المنتجـع الأدبي

كم تطيب لنفسي تلك الأويقات القصيرة التي أجلس فيها إلى مائدة خارج مقهى أنيق أحتسي فنجان قهوة نصف مملوء وأعصابي مشدودة تكاد ترتعش، وساقاي تنبضان من طول المشي وعيناي قد بدت عليهما أمارات التعب.. أضع الفنجان بهدوء ولم يتبق بقعره إلا قطرات سود هن للسُّكّر أقرب منهن للقهوة، ثم أتنهد تنهيدة طويلة بطعم البنّ وأحمد الله وأقول في خاطري: حسن.. ربما لا تكون الحياة شنيعة إلى ذاك الحد!

لا تنطلينّ عليك خدع مواقع التواصل في كثير من تلك الصور البراقة والضحكات.. نصف مضاء من القمر، وما خفي أظلم !

ليس كل الناس يستهويهم عالم الأفكار.. ولأنهم لم يذوقوه أو لم يُطيقوه ظنوا أن كل من يتهافت عليه إنما يبغي من وراءه مالا. ولذلك كثيرا ما يقولون حقا أريد به باطل.. كقولهم (لا تقرأ الروايات وانشغل بما هو أهم). ومع ما في هذا القول من بعض الصواب، لا ريب.. إلا أنك تجد بعض من يقوله يُشاهد الأفلام، أوليست الأفلام نسخا مشوهة ركيكة من الروايات الأدبية الرفيعة؟.. وهكذا لا يسكت هذا الفريق عن تسفيه الفريق الآخر إما عن جهل أو حسد أو غير ذلك مما يعلمه الله.

وما الحياة إلا تلك الرحلة التي نقطعها من سذاجة الصبا إلى جدية التكليف. كل في سكته.. فمنا من يصل إلى عين الحكمة، فينزل حيث يفترض منه النزول، منهيا مهمته بنجاح مهما كان الذي حدث له، وضاع منه.. ومنا دون ذلك.

ما أبعد ما بين النفوس الجميلة التي تترك بسمة وأملا حيثما مرت، و تلك الخبيثة التي لا تخلّف وراءها إلا الحزن والجدل والانتقام والتفرقة.. عياذا بالله.

(من شبّ على شيء شاب عليه) مقولة (حجرية) مخيفة!.. الواقع يصدقها والعقل يقبلها، فأنت لا تزال ترى في الشاب الطائش ملامح الأمل، وقوة التغيير، ودروسا تعلمها من الحياة ودروسا لم يتعلمها.. ولكن الرجل الكهل أو الذي تخطى عتبة الشيخوخة ثم هو مغرور لا يزال، متكبر على الحق وأهله، عابد للغرب وقوانينه.. هذا منظره مخيف بشع والعياذ بالله.

ملامح متيبسة كئيبة، وإصرار على الباطل كجلمود صخر حطه السيل من عل! ولأن تستجيب جثة محنطة لنصحك أرجى من أن يستجيب. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فلنحاسب أنفسنا قبل أن نيبس!

لم أر مثل الاحترام والحرص على عدم الأذيّة جالبا للمودة والتقدير إن لم يجلب الحب الشديد.. حتى الطفل الصغير فإنه لا يزال يحبك ويذكرك مادمت تحترمه وتنصت إليه حتى يطمئن لعدلك وأنك لا تظلمه ولا تكذب عليه..

ليس كل مخطئ يمشي في طريق خاطئ، ولا كل محسن هو بالضرورة على صراط مستقيم..

يقول الغربي أو (المستغرب): لا تفرض عليّ دينك، حرية المعتقد مكفولة للجميع..

فإذا تولى عنك سعى ليفرض عليك ليس دينه فقط، بل لغته وقوانينه ومعتقداته الشيطانية التي تجعل من الرجل امرأة ومن المرأة رجلا، فإذا نطقت بكلمة سماك مريضا (أي-شيء-فوب) ويحظر حسابك، ويعاقبك اقتصاديا ويكتب فيك التقارير السميكة يشرح فيها كيف أنك ترفض حقوق الإنسان وتهدد الأمن والاستقرار ويجب التصدي لك بحزم لأنك تقف في طريق تقدم الإنسانية.. بلا بلا بلا!

إنه يقول ببساطة: لا تفرض عليّ دينك (الذي لم تفرضه عليه أصلا)، ولكن أنا أفرض عليك ديني اللاديني وتغييري لخلق الله ولغتي وتاريخي وقهوتي وجواربي بالحديد والنار والإشهار والدولار!.. وتحيا الحرية!

الأخبار العاجلة على قناة الجزيرة - سيئة السمعة - صارت أتفه من الأخبار العادية. تكون مكبا على شأنك في مقهى من المقاهي فإذا بصوت الجرس الخطير المصاحب للأخبار العاجلة، فترفع رأسك بلهفة ولسان حالك يقول: (يا رب سلم!)، ليطالعك على الشاشة بخط عريض شيء من قبيل: (عاجل > وزير خارجية النمسا: لا تعليق لديّ بشأن موعد قمة خمسة زائد ستة ) !

الابتسامة جميلة على كل الوجوه...

رفعت خالد كتب: ↑16 سبتمبر 2022, 13:45 الابتسامة جميلة على كل الوجوه...

رائعة وحقيقية

لا يغفر الذنوب في الحقيقة إلا الله الغفور جل وعلا، ولا يشكر على أقل العمل إلا الله الشكور سبحانه، ولا يحب أن يُسأل ويُلحّ عليه في السؤال إلا الرب تعالى في عليائه.. أما الواحد من الناس فقد يستثقل عليك - لا أقول إلقاء التحية - بل ردها! ويستكثر عليك ابتسامة صادقة واحدة، بل نصفها. ولعلها لأجل ذلك عُدّت من الصدقات!

وكثير ممن تعرف إنما يلقي عليك تحايا كالطلاسم فقط لأن عينه صادفت عينك، أو مصلحته - كما يقال - تقاطعت مع مصلحتك، أو على سبيل العادة الآلية الباردة. أهلا أهلا، كيف حالك والأولاد والأهل، والصحة و..

لا حرمنا الله وإياكم قرب من تسكن إليهم نفوسنا من الأهل والأحباب الصادقين في حبهم ومودتهم.

ويستكثر عليك ابتسامة صادقة واحدة، بل نصفها. ولعلها لأجل ذلك عُدّت من الصدقات!

^_____________^
ابتسامة عريضة ^^

منيرة كتب: ↑23 سبتمبر 2022, 10:59 ويستكثر عليك ابتسامة صادقة واحدة، بل نصفها. ولعلها لأجل ذلك عُدّت من الصدقات!

^_____________^
ابتسامة عريضة ^^

شكرا ^^

بتدريسنا العلوم والاقتصاد بالفرنسية جعلنا طبقة مزعجة تفصل بيننا وبين العلوم والمعارف، لا يتخطاها منا إلا ثلة قليلة لأسباب مادية وظروف معينة.. والمصيبة أن هذا صار عبقرية وتميزا في ذاته. أي أن من يقتحم عقبة الفرنسية صار هو المثقف والذكي الألمعي.. فنافس بذلك طلاقة الصبي الفرنسي!

وا عبثاه!

من المكتشفات الأخيرة للمسبار الفضائي الجديد (جيمس ويب)، مجرة تعد الأقدم بالقياس إلى (عمر) الكون و(الانفجار العظيم).. وقد وجدوا أن من غير الممكن أن تصل هذه المجرة إلى تلك المراحل المتقدمة من النضج بالنظر للوقت الذي يفصلها عن (بداية) الكون، فكأن عمرها يمتد إلى ما قبل (عمر) الكون ! وهي نفس المعضلة التي واجهتهم مع أقدم نجم تم رصده. فارتبكوا كالعادة وعميت عليهم الأنباء. فقال بعضهم أن عمر الكون - المثبت رسميا في المراجع العلمية - خاطئ يا جماعة يا بتوع الناسا، وقال آخرون قولا أشد عليهم، وهو ألا يكون الكون نشأ بالانفجار العظيم أصلا!

ويغضب بعضنا إذا ذكرنا سوء طوية القوم وغرورهم وعجزهم وخلطهم الحقيقة بالكذب..

يقولون المال هو عصب الحياة، ثم يجعلون محياهم ومماتهم للمال لا شريك له.. وهل يعيش أحد بالعصب فقط ؟

أبرز ما يلاحظ في أهل السنة والجماعة، أهل الحديث والأثر، وضوح مصادرهم، بل إنهم يجعلون مصادرهم هي الشعار الذي يرفعونه ليراه الجميع.. ومن كان (رجلا) فليدرس هذه المصادر جيدا وليدخل (الحلبة) ليبين أنهم على خطأ بالعقل والمنطق، وليبين بعدها صواب هذا الخطأ بالعقل والمنطق كذلك حتى يظهر لكل ذي لب وفطرة سليمة أن ما أتى به أعلى مما عندهم وأحق أن يُتبع.

الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح من الأمة.. هذا شعارهم، وإن سألت أصغر واحد فيهم أن يسمي لك بعضا من هذا السلف الصالح فإنه يفعل ببساطة ويسر. أما غيرهم من أهل الأهواء والبدع والعلمانيين المتسترين والملاحدة المقنعين فلا يفصحون أبدا.. وتراه ينقل لك شبها من كتاب إلحاد قرأه ولا يجرؤ أن يسميه بل يدعي أن ذلك من عنده. أليس ينبغي على من كان على الحق أن يكون قويا، فخورا، داعيا للحق الذي معه ؟

يعجبني (اليأس مما في أيدي الناس).. ويقضي علي الذين (تحسبهم أغنياء من التعفف)..

الذين يقولون (اشتركوا في القناة فضلا وليس أمرا)..
كأن لهم سلطة (الأمر) لكنهم لشدة تواضعهم تنازلوا عنها!

لم أجد جوابا مسكتا لأحزان تقدّم العمر وتصرّم ذكرى (الحبيب والمنزل) مثل التأمل في فناء الدنيا نفسها.. فلا تحزن على كوب جميل في منزل سوّاه الزلزال بالأرض! فلا المنزل بقى ولا المطبخ ولا الكوب..

كل ما ترى إلى زوال يا صاحبي.

لو اتبعنا سفسطة الملاحدة في طلب دليل على ما لا يحتاج دليلا، كحتمية وجود صانع لكل مصنوع متقن والتي يؤمنون بها في سائر حياتهم حتى إذا ذُكر الخالق العظيم تختفي هذه الحتمية فجأة! إذن لطلبنا دليلا على صناعة كل شيء حولنا، لا أقول دليلا على صناعة السيارات مثلا.. لا بل دليلا على صناعة كل سيارة، وكل منزل وكل لافتة. لأن الصدفة قد تصنع لافتة تحذيرية وتغرسها بجانب الطريق أليس كذلك؟ إذن ما دمنا عطلنا قانون السببية، فلن أومن أن لمصنوع صانع حتى يثبت لي ذلك.

وحتى الجثث التي توجد مقتولة، ما الدليل على أن هناك من قتلها قبل البحث عن القاتل؟ ولا يحدثني أحدكم عن سبب ومسبب بعد اليوم.. أصلا ما الدليل على وجود كاتب لهذا الكلام؟

سفهاء الملاحدة يفرحون بكل تفسير علمي للزلازل والأمطار وغيرها ويعدّونه دليلا جديدا على عدم وجود الإله - تعالى في عليائه عما يقول الجاهلون - وكأن معرفتنا بآلية اشتغال مبرد السيارة كلما ارتفعت حرارة المحرك مثلا دليل على أن السيارة والمحرك والمبرد عشوائيات (انتظمت) صدفة أو (نظّمتها) الطبيعة بطريقة ما أو.. صنعتها كائنات فضائية مجهولة وطارت مبتعدة.

من تأمل في شعر العرب الأوائل مستعينا ببعض الشرح ونطق ببيت أو بيتين متذوقا، استبشع ما يراه الناس اليوم شعرا ! أي درويش يا رجل وأيّ قبّاني ؟ خدعونا فقالوا شعر !