موعد مع الميركافا - كنجو (مس. ما خفي أجمل 4)
مرسل: 11 فبراير 2024, 13:59
بقامته الفارعة وأناقته الملفتة عرفه أهل الحي في المدينة التي عاد إليها رجلا بعد أن غادرها في ريعان الشباب ، رغبة بتحقيق طموحاته وأحلامه المحبوسة في صندوق الحصار .
الكثير من الأقرباء والأصدقاء لاموه للعودة في ظل الظروف الصعبة وانعدام كل سبل العيش الكريم تحت سطوة الإحتلال وقهر الحصار ولسان حاله كان يقول
- لا أبحث عن الأجمل أبحث عن الأطهر .
أحبه كل من في الحي وكثير من الفتيات وجدن فيه فتى الأحلام القادم على فرس الرجولة والإباء . الأصدقاء المقربين كانوا يتندرون عليه كلما صادفوه بأناقته المعهودة ..ماذا هل هناك موعد اليوم ؟
وكان يهز رأسه مبتسما : -نعم لكنها جبانة لا تأتي كالعادة .
البعض لقبه بكنفوشيوس لحكمته البالغة وحرصه على الأخلاق والقيم في محيطه والبعض لقبه براهب الليل لشدة التزامه وحرصه على صلاة العشاء والفجر في المسجد وتشجيعه لأطفال الحي لمرافقته، وكم كان يحلو للأطفال مناداته ",باتمان" لحبه الشديد للملابس السوداء وكلما سأله أحد عن السر يجيب بأدب :_وهل أرتدي السماوي مثلا - أما أمه فقد كانت تناديه وسيم العقل والقلب والروح . التحاقه برجال المقاومة لم يثنيه عن التواصل مع أهله و جيرانه وكان يسبق الجميع بخطوة في كل عمل نافع ولايبخل بالمال والنصح وإصلاح ذات البين .
بدأت الحرب وزحف جيش المحتل من كل أطراف المدينة ، القصف الهمجي والمجازر طالت الحجر والبشر ولم تسلم حتى المساجد والمرافق الصحية و لم يتبقى للناس أي خيار سوى النزوح والبحث عن مأوى آمن بعد أن تحول ليلهم إلى نار، ونهارهم إلى غبار و دخان . الأحياء الوادعة والتي كانت تضج بالحياة تحولت إلى غابة محروقة وأكوام من الركام ،تفوح منها رائحة الموت من كل مكان ، أما هو فقد كان قراره أن لاملاذ آمن مع الطوفان وخير مكان لبنة صلبة في جسم السد ، مع ثلة من الرفاق رابطوا في ماتبقى من الحي غير عابئين بالوحدة وظروف الشتاء القارس وعاهدوا الله أن يدافعوا عن أرضهم وحريتهم وملاعب صباهم وذكريات طفولتهم حتى الرمق الأخير .
بعيني صقر كان يرقب من مكمنه جنود العدو بعتادهم الثقيل وأقدامهم المترنحة ويبتسم في سره من قبعاتهم المضحكة وهم يتحركون كالأشباح ويتوارون في المنازل المدمرة كاللصوص، لمح دبابة تنسل و تقترب من الشارع المقابل، زادت دقات قلبه ودعا الله أن تقترب أكثر وأكثر ، تناول معطفه الأسود الطويل وانطلق كالسهم ، طار إلى الشارع بأجنحة الشوق ،إلتف خلفها من زقاق فرعي وبخطوات رشيقة وقامة منتصبة كأنها قدت من صخرة المعراج في الآقصى إقترب منها ، لم تكن بتلك الهيبة والقوة كما كان يتصور وبدت له مجرد لعبة اكبر حجما من التي كان يهوى تحطيمها في صغره ، ثبت قاذفته ذات الرأس الأخضر على كتفه ،وبثقة وهدوء ضغط الزناد وحولها إلى كتلة من لهب ، شعر بالدفئ يسري في أوصاله وعم نور مفاجئ كل جنبات المكان، وضع جانب يده على جبينه وكأنه يرد التحية للشمس التي نجحت بالتسلل من بين الغيوم بعد طول احتجاب.
غير ذي بعيد كان أحد الرفاق يراقب المشهد مخلدا بعدسة هاتفه اللقاء المعجزة
الكثير من الأقرباء والأصدقاء لاموه للعودة في ظل الظروف الصعبة وانعدام كل سبل العيش الكريم تحت سطوة الإحتلال وقهر الحصار ولسان حاله كان يقول
- لا أبحث عن الأجمل أبحث عن الأطهر .
أحبه كل من في الحي وكثير من الفتيات وجدن فيه فتى الأحلام القادم على فرس الرجولة والإباء . الأصدقاء المقربين كانوا يتندرون عليه كلما صادفوه بأناقته المعهودة ..ماذا هل هناك موعد اليوم ؟
وكان يهز رأسه مبتسما : -نعم لكنها جبانة لا تأتي كالعادة .
البعض لقبه بكنفوشيوس لحكمته البالغة وحرصه على الأخلاق والقيم في محيطه والبعض لقبه براهب الليل لشدة التزامه وحرصه على صلاة العشاء والفجر في المسجد وتشجيعه لأطفال الحي لمرافقته، وكم كان يحلو للأطفال مناداته ",باتمان" لحبه الشديد للملابس السوداء وكلما سأله أحد عن السر يجيب بأدب :_وهل أرتدي السماوي مثلا - أما أمه فقد كانت تناديه وسيم العقل والقلب والروح . التحاقه برجال المقاومة لم يثنيه عن التواصل مع أهله و جيرانه وكان يسبق الجميع بخطوة في كل عمل نافع ولايبخل بالمال والنصح وإصلاح ذات البين .
بدأت الحرب وزحف جيش المحتل من كل أطراف المدينة ، القصف الهمجي والمجازر طالت الحجر والبشر ولم تسلم حتى المساجد والمرافق الصحية و لم يتبقى للناس أي خيار سوى النزوح والبحث عن مأوى آمن بعد أن تحول ليلهم إلى نار، ونهارهم إلى غبار و دخان . الأحياء الوادعة والتي كانت تضج بالحياة تحولت إلى غابة محروقة وأكوام من الركام ،تفوح منها رائحة الموت من كل مكان ، أما هو فقد كان قراره أن لاملاذ آمن مع الطوفان وخير مكان لبنة صلبة في جسم السد ، مع ثلة من الرفاق رابطوا في ماتبقى من الحي غير عابئين بالوحدة وظروف الشتاء القارس وعاهدوا الله أن يدافعوا عن أرضهم وحريتهم وملاعب صباهم وذكريات طفولتهم حتى الرمق الأخير .
بعيني صقر كان يرقب من مكمنه جنود العدو بعتادهم الثقيل وأقدامهم المترنحة ويبتسم في سره من قبعاتهم المضحكة وهم يتحركون كالأشباح ويتوارون في المنازل المدمرة كاللصوص، لمح دبابة تنسل و تقترب من الشارع المقابل، زادت دقات قلبه ودعا الله أن تقترب أكثر وأكثر ، تناول معطفه الأسود الطويل وانطلق كالسهم ، طار إلى الشارع بأجنحة الشوق ،إلتف خلفها من زقاق فرعي وبخطوات رشيقة وقامة منتصبة كأنها قدت من صخرة المعراج في الآقصى إقترب منها ، لم تكن بتلك الهيبة والقوة كما كان يتصور وبدت له مجرد لعبة اكبر حجما من التي كان يهوى تحطيمها في صغره ، ثبت قاذفته ذات الرأس الأخضر على كتفه ،وبثقة وهدوء ضغط الزناد وحولها إلى كتلة من لهب ، شعر بالدفئ يسري في أوصاله وعم نور مفاجئ كل جنبات المكان، وضع جانب يده على جبينه وكأنه يرد التحية للشمس التي نجحت بالتسلل من بين الغيوم بعد طول احتجاب.
غير ذي بعيد كان أحد الرفاق يراقب المشهد مخلدا بعدسة هاتفه اللقاء المعجزة