وقفةٌ_على_قبرٍ_كبير
أبي :
أنا و الصّباحُ و الورودُ الغافياتُ على قبرك ...
مؤمنون بأنك حاضرٌ فينا
ماءُ عمري و ترابُ قبرك عاملان متكاملان لصياغة ربيعٍ جديد
الماءُ منّي و منك التراب
و من قلبينا .... إذنٌ للغصن الرطيبِ بالانطلاق
أنا على أقلّ تقديرٍ .....
كأصغر شجرةِ زيتونٍ تركتها في حقلك الأخضر
إن لم يثقلني الثمرُ .... ففي أوراقي سبحة جمالٍ للعيون
( فانظرْ إلى ثمري إذا أثمر ...... و ينعي )
أنا على أقلّ تقديرٍ ....
كحبّةِ ترابٍ لامستْ حرَّ قدميك .....
أغلّ يدي إلى عنقي .... و أقبضها على آخر ما بقي فيها من الماء
لأبسطها بالحسنى إلى الجذور الممتدّة في أوقات الناس
أيّها الواقف على قصائدي ...
تصرّفُ أوزانَها بعصا موسى .... غير أنّ سحرك حاضر
الطّويلُ و البسيطُ و الكاملُ و الوافرُ ..
و بحور الخليل الباقيات
لا تعدل عندي قطرةً رشفتها حروفي من كأسك الخالد
أيّها الحيّ في كلماتي
كلماتي ...... التي مازال فيها امتداداتٌ لتلاوتك النديّة في صباحاتك الجميلة
بيني و بين عوامل الأغيار معركةٌ تدور
أنسحب منها لأتحيّز إليك
فأنت فئتي .... و حضوري لديك استراحة محاربٍ ليس إلا
أبي : ماذا تعرف عنّي ؟
ها أنذا أكتب للعالمين .... فهل قرأت آخر أعمالي ؟
الحداثيّون ....
يطلبون مني ان أتحول عنّي .... فماذا تقول ؟
يريدون منّي أن أنهزم أمامي ..... فماذا ترى ؟
يريدون منّي أن أتحوّل عن قبلة شهودي .... لأشهدَ قبلتَهم
و لكن لِيطمئنّ قلبُك .... فأنا الذي يعرف ذاته
أنا زيتونةٌ مباركةٌ لا شرقيّةٌ و لا غربيّة
أشربُ من ماء القرآن
فيكاد زيتي يضيءُ و لو لم تمسسْه نار
أنا الورقةُ الخضراء
ولم يعدني الحداثيّون بغير الخريف
فهل أملكُ غيرَ السّقوط ؟
أنت وحدك أنت
تريدني أن أظلّ كداليةٍ في كرمك الجميل
لها فضاءٌ من أمل
و لكنّها لا تنكر أرضها و ترابَها
تؤتي أكلها كلّ حينٍ بإذن الله ....
أبي : أنا لم أخلع ثيابي ... ولهذا غضب عليّ العراة
و أنا الذي أعلنت الثورة على القصائد الوضعيّة
فاتّهموني بالإرهاب
و على العبارات الحريريّة
فقالوا : إنّ قلبي من حديد
و أنا الذي رغبت عن أطباق الحلوى
التي صنعها لنا القادمون من وراء البحار
و من دم شعبي
و غنّيتُ لملح خبزي
الذي فيه امتداد لعرق جبينك و أنت تعالج الغراس الواعدة
ثمّ لدموع المعتقلات و العيون
و أنا الذي لم يوقد لفرعون على الطين
فلحقني بخيله و رجله
أنا الشمس .... و هم يريدون منّي أن أغيب
لتدور كؤوسهم من جديد
و ليمارسوا طقوسهم القديمة
و ليعيشوا لياليهم الحمراء
و أنا أقابلهم بكأسي
كأسي من نوعٍ آخر ......كلّ ما فيها قطراتٌ من "براءة "
و أجمعوا أمرهم لكي يلقوني في غيابات ظلّهم
لكنّ "يوسف" في فؤادي حاضر
و ها هم الملأ يأتمرون بي ليخرجوني من دائرة إيماني
وأنا الذي تعلّمت منك فقهَ الانتماء
يريدون أن يجعلوا من شعري بضاعةً مزجاة
لا كيل لي في سوق الصّالحين
و أنا وحدي أنا ...
من أذّن في العير ( إنّكم لسارقون )
يريدون منّي أن أبتعد عنك
و أنا امتدادٌ لك
موتُك أول عمري
عرقُ جبينك و أنت تحاورُ أغصان الزيتون في الهاجرة
مبتدأٌ لحبري
طِبْ خاطراً
( و البلدُ الطّيب يخرجُ نباتُه بإذن ربّه .... )
أبي :
الحداثيّون .... يتّهمونني بحبّ الله
و أنا الذي لا يسأل الله البراءة
أبي : أنا من يقول لأهل الإيمان
قضاء الله فينا ... أن نكون قضاءه في أرضه
و قدره فينا......أن نكون قدره في القلوب
فاقرؤوا سرّ القضاء و القدر .
الكاتب والشاعر السوري انس الدغيم
وقفة على قبر كبير ..انس الدغيم
- محمد كنجو
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 5663
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 12:24
- فراشة سماوية
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 1642
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 20:09
Re: وقفة على قبر كبير ..انس الدغيم
رائعة
عن التمسك بالأصالة و الجذور ..
عن عدم النصياع لرياح التجديد ال"ضار"..
موازنة جميلة .. و تشبث أجمل..
تشبث تأكد في توظيف المعجم القرآني..
اختيار جميل أخي محمد^^
عن التمسك بالأصالة و الجذور ..
عن عدم النصياع لرياح التجديد ال"ضار"..
موازنة جميلة .. و تشبث أجمل..
تشبث تأكد في توظيف المعجم القرآني..
اختيار جميل أخي محمد^^