العمق المبرهش
مرسل: 22 مايو 2021, 14:48
«العمق المبرهش »
لدينا في بئتنا المغربية نوع خاص من علامات المراهقة، التي قد لا تجدها في مكان آخر، طبعا أنا لا أقصد تلك التغيرات "الفيزيولوجية" كما يقول الأذكياء! بل هي تلك اللحظة التي تجده قد كتب على حالته على الواتساب أو الفيس بوك (لدي وجه واحد، ولا أحب النفاق) أو أي عبارة من قبيل (معنداش مع النفاق، ولمعجبناهش يمشي.. ) وهذه الحركة تجعله يشعر بأهمية تعادل أهمية رئيس دولة، وعلى غرار القولة الشعبية الشهيرة «ألف بنت تتمناك» فهو يعتقد بذكاء خطير أن «ألف شخص مستعد ليقبل قدميه».
ومفهوم الصراحة، أو تجنب النفاق حسب قولهم (لفقلبي على لساني ) هو مفهوم مقولب جاهز للاستعمال، أي بمثابة السلاح النووي الذي ترفعه الدول للتنديد به، وكأنهم يقولون "حاول أن تخالف رغباتي، وسترى كيف سأصفك بالخائن المنافق!"
ومفهوم الصراحة، والنفاق غالبا ما يكون مفهوما غامضا عند هؤلاء، فهم لا يعرفون ماهية هذه المصطلحات، وبذلك يجهلون متى يجب أن تستخدم.. فلا يميزون بين سوء الأدب، والسب، والشتم وبين الصراحة والنفاق، وأنا شخصيا أعرف نماذج لا تتوانى عن قول الكلمات الجارحة، وربما الاستهانة بمشاعر الآخرين، بحجة صراحتهم.. ولا أرى ذلك إلا نوع من الوقاحة المنمقة؛ التي وجدوا لها مبررات، كما وجدوا مبررات لأمور أخرى، أما الصراحة فهي بريئة من كل هذا، فإن كان هناك ما يجعلك تنفر من شخص معين، فعلى الأقل حاول أن تفعل ذلك بطريقة لا تجرح فيها مشاعر الآخر، وإن كانت نصيحة فيجب أن تكون نصيحة وليس فضيحة، كما لا يجب أن تقال بطريقة فضة، كأن الطرف الآخر حيوان أو آلة لا يملك قلبا في جوفه! وحسبك أن تعلم أن الوقاحة قد تلبس لباس الصراحة، فاحذر أن تقع في هذا.
وهنا تطفو مشكلة أخرى، فهناك من يعلن معاصيه بحجة أنه لا يريد أن يكون منافقا، أو ربما يسخر من صاحبه الذي قرر أن يلتزم ببعض الأشياء، فيصفه بالمنافق؛ لأنه صديقه ويعرفه! وقد قالت لي إحدى الأخوات في أحد الأيام، أنها عندما تريد أن تنصح أخواتها، يقلن لها «واش وليتي مؤمنة» وهذه العبارة كفيلة بأن تجعلك لا تنصح أحدا مجددا، وعجبا لهؤلاء كيف يفكرون...!!
وفي النهاية تجده حزينا مهموما، وإذا سألته أخبرك ببراءة (صراحتي تجلب لي المشاكل؛ الناس لا تحب الشخص الطيب الصريح؛ هذا العالم كله منافق، لا بد أن تكون منافقا كي تعيش) ثم جرب أن تستفسر عن هذه الصراحة، وسيجيب بوداعة (لا شيء!) ولا شيء هذه بالطبع، تشمل سب وشتم جميع آلهة الإغريق والبابلية، بالإضافة إلى سبات وديعة لطيفة بخصوص شرف الطرف الآخر!
وفي الختام لو أني أردت أن ألعب دور الواعظ فسأقول: (لمقادش باش يربي، علاش كيولد هالعار!)
-تم بحمد الله-
حمزٍة إزمار "سيفاو"
08-05-2021
![صورة](https://d.top4top.io/p_19681aj8n1.jpg)
لدينا في بئتنا المغربية نوع خاص من علامات المراهقة، التي قد لا تجدها في مكان آخر، طبعا أنا لا أقصد تلك التغيرات "الفيزيولوجية" كما يقول الأذكياء! بل هي تلك اللحظة التي تجده قد كتب على حالته على الواتساب أو الفيس بوك (لدي وجه واحد، ولا أحب النفاق) أو أي عبارة من قبيل (معنداش مع النفاق، ولمعجبناهش يمشي.. ) وهذه الحركة تجعله يشعر بأهمية تعادل أهمية رئيس دولة، وعلى غرار القولة الشعبية الشهيرة «ألف بنت تتمناك» فهو يعتقد بذكاء خطير أن «ألف شخص مستعد ليقبل قدميه».
ومفهوم الصراحة، أو تجنب النفاق حسب قولهم (لفقلبي على لساني ) هو مفهوم مقولب جاهز للاستعمال، أي بمثابة السلاح النووي الذي ترفعه الدول للتنديد به، وكأنهم يقولون "حاول أن تخالف رغباتي، وسترى كيف سأصفك بالخائن المنافق!"
ومفهوم الصراحة، والنفاق غالبا ما يكون مفهوما غامضا عند هؤلاء، فهم لا يعرفون ماهية هذه المصطلحات، وبذلك يجهلون متى يجب أن تستخدم.. فلا يميزون بين سوء الأدب، والسب، والشتم وبين الصراحة والنفاق، وأنا شخصيا أعرف نماذج لا تتوانى عن قول الكلمات الجارحة، وربما الاستهانة بمشاعر الآخرين، بحجة صراحتهم.. ولا أرى ذلك إلا نوع من الوقاحة المنمقة؛ التي وجدوا لها مبررات، كما وجدوا مبررات لأمور أخرى، أما الصراحة فهي بريئة من كل هذا، فإن كان هناك ما يجعلك تنفر من شخص معين، فعلى الأقل حاول أن تفعل ذلك بطريقة لا تجرح فيها مشاعر الآخر، وإن كانت نصيحة فيجب أن تكون نصيحة وليس فضيحة، كما لا يجب أن تقال بطريقة فضة، كأن الطرف الآخر حيوان أو آلة لا يملك قلبا في جوفه! وحسبك أن تعلم أن الوقاحة قد تلبس لباس الصراحة، فاحذر أن تقع في هذا.
وهنا تطفو مشكلة أخرى، فهناك من يعلن معاصيه بحجة أنه لا يريد أن يكون منافقا، أو ربما يسخر من صاحبه الذي قرر أن يلتزم ببعض الأشياء، فيصفه بالمنافق؛ لأنه صديقه ويعرفه! وقد قالت لي إحدى الأخوات في أحد الأيام، أنها عندما تريد أن تنصح أخواتها، يقلن لها «واش وليتي مؤمنة» وهذه العبارة كفيلة بأن تجعلك لا تنصح أحدا مجددا، وعجبا لهؤلاء كيف يفكرون...!!
وفي النهاية تجده حزينا مهموما، وإذا سألته أخبرك ببراءة (صراحتي تجلب لي المشاكل؛ الناس لا تحب الشخص الطيب الصريح؛ هذا العالم كله منافق، لا بد أن تكون منافقا كي تعيش) ثم جرب أن تستفسر عن هذه الصراحة، وسيجيب بوداعة (لا شيء!) ولا شيء هذه بالطبع، تشمل سب وشتم جميع آلهة الإغريق والبابلية، بالإضافة إلى سبات وديعة لطيفة بخصوص شرف الطرف الآخر!
وفي الختام لو أني أردت أن ألعب دور الواعظ فسأقول: (لمقادش باش يربي، علاش كيولد هالعار!)
-تم بحمد الله-
حمزٍة إزمار "سيفاو"
08-05-2021
![صورة](https://d.top4top.io/p_19681aj8n1.jpg)