله لم يجد أي ساتر يلجئ إليه..!
فتحت الباب وخرجت متجه نحوه وفي ظني انه سيفر ما إن اقترب منه أكثر.. آه أن تكون شهما رحيم القلب عليك كان تضحي ببذلتك الوحيدة وان تتحمل أن يتسخ حذائك ويدخل إلى قدميك الماء..! وصلت إليه وحملته دون أن يبدي أي ردت فعل, كان مستسلم تماما لقدره ربما..
دخلت البيت وتركت خلفي فجوة من الباب ثم دفعت بالقط إلى الأمام وأنا أفكر بالذي فعلته للتو..! اهو القدر من ساق هذا المسكين أمام سيارتي الليلة ؟ التفت إليه لأجده ينتفض ليلقي ما علق على وبره اللامع من طين وماء وجلس يلعق وينظف نفسه فتظهر أنيابه الحادة شديدة البياض..! كيف لم اخف من أن يعضني ؟ لم أفكر حتى في أن يكون مريض ! ربما لهذا لم يبدي أي مقاومة حين حملته ! ام تراه كان ينتظر قدومي !!!
سأسميك مسعود ! قلتها في نفسي لا بد انك مسعود حقا, هذا الاسم يليق بك فانظر منذ لحظات أين كنت وألان ها أنت تنعم بالدفئ وسط بيتي وسأحظر لك الطعام أيضا أيها المسعود..!
تركته ودخلت المطبخ لأسخن بواقي من البارحة وأنا أفكر في هذا الزائر غريب الأطوار.. حتى انه لا يشعر بالخوف أو بالغربة من دخول مكان أول مرة ! بدا باردا غير مبالي بشيء.. غير أن نظراته تجاه سور المقبرة تقلقني حقا, بدا كمن ترك شيء هناك ! شعرت بقشعريرة تسري في كامل جسدي حين خطر ببالي ان نظراته نحو ذلك المكان كأنه كان يرى شيئا لم أكن أره أنا..!
هل يعقل أن يكون مسعود ليس قط من الأساس ؟ كل تصرفاته كانت غريبة منذ اللحظة الأولى ! حتى أنا كنت مثل المغيب وكأني أنفذ ما يطلبه بالتخاطر ! يا الهي قط اسود أجده بالقرب من سور المقبرة ! يقولون أن القطط السوداء يتلبسها الجن وأنها نذير شؤم..! وضعت قطعة من فخذ دجاجة في صحن بلاستيكي حملته وهممت بالالتفات فوجدته قرب قدمي يرمقني بنظرة باردة كأنه يسمع كل خاطرة جالت بذهني ! كاد قلبي أن يتوقف حين أطلق فجأة صوت مواء حاد هز كل أركاني وزعزعني حتى وقع ما كان بيدي فانقض هو بخفة نحوي فظننته لوهلة أن أنيابه الطويلة ستغرس في ساقي وأنها ليلة سوداء ستنتهي بحتفي !! غير أن كل ذلك الاندفاع كان من اجل قطعة الدجاج التي أوقعتها فانقض عليها واتجه مسرع ناحية الباب..
لم أكن مدرك لشدة الفزع الذي حل بي إلا حين حاولت قدماي فوجدتهما خائرتين بالكاد أجرهما عنوة لأحاول اللحاق به واعرف أن يتجه مسرعا هكذا..! ببضع خطوات عرفت انه انسل مثل السهم وتجاوز الشارع متجها ناحية سور المقبرة حيث وجدته أول مرة..! لماذا ألاحقه ألان ؟ لماذا لا أسد باب بيتي وأحاول أن أنسى ما حدث ؟ لكن شيء ما كان يدفعني للحاقه ومعرفة سر هذا القط الأسود..
في الخارج نسمة من الهواء البارد حاملة معها بعض قطرات من المطر لفحت وجهي وجعلتني ادر كان الذي أراه ألان ليس بحلم بغيض.. ! انه الذي ظننته مسعود بجانب سور المقبرة حيث حاوية القمامة ! اقتربت منها أكثر فوجدتها قد وضعت قطعة لدجاج جانبا وهي تلعق اثنين من صغارها وهي تحاول جاهدة ان تبث فيهما الحياة من جديد وكأنها غير راضية بان تصدق ان الموت كان اقرب وخطفهما إلى الأبد...
حملتها بين ذراعي وضممت عليها وعدت أدراجي احملها وأتحسس دقات قلبها السريعة وأنا العن قسوة البشر الذين لم يتركوا لام ما ترضع به صغارها
كناجي وحيد من معركة تتقدم سيارتي ذات الطراز القديم في بطئ وهي تتمايل يمنة ويسرة مع كل مطب أو حفرة كأنها جندي أثقلته الجراح ويوشك على الانهيار في أي لحظة..!
صوت إذاعة مونتي كارلو المختلط بأجيج محرك السيارة المنبعثة تخرق حلكة هذه الليلة الخريفية وأنا خلف مقودي أتلذذ بمشاهدة ارتطام حبات المطر على الزجاج في تعجب فرغم ارتطامها وتبعثرها إلا أنها تصر على المضي قدما فتسيل مختارة وجهة أخرى حتى يباغتها بكل شراسة ماسح السيارة بحركة نصف دائرية خاطفة فتنجلي الرؤية أمامي لبعض لحظات..
هاهو ذلك السور المهيب يتراءى أمامي معلنا على قرب وصولي إلى بيتي..! تعودت دائما حين أصل إليه أشيح بوجهي إلى الناحية الأخرى حتى لا أراه ! فكم هو غريب وعجيب أن يكون ذلك السور الذي بعرض 50 صتم هو الفاصل بين الموت والحياة , بين الذين رحلوا والذين ينتظرون! تداهمني هواجسي كلما مررت به فاشعر بقرب الموت مني فالفاصل ضئيل جدا..! فجأة وفي غفت مني اندفع شيء اسود بكل خفة ليقف على بعد أمتار معدودة من عجلات سيارتي وبحركة لا إرادية ضغط بقدمي على المكابح بكل قوة فأصدرت صريرا أكاد اجزم انه سمعه كل أهل القرية..!
كان جامدا في وسط الطريق ينظر نحوي بعينين متحجرتين بدت أكثر لمعان وضوء كشاف السيارة مسلط عليهما
قط اسود تماما أكثر حلكة من سواد هذه الليلة , مبلل بالطين والمطر كأنما خرج للتو من مستنقع..!
لا اعرف تحديدا من أين خرج أو من أين أتى ليقف متسمرا أمامي غير مبالي بالمطر! كل القطط تخشى البلل فلماذا لا يهتم هذا !؟ أم لعله تعود, لعله لم يجد أي ساتر يلجئ إليه..!
فتحت الباب وخرجت متجه نحوه وفي ظني انه سيفر ما إن اقترب منه أكثر.. آه أن تكون شهما رحيم القلب عليك كان تضحي ببذلتك الوحيدة وان تتحمل أن يتسخ حذائك ويدخل إلى قدميك الماء..! وصلت إليه وحملته دون أن يبدي أي ردت فعل, كان مستسلم تماما لقدره ربما..
دخلت البيت وتركت خلفي فجوة من الباب ثم دفعت بالقط إلى الأمام وأنا أفكر بالذي فعلته للتو..! اهو القدر من ساق هذا المسكين أمام سيارتي الليلة ؟ التفت إليه لأجده ينتفض ليلقي ما علق على وبره اللامع من طين وماء وجلس يلعق وينظف نفسه فتظهر أنيابه الحادة شديدة البياض..! كيف لم اخف من أن يعضني ؟ لم أفكر حتى في أن يكون مريض ! ربما لهذا لم يبدي أي مقاومة حين حملته ! ام تراه كان ينتظر قدومي !!!
سأسميك مسعود ! قلتها في نفسي لا بد انك مسعود حقا, هذا الاسم يليق بك فانظر منذ لحظات أين كنت وألان ها أنت تنعم بالدفئ وسط بيتي وسأحظر لك الطعام أيضا أيها المسعود..!
تركته ودخلت المطبخ لأسخن بواقي من البارحة وأنا أفكر في هذا الزائر غريب الأطوار.. حتى انه لا يشعر بالخوف أو بالغربة من دخول مكان أول مرة ! بدا باردا غير مبالي بشيء.. غير أن نظراته تجاه سور المقبرة تقلقني حقا, بدا كمن ترك شيء هناك ! شعرت بقشعريرة تسري في كامل جسدي حين خطر ببالي ان نظراته نحو ذلك المكان كأنه كان يرى شيئا لم أكن أره أنا..!
هل يعقل أن يكون مسعود ليس قط من الأساس ؟ كل تصرفاته كانت غريبة منذ اللحظة الأولى ! حتى أنا كنت مثل المغيب وكأني أنفذ ما يطلبه بالتخاطر ! يا الهي قط اسود أجده بالقرب من سور المقبرة ! يقولون أن القطط السوداء يتلبسها الجن وأنها نذير شؤم..! وضعت قطعة من فخذ دجاجة في صحن بلاستيكي حملته وهممت بالالتفات فوجدته قرب قدمي يرمقني بنظرة باردة كأنه يسمع كل خاطرة جالت بذهني ! كاد قلبي أن يتوقف حين أطلق فجأة صوت مواء حاد هز كل أركاني وزعزعني حتى وقع ما كان بيدي فانقض هو بخفة نحوي فظننته لوهلة أن أنيابه الطويلة ستغرس في ساقي وأنها ليلة سوداء ستنتهي بحتفي !! غير أن كل ذلك الاندفاع كان من اجل قطعة الدجاج التي أوقعتها فانقض عليها واتجه مسرع ناحية الباب..
لم أكن مدرك لشدة الفزع الذي حل بي إلا حين حاولت قدماي فوجدتهما خائرتين بالكاد أجرهما عنوة لأحاول اللحاق به واعرف أن يتجه مسرعا هكذا..! ببضع خطوات عرفت انه انسل مثل السهم وتجاوز الشارع متجها ناحية سور المقبرة حيث وجدته أول مرة..! لماذا ألاحقه ألان ؟ لماذا لا أسد باب بيتي وأحاول أن أنسى ما حدث ؟ لكن شيء ما كان يدفعني للحاقه ومعرفة سر هذا القط الأسود..
في الخارج نسمة من الهواء البارد حاملة معها بعض قطرات من المطر لفحت وجهي وجعلتني ادر كان الذي أراه ألان ليس بحلم بغيض.. ! انه الذي ظننته مسعود بجانب سور المقبرة حيث حاوية القمامة ! اقتربت منها أكثر فوجدتها قد وضعت قطعة لدجاج جانبا وهي تلعق اثنين من صغارها وهي تحاول جاهدة ان تبث فيهما الحياة من جديد وكأنها غير راضية بان تصدق ان الموت كان اقرب وخطفهما إلى الأبد...
حملتها بين ذراعي وضممت عليها وعدت أدراجي احملها وأتحسس دقات قلبها السريعة وأنا العن قسوة البشر الذين لم يتركوا لام ما ترضع به صغارها