جانفي 2011
- كانت " م" تضع أخر لمساتها الخاصــــة على طاولة العشاء الشهية, كل شيئ لامع و نظيف ومرتب ,إبتسمت و أسرعت لتأخذ حماما دافئا يمنحها نشاطا و حيوية,إنتهت من تسريح شعرها ووضع مكياج خفيف ,بعض البودرة الوردية على خدها ,قليل من الكحل في عينيها اللوزييتن، رسمت شفتيها بقلم تجميل أحمر,تأملت نفسها كانت جميلة بثوبها الأسود, عزمت على أن تكون كل يوم إمرأة جديدة ومختلفة لتفاجيء زوجها, من يراهما يعتقد أنهما في أسبوع العسل الأول رغم مرور عامين و ثلاثة أشهر على زواجهما, كل شي يبدو رائعا و كاملا .
في الليل و هما مستلقيان على الفراش بادرها زوجها قائلا:
-تعرفين جيدا كم أحبك.
-طبعا عزيزي و أنا أستحق حبك بجدارة .
-ما رأيك لو قلت لك أني سأتزوج؟
-سأجن طبعا لكن بعد أن أقتلكما معا, و ضحكت برقة.
لكن الزوج لم يضحك بل رمقها بنظرة صارمة بعثت في جسمها برودة أخافتها.
-أنا جاد في قولي" سأتزوج"
-توقف عن مزاحك الثقيل.
- تعرفينني جيدا لست من يمزح في مثل هذه الأمور
صمت ثقيل طويل ...
-لكن كيف و لماذا و متى ؟
-الأمر حدث منذ أشهر لا أدري كيف, لكن لماذا يتزوج الرجل امرأة ثانية برأيك؟
-أخبرني أنت, ما الجرم الذي إرتكبته أي ذنب إقترفته,لأني جعلتك أسعد الرجال غمرتك بكل الحب و الحنان , لأني عشقتك؟
أم لأني لم أصر أما بعد تعرف جيدا أننا قررنا تأجيل الإنجاب ....
أستطيع أن أحمل في أي لحظة ، أسرعت نحوه لكن الزوج الصارم أبعدها عنه بقسوة .
- لقد قررت و إتنهى الأمر لك الخيار إما إقبلي و تكونين زوجتي العزيزة أو أرحلي؟
و علا الصراخ المنزل و سط دموع حارة من " مّ" كانت في حاله جنون و غضب هستيري
في حين بدا الزوج لا مباليا و باردا كالثلج.
انزوت"م" في زاوية من المنزل و دموعها تسبق شهقاتها الحزينة و استمرت هكذا حتى الفجر دون أن يحضر الزوج ليجبر بخاطرها او يحاول استمالة عواطفها ....
,عندها فتحت باب غرفة النوم ،وجدته نائما كطفل وديع بريء...
كيف صار قاسيا و عنيدا؟ هل هذا زوجي ؟
كيف خسرته "أنا"لإمرأة أخرى؟
خاطبت نفسها بشيء من و المرارة: يا إلهي إن ضحكاته و سعادتة التي حسبتها بسببي كانت بسببها هي و بريق الحب في عينيه سطع من أجلها هي ليس من أجلي, لقد كان ملكها حينما إعتقدت أنه ملكي ,شعرت بجرح أنثوي عميق, أي خواء كانت تعيشه...
رأت الماضي ماثلا أمام عينها لكن الأدوار هذه المرة كانت معكوسة تماما,جلست تفكر و تفكر ، فهمت الأمــــــــــر ، قررت بالضبط ماذا ستفعل...
في الصباح جهزت لزوجها القهوة و قدمتها له قائلة:
- لا بأس يمكنك أن تتزوج هذا حقك, سأبقى معك دوما وللأبد.
ارتسمت الدهشة الفرحة على ملامحه , إحتضنها برقة: أنت زوجتي الحنون كنت أعرف أنك لن تخذليني.
ردت "م " بمرارة طبعا لن أفعل....
أفريل 2011
- كان حفل الزفاف فخما للغاية ,أما العروس فرائعة الجمال في الفستان الأبيض, , زادها شعرها الكستنائي المتموج رونقا و بهاءا, أكبر الحاضرون قوة "م" و حسن تصرفها حيث قامت بدورها كمضيفة على أكمل وجه بدت سعيدة و جميلة و هي ترتدي ثوبا طويلا بنفسجي اللون مطرزا بخيوط فضية أضفى عليها سحـــــــرا لا يقاوم ....
عندما جلست على المقعد أخيرا رمقت الحاضرين بنظرة طويلة و سرحت بعيدا لتتذكر ليلة زفافها...
لم يوقظها من شرودها إلا صوت ملائكي يدعوها للرقص رفعت نظرها إنها العروس مع زوجها, قامت تلبي دعوتها بكل لطف ...
رقص الثلاثة بمرح و سعادة , بدا الزوج و كأنه بين حوريتين سماويتين, كل شيء جميل ومثالي ...
ما إن وطئت قدم العروس الجديدة عش الزوجية حتى قالت في نفسها (انتهى الأمــــــــــــر ، لا مجال للتراجع الآن.)...
نوفمـــــــــــــبر 2011
- سارت الأمور بعد الزفاف و خلال فصل الصيف على أحسن ما يرام ,العروس الجديدة لطيفة مهذبة ,رقيقة والزوج عادل و متفهم وحنون , أما " م" كعادتها رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى كان الحب و الدفء و الأمان يسود العائلة السعيدة ...
- تعودت الزوجتان عند غياب الزوج على الجلوس معا و تناول الشاي و الكعك كانت العروس الجديدة تحب الكعك المحلى بالشيكولاتة أما " م" فتفضله بطعم العسل.
ذهبت لإحضار قطعتي الكعك بينما العروس تصب الشاي المعطر بالليمون..
كانت " م" ترشف الشاي بتأن حين شعرت فجأة بألم يعتصرها, و لمحت نظرات جهنمية ترقبها,بدت العروس الجديدة باردة هادئة و هي تتأمل " م" تحتضر,غير أنها أحست بوهن و ضعف غريبين يسيطران على جسدها عندما حاولت النهوض فسقطت أرضا و رأت إبتسامة ساخرة شريرة تطبع وجه "م" الأزرق.
عندما عاد الزوج و جد جثتين هامدتين بانتظاره ,لم يستطع أي أحد تفسير ما حدث , قيل أنهما تعرضتا لسكتة قلبية لسبب مجهول , و صارت قصة موتهما مثالا لتألف الأرواح و إنسجامها, فكما كانت المرأتان سعيدتان معا في الحياة لم تستطع إحداهما أن تفارق الأخرى و تتركها وحيدة, فماتتا معا وكأنهما إتفقتا على ذلك.
-تمت-