-1-
ألقيتُ بثقلي فوق الكرسيّ الدوّار، ووضعتُ قدح القهوة بجانب لوح المفاتيح..
هي جلستي الليلية المعتادة أمام شاشة الحاسوب، بعد الفراغ من العشاء الأسَريّ البسيط، وبعد كلام يسير نتجاذب أطرافه حول مكان المخيم القادم، أو تداعيات القصف السوري لسوريا ! أو لغز اختفاء صندوق النفايات من مكانه برأس الحي، أو ارتفاع سعر البصل وعلاقته بالربيع العربي.. أو أيّ موضوع آخر من وحي الساعة أو إلهام الملل. بعدها أصعد الدّرج بحماس إلى الطابق الثاني، حيث بيتي العزيز وحاسوبي الحبيب، وليلة أخرى من الليالي الطويلة المفعمة بالمحادثات الماتعة، واللقطات المضحكة، والأخبار الغريبة، والفضائح المريبة.. وهلمّ جرا.
أما البيتُ فمبعثر غاية البعثرة، يُذكرني دوما بالأطلال كلما ألقيتُ عليه أول نظرة، كما ذكرتني كلمةُ (الأطلال) به لمّا سمعتها أول مرة.. ربما لو دخل عليّ الآن مجنون ليلى لدمعت عيناه، وجلسَ على كومة من ثيابي يبثّ هواه ليلاه، وينشد بيتا خالدا يذكرُ فيه كلمة (أطلال) !
حاولتْ أمي - وبعدها أختي - فهم هندسة بيتي، وسط كل هذه الفوضى ولكن كان ذلك بلا جدوى. حاولا العثور على حلّ جذري لترتيب ملابسي وجواربي ودفاتري، ولكن هيهات. فما كانت محاولاتهما إلا (كناطحٍ صخرةً يومًا ليُوهنها، فلم يضرها وأوهن قرنه الوعلُ) !
وأما هذا الحاسوب الذي أجلسُ أمامه الآن، وأكتبُ عليه ما تقرأون، فأمره عجيب لا ينقضي منه العجب.. فلكأني به يختزل أكثر دنيانا وراء شاشته. يمتصّها امتصاصا من الهواء، ويشربها من الحيطان فتسري منه في الأمعاء. أو يلتقطها من الأثير لاقطٌ مثبّت بداخله، كأن داخله بسعة السماء ! وتأتي أنتَ لتُلقي بجسمك عبر الشاشة، وتسبحُ هنا وهناك بلا قيد كالحوت في البحر. أو تُطلّ على هذا البلد أو ذاك من مكانك، كأنما تطلّ من شُرفة برج عاجيّ، ثم إذا ما سئمت أو أضجرك المنظر، غلّقت النافذة وقصدت شرفة أخرى. أو تراك تُبحر بسرعة البرق تحت المحيطات، كأنما أنت عِفريت أزرق ! فتصل الطرف الآخر من العالم قبل أن يرتدّ إصبعك من لوح المفاتيح !
ألم أقل أن أمره عجيب هذا الحاسوب لا ينقضي منه العجب ؟ المصيبة أنه يتغلغل في عروقنا مثل أيّ عقار مخدر، حتى تُحسّ بوخز الوحدة فجأة إذا ما انقطعت الشبكة، أو ذهب نور الكهرباء، أو نسي أبوك تسديد ثمن فاتورة الشهر.. فتوشك حينها أن تشدّ شعر رأسك، وتلطم خدّك، وتشقّ جيبك لما تذكر أن الأمر يلزمه يومان أو ثلاثة أيام على الأقل حتى يرحمك من بيدهم هذا السحر الثمين، فيمدّونك بخيط واحد منه، يربطك من جديد بتلك الشبكة الضخمة للعنكبوت العملاق الذي يقف فوق الكرة الأرضية، وكل رجل من أرجله غائصة في أحد محيطاتها !
الشبكة العنكبوتية.. يا لها من كارثة ! لم أعد أذكر إن كنتُ ألمس دفاتري أو كتبي المدرسية مذ عرفتها !
لو قيل لي أن هذه الشبكة اللعينة إنما ابتكرها من ابتكرها لتشتيت أذهان العالم وتحويلهم إلى مجموعة من البدينين الحمقى، الذين لا يكفّون طوال الوقت عن التحديق بسكون في الشاشات الوهّاجة، وأفواههم تسيل باللعاب.. لو قيل لي هذا لصدقته فورا، ولانبريتُ أصفّق لقائله بإعجاب!
* * *
أنا الآن أبحرُ في البحر الأزرق.. (الفيسبوك).
هناك من اقترح عليّ صفحة شبابية مغربية على هذا الفيسبوك، مختصة بالأسفار والمخيمات الجماعية. فكرتها أعجبتني بعض الإعجاب، وهي تتلخص في مجموعة من الاقتراحات، يقترحها الشباب المشارك حول أماكن بديعة في المغرب للزيارة والتخييم، مع نبذة عن نشاطات هذه المخيّمات المقترحة وبرامجها. فيتم التصويت عليها من طرف الزوار مدة من الزمان، قبل أن يُعلن مديرُ الصفحة عن نتيجة التصويت على رأس كلّ ثلاثة أشهر على التقريب، ثم يُنتخَب المشاركون حسب العدد المسموح، وأسبقية التعليقات وما شابه ذلك من القوانين..
هذه الصفحة سمّاها صاحبها Finn، ومعناها (أين؟) بالدّارجة المغربية. لذلك ما عليّ - كما أخبرني ياسين - إلا أن أكتب هذا الاسم بعد علامة (السلاش) في نهاية عنوان الفيسبوك..
facebook.com/finn
جميل، فلننتظر تحميل الصفحة إذا..
يبدو أن الأمر طال أكثر من المعتاد.. فلأتأكد من وجود ارتباط بالشبكة أصلا. لا تقولوا أن الشهر انقضى وأبي قد نسي..
كلا هاهي ذي الشبكة تعمل بكفاءة عالية، ما المشكل هنا ؟ لعلها الألسنة الكثيرة التي أفتحها بالمتصفح هي من أبطأت الأداء. فلأغلقها جميعا، فلا حاجة لي بها. إذ لم يبق إلا هذه الصفحة أنظر فيها ثم أقوم لأنام فقد جاوز الوقت منتصف الليل.
وأخيرا فُتحت الصفحة العنيدة، ولكن..
ما هذا ؟؟
* * *
-2-
غريب !.. أيّ صفحة هذه ؟
الغلاف العلوي به صورة هي أشبه شيء بتلك اللوحات (السوريالية) التي لها ألف معنى، وليس لها - إن شئت - أيّ معنى! وفي ركن الغلاف حروف غريبة، ليست صينية ولا أمهرية ولا مسمارية.. حروف عجيبة، المفروض أنها عنوان الصفحة !
هل يعبث بي ياسين ؟ ألم يقل أنها صفحة بإشرافه، ودعاني لأشارك في المخيم القادم الذي اختاره سلفا ليكون في منطقة (أزيلال) حيث شلالات (أوزود) الشهيرة، وهو يتظاهر أمام الآخرين باحترام قوانين التصويت التي كتبها !
قال أني سأجد منشورا مثبتا، وما عليّ إلا أن أسجل إعجابا بالصفحة أولا، ثم بالمنشور إياه.. ولابأس من تعليق متحمّس، أبدي فيه رغبتي المجنونة في المشاركة..
ولكن هذه الصفحة العجيبة التي أمامي الآن هي أبعد ما تكون عن صفحة رحلات. فإما أنه يعبث بي، وأنا لا أحب المزاح الذي يضيع وقتي سُدى، وإما أن هناك خطأ لم أتبينهُ بعدُ !
ثم ما هذه اللغة التي يكتب بها القوم تعليقاتهم ؟ حروف لاتينية، إلا أن الكلمات المكتوبة بها يصعب نطقها.. ما هي azzezdfst ؟ كيف تُنطق أصلا ؟
أما الصور الشخصية للمعلقين، فكل صورة منها عليها رمز غريب. نجوم خماسية، قرون، أظفار.. ذكرتني برموز عبدة الشيطان عياذا بالله.
الصور في المنشورات رديئة الجودة بدورها وغير واضحة المعالم. والسواد بها كثيف لا يترك إلا أنصاف أشياء ظاهرة بالرمادي والأزرق الكئيب، فلا تدري أي شيء تكون. أشياء كثيفة مشعثة كأنها الشعر، وأشياء طويلة مقوسة قد تكون منجلا أو هي ظفر !
تبا.. كأنهم التقطوا هذه الصور بالآلات الحاسبة لو كان هذا ممكنا !
أي جنون ؟
عيل صبري آخر الأمر، فأغلقت المتصفح بنقرة عصبية، ثم أغلقت الحاسوب تبعا، وبلا تردد. وقمتُ في قفزة واحدة أقصد إلى سريري الدافئ لأنهي الليلة عند هذا الحد.
* * *
ما أسرع انقضاء الزمن ! لم أكد أحسّ بأحداث اليوم وهي تمرّ عليّ مرّ السحاب.. إفطار على عجل، ثم درسٌ وما فيه من ملل، ثم عودة للدار وغذاء بالبطاطس والبصل، ثم قيلولة قصيرة الأجل، فرياضة بعدها لتمرين العضل، فدوش بعد الرياضة ثم بعد الدوش حلقة من ذاك المسلسل.. وهاأنذا أمام شاشة الحاسوب من جديد أحملق في وجل !
أحملق في شعار (الويندوز) يتوهّج وينطفئ بهدوء كأنه يتنفس. ثم تظهر عبارة الترحيب المعهودة.. ترحيب على عتبة المجرة الرقمية!
ثوان أخرى من الترقب، أرمق فيها تلك الكريات الصغيرة تطوف في دوامة أبدية، تطلب المزيد من الصبر وضبط النفس..
ثم يظهر سطح مكتبي أخيرا. أنا عاشق للخضرة ومناظر الطبيعة المنعشة، لذا لن تجد غيرها على الخلفية..
فلننقر هنا فوق اختصار (كروم)، متصفّح الإنترنت الشهير. لحظات حتى يتحمّل آخر لسان كنتُ أفتحه، إذ أنّي أفعّل خاصية تذكر الصفحات المفتوحة أخيرا.. ماذا كانت هذه الصفحة يا ترى؟
الصفحة الفيسبوكية الغريبة إياها.. تذكرتُ الآن. كنتُ البارحة في مزاج متعكر قليلا، فلم أتحمّل النظر فيها طويلا، ولم ألتق ياسين اليوم في الثانوية لأخبره أن دعابته لم تكن مضحكة ألبتة. أما اليوم فأنا نشط بعض النشاط، ربما بفعل حصة الرياضة التي حظيت بها، ناهيك عن أن مزاجي رائق - أغلب الوقت - للتحقيقات والبحوث غير المدرسية.
فلنبدأ بهذا المنشور الأول، دعنا ننسخه هكذا.. والآن فلنحمله إلى (مترجم كوكل)، ذاك اللغوي الأمريكي العجوز الذي يدّعي معرفة أكثر لغات الأرض، لنسأله عن هذه اللغة العجيبة ما تكون!
* * *
أذكر ذلك الأستاذ الحكيم في سنوات الإعدادية، أستاذ (التربية الفنية).. ولا أدري لم يُدرّس الأساتذة الحكماء دائما موادا غريبة !
كان الأستاذ العياشي يومها يحدثنا عن موضوع إدمان الإنترنت، فسكت ساعة يقلّب النظر فينا ويحكّ لحيته بهدوء وثقة ساحرة، تلك الثقة التي لا تدري كيف كسبها ! كأنما يملك زمام الوقت، كأنما هو يعرف ما ينبغي عمله في كل ثانية.. بل كأنه عاش هذه الحياة من قبل، وهو الآن يعيد (اللقطات) ليس إلا !
نظر الأستاذ العياشي لي بالذات وهو يقول بصوته الرخيم:
- هذا الزمان.. ما أعجب هذا الزمان ! أرأيتم كيف صار كل شيء في هذا الزمان بالجملة ؟ كل شيء. المشاعر، العلوم، الموت.. ماذا تفعل بخزان من البطاطس أنت ؟ قل لي ؟ تبيعه، تأكله، تحرسه، تخبئه ؟.. لن تعرف، أو ستحير طويلا قبل أن تعرف. ولكن إذا أعطيتك ثلاث بطاطات، ستعرف فورا مصيرها.. رقائق مملحّة مقلية، أو قطع مسلوقة شهية.. أليس كذلك؟
ضحكنا بحماس، ونحن ننقل أبصارنا فيما بيننا، وقد أعجبنا التشبيه. وتمنى كل واحد منا أن تطول الحصة للأبد !
ولكن صوته الطاغي سرعان ما قاطعنا، لتكف الجلبة فجأة:
- ماذا تفعلون بملايير المعلومات ؟ بل كيف تتخلصون منها، وهي تصبّ في رؤوسكم كل لحظة وفي كل مكان ؟ هذا هو السؤال الأهم الآن.. كيف تتخلصون منها ؟ لا كيف تستزيدون..
سعل ونقل خطواته ببطء في المكان، وهو يتكلم كأنما يكلم نفسه:
- إن الإنسان كائن لزج، إن صح التعبير.. لا يمكن ألا تعلق به المشاهد والمعلومات كيفما كان نوعها، وبخاصة أنتم الشباب..
هنا جال ببصره في الوجوه كأنما يبحث عن أحد، قبل أن يستطرد:
- قولوا لي بالله عليكم من تمكّن منكم من ترشيد استعمال هذه الشبكة المخيفة يوما ؟ من تمكن من حبس هذا الشلال الهادر ؟ من غربل هذا الزخم من المعلومات، حتى لم يصل إلى عقله إلا كل نافع مفيد ؟
تردد صدى أسئلته بين جدران القسم، وكان رجع الصدى أبلغ من الأسئلة !
- أقول لكم يا أبنائي، تخلصوا من هذا الوباء متى ما استطعتم، أخرجوه من بيوتكم. أقول لكم: احذروا اليوتيوب، وفروا من الفيسبوك !
* * *
-3-
«فروا من الفيسبوك !»
تذكرتُ هذه العبارة فابتسمت، وأنا أنظر لصفحة موقع (مترجم كوكل)..
ألصقتُ في المربع اليسار ذلك المنشور الذي كنت استنسخته من الصفحة المريبة، واخترتُ خاصية التحديد التلقائي للغة. سيفكر مستر (ترانسلايت) قليلا ثم يخبرني اسم هذه اللغة العجيبة..
في الانتظار اخترت اللغة العربية في ثاني إطار، ذاك الذي يظهر فيه النص المترجم، مع ما في هذه الترجمة من ركاكة. إذ أنك تجد في الغالب شيئا من قبيل: (دخول انتظار مدرسي جميل !).
انتظرتُ حتى تعب عمودي الفقري فوخزني محتجا، فأرخيتُ ظهري على مسند الكرسي ومددتُ يديّ لأسرح مفاصلي تسريحا..
بعد لحظات - وكما توقعت بالضبط - طالعتني نافذة إخبارية، مكتوب عليها (معذرة إليكم، لم نتمكن من تحديد اللغة !)..
لأول مرة أثبتُّ عجزك يا مستر (ترانسلايت) .. حسنٌ لعلها لغة غير مكتوبة بحروفها الأصلية ! فلأنس الأمر.
عدتُ للصفحة المشؤومة، وطفقتُ أحكّ ذقني حائرا.. أرمق تلك المنشورات والتعليقات الغريبة عليها. وبملل حركت رأس الفأرة ونقرت على رأسها فوق أحد الإطارات المخصصة للتعليق، ثم انتقلت أصابعي بآلية إلى لوح المفاتيح لأكتب بالإنجليزية نصا قصيرا مُفاده: (مرحبا بكم، أنا شاب من المغرب. هلا أخبرني أحدكم عن هذه الصفحة، وعن لغتكم التي بها تكتبون ؟).
ثم ضغطتُ زر الإدخال لأرسل التعليق..
* * *
الواقع أوسع من الخيال..
قالها أخي الأصغر يوما في إحدى حواراتنا الفلسفية، ليتركني أياما أتأمل فيما قال، ولأجد - آخر الأمر - حقا ما قال، على نقيض ما أوهمني عقلي عند أول نظرة عجلى..
لو أخبرك أحدهم أنه التقى شخصا له نفس اسمه وكنيته في قاعة انتظار عند طبيب أسنان، لصدقته ولو بعد حين من الاستغراب والإنكار. ولكنك إذا قرأت هذا في قصة أو رواية، لمططت شفتيك مستاء من هذه (الصدفة المستحيلة) ! ذلك لأن الواقع يفرض عليك الأمر فرضا محتوما.. أما في الخيال، فأنت تقدّم سوء الظن على حسنه، وتفضل التكذيب على التصديق.
لو خرج عليك الآن قط أسود مزمجر من نافذة بيتك الذي في الطابق الثاني.. لصدّقت طبعا، وخارت قواك تماما تحت حتمية هذه الواقعة الرهيبة. ولكنك لن تتحمل قراءة هذا المشهد السخيف في إحدى القصص الخيالية.
الواقع أوسع وأغرب من الخيال.. صدقت أخي العزيز.
* * *
ماذا لو أخبرتك مثلا أني بعدما ضغطتُ زر الإرسال بدقيقة - أو دون الدقيقة - وقع أغرب ما يمكن أن يقع ؟
صورة تحمل تموقعي الجغرافي برزت فجأة أعلى الصفحة ! في البداية لم أفهم طبعا.. دنوتُ من الشاشة ببلاهة، وأمعنتُ النظر في الصورة. ثمة دائرة حمراء حول بقعة من الخريطة، ثم اتّضح لي بعد التدقيق أن الدائرة تطوق منزلا ما.. هل هذا حيّي الذي أقطنه ؟
هل هذا منزلي ؟؟
وقبل أن أفهم أكثر.. برز منشور جديد فوق الصورة، وكان عبارة إنجليزية بحروف لاتينية كبيرة تقول كأنها تصرخ في وجهي: (ممنوع دخول البشر! ومن دخل منهم يطاله العقاب المعلوم) !
العقاب المعلوم ؟.. هل هذه خدعة ما ؟
أعرف هذه الخدع المتقنة لخبراء الحاسوب وأولئك القراصنة الخبثاء، لكني بدأتُ أشعر بعدم ارتياح حقيقي..
ثم ماذا لو أخبرتك كذلك أنه خلال اللحظة التالية، وقبل أن أغلق صفحة الفيسبوك التي وتّرت أعصابي، سمعتُ صوت ارتطام قوي لباب غرفة من غرف الطابق السفلي، تلاه صراخ مروّع لأمي؟
في هذه اللحظة بالذات وقف شعر رأسي، وتجمدت عيناي على الشاشة.. ليس بسبب ارتطام الباب المخيف، ولا بسبب صرخة أمي المدويّة. بل لأني اكتشفتُ السبب الذي أدخلني الصفحة بالخطأ !
تذكرون أن الصفحة كان اسمها (finn) ؟ متى كتبتُ حرف j بدلf ؟.. متى كتبتُ (jinn) ؟
هل تفكرون فيما أفكر ؟!
ألقيتُ بثقلي فوق الكرسيّ الدوّار، ووضعتُ قدح القهوة بجانب لوح المفاتيح..
هي جلستي الليلية المعتادة أمام شاشة الحاسوب، بعد الفراغ من العشاء الأسَريّ البسيط، وبعد كلام يسير نتجاذب أطرافه حول مكان المخيم القادم، أو تداعيات القصف السوري لسوريا ! أو لغز اختفاء صندوق النفايات من مكانه برأس الحي، أو ارتفاع سعر البصل وعلاقته بالربيع العربي.. أو أيّ موضوع آخر من وحي الساعة أو إلهام الملل. بعدها أصعد الدّرج بحماس إلى الطابق الثاني، حيث بيتي العزيز وحاسوبي الحبيب، وليلة أخرى من الليالي الطويلة المفعمة بالمحادثات الماتعة، واللقطات المضحكة، والأخبار الغريبة، والفضائح المريبة.. وهلمّ جرا.
أما البيتُ فمبعثر غاية البعثرة، يُذكرني دوما بالأطلال كلما ألقيتُ عليه أول نظرة، كما ذكرتني كلمةُ (الأطلال) به لمّا سمعتها أول مرة.. ربما لو دخل عليّ الآن مجنون ليلى لدمعت عيناه، وجلسَ على كومة من ثيابي يبثّ هواه ليلاه، وينشد بيتا خالدا يذكرُ فيه كلمة (أطلال) !
حاولتْ أمي - وبعدها أختي - فهم هندسة بيتي، وسط كل هذه الفوضى ولكن كان ذلك بلا جدوى. حاولا العثور على حلّ جذري لترتيب ملابسي وجواربي ودفاتري، ولكن هيهات. فما كانت محاولاتهما إلا (كناطحٍ صخرةً يومًا ليُوهنها، فلم يضرها وأوهن قرنه الوعلُ) !
وأما هذا الحاسوب الذي أجلسُ أمامه الآن، وأكتبُ عليه ما تقرأون، فأمره عجيب لا ينقضي منه العجب.. فلكأني به يختزل أكثر دنيانا وراء شاشته. يمتصّها امتصاصا من الهواء، ويشربها من الحيطان فتسري منه في الأمعاء. أو يلتقطها من الأثير لاقطٌ مثبّت بداخله، كأن داخله بسعة السماء ! وتأتي أنتَ لتُلقي بجسمك عبر الشاشة، وتسبحُ هنا وهناك بلا قيد كالحوت في البحر. أو تُطلّ على هذا البلد أو ذاك من مكانك، كأنما تطلّ من شُرفة برج عاجيّ، ثم إذا ما سئمت أو أضجرك المنظر، غلّقت النافذة وقصدت شرفة أخرى. أو تراك تُبحر بسرعة البرق تحت المحيطات، كأنما أنت عِفريت أزرق ! فتصل الطرف الآخر من العالم قبل أن يرتدّ إصبعك من لوح المفاتيح !
ألم أقل أن أمره عجيب هذا الحاسوب لا ينقضي منه العجب ؟ المصيبة أنه يتغلغل في عروقنا مثل أيّ عقار مخدر، حتى تُحسّ بوخز الوحدة فجأة إذا ما انقطعت الشبكة، أو ذهب نور الكهرباء، أو نسي أبوك تسديد ثمن فاتورة الشهر.. فتوشك حينها أن تشدّ شعر رأسك، وتلطم خدّك، وتشقّ جيبك لما تذكر أن الأمر يلزمه يومان أو ثلاثة أيام على الأقل حتى يرحمك من بيدهم هذا السحر الثمين، فيمدّونك بخيط واحد منه، يربطك من جديد بتلك الشبكة الضخمة للعنكبوت العملاق الذي يقف فوق الكرة الأرضية، وكل رجل من أرجله غائصة في أحد محيطاتها !
الشبكة العنكبوتية.. يا لها من كارثة ! لم أعد أذكر إن كنتُ ألمس دفاتري أو كتبي المدرسية مذ عرفتها !
لو قيل لي أن هذه الشبكة اللعينة إنما ابتكرها من ابتكرها لتشتيت أذهان العالم وتحويلهم إلى مجموعة من البدينين الحمقى، الذين لا يكفّون طوال الوقت عن التحديق بسكون في الشاشات الوهّاجة، وأفواههم تسيل باللعاب.. لو قيل لي هذا لصدقته فورا، ولانبريتُ أصفّق لقائله بإعجاب!
* * *
أنا الآن أبحرُ في البحر الأزرق.. (الفيسبوك).
هناك من اقترح عليّ صفحة شبابية مغربية على هذا الفيسبوك، مختصة بالأسفار والمخيمات الجماعية. فكرتها أعجبتني بعض الإعجاب، وهي تتلخص في مجموعة من الاقتراحات، يقترحها الشباب المشارك حول أماكن بديعة في المغرب للزيارة والتخييم، مع نبذة عن نشاطات هذه المخيّمات المقترحة وبرامجها. فيتم التصويت عليها من طرف الزوار مدة من الزمان، قبل أن يُعلن مديرُ الصفحة عن نتيجة التصويت على رأس كلّ ثلاثة أشهر على التقريب، ثم يُنتخَب المشاركون حسب العدد المسموح، وأسبقية التعليقات وما شابه ذلك من القوانين..
هذه الصفحة سمّاها صاحبها Finn، ومعناها (أين؟) بالدّارجة المغربية. لذلك ما عليّ - كما أخبرني ياسين - إلا أن أكتب هذا الاسم بعد علامة (السلاش) في نهاية عنوان الفيسبوك..
facebook.com/finn
جميل، فلننتظر تحميل الصفحة إذا..
يبدو أن الأمر طال أكثر من المعتاد.. فلأتأكد من وجود ارتباط بالشبكة أصلا. لا تقولوا أن الشهر انقضى وأبي قد نسي..
كلا هاهي ذي الشبكة تعمل بكفاءة عالية، ما المشكل هنا ؟ لعلها الألسنة الكثيرة التي أفتحها بالمتصفح هي من أبطأت الأداء. فلأغلقها جميعا، فلا حاجة لي بها. إذ لم يبق إلا هذه الصفحة أنظر فيها ثم أقوم لأنام فقد جاوز الوقت منتصف الليل.
وأخيرا فُتحت الصفحة العنيدة، ولكن..
ما هذا ؟؟
* * *
-2-
غريب !.. أيّ صفحة هذه ؟
الغلاف العلوي به صورة هي أشبه شيء بتلك اللوحات (السوريالية) التي لها ألف معنى، وليس لها - إن شئت - أيّ معنى! وفي ركن الغلاف حروف غريبة، ليست صينية ولا أمهرية ولا مسمارية.. حروف عجيبة، المفروض أنها عنوان الصفحة !
هل يعبث بي ياسين ؟ ألم يقل أنها صفحة بإشرافه، ودعاني لأشارك في المخيم القادم الذي اختاره سلفا ليكون في منطقة (أزيلال) حيث شلالات (أوزود) الشهيرة، وهو يتظاهر أمام الآخرين باحترام قوانين التصويت التي كتبها !
قال أني سأجد منشورا مثبتا، وما عليّ إلا أن أسجل إعجابا بالصفحة أولا، ثم بالمنشور إياه.. ولابأس من تعليق متحمّس، أبدي فيه رغبتي المجنونة في المشاركة..
ولكن هذه الصفحة العجيبة التي أمامي الآن هي أبعد ما تكون عن صفحة رحلات. فإما أنه يعبث بي، وأنا لا أحب المزاح الذي يضيع وقتي سُدى، وإما أن هناك خطأ لم أتبينهُ بعدُ !
ثم ما هذه اللغة التي يكتب بها القوم تعليقاتهم ؟ حروف لاتينية، إلا أن الكلمات المكتوبة بها يصعب نطقها.. ما هي azzezdfst ؟ كيف تُنطق أصلا ؟
أما الصور الشخصية للمعلقين، فكل صورة منها عليها رمز غريب. نجوم خماسية، قرون، أظفار.. ذكرتني برموز عبدة الشيطان عياذا بالله.
الصور في المنشورات رديئة الجودة بدورها وغير واضحة المعالم. والسواد بها كثيف لا يترك إلا أنصاف أشياء ظاهرة بالرمادي والأزرق الكئيب، فلا تدري أي شيء تكون. أشياء كثيفة مشعثة كأنها الشعر، وأشياء طويلة مقوسة قد تكون منجلا أو هي ظفر !
تبا.. كأنهم التقطوا هذه الصور بالآلات الحاسبة لو كان هذا ممكنا !
أي جنون ؟
عيل صبري آخر الأمر، فأغلقت المتصفح بنقرة عصبية، ثم أغلقت الحاسوب تبعا، وبلا تردد. وقمتُ في قفزة واحدة أقصد إلى سريري الدافئ لأنهي الليلة عند هذا الحد.
* * *
ما أسرع انقضاء الزمن ! لم أكد أحسّ بأحداث اليوم وهي تمرّ عليّ مرّ السحاب.. إفطار على عجل، ثم درسٌ وما فيه من ملل، ثم عودة للدار وغذاء بالبطاطس والبصل، ثم قيلولة قصيرة الأجل، فرياضة بعدها لتمرين العضل، فدوش بعد الرياضة ثم بعد الدوش حلقة من ذاك المسلسل.. وهاأنذا أمام شاشة الحاسوب من جديد أحملق في وجل !
أحملق في شعار (الويندوز) يتوهّج وينطفئ بهدوء كأنه يتنفس. ثم تظهر عبارة الترحيب المعهودة.. ترحيب على عتبة المجرة الرقمية!
ثوان أخرى من الترقب، أرمق فيها تلك الكريات الصغيرة تطوف في دوامة أبدية، تطلب المزيد من الصبر وضبط النفس..
ثم يظهر سطح مكتبي أخيرا. أنا عاشق للخضرة ومناظر الطبيعة المنعشة، لذا لن تجد غيرها على الخلفية..
فلننقر هنا فوق اختصار (كروم)، متصفّح الإنترنت الشهير. لحظات حتى يتحمّل آخر لسان كنتُ أفتحه، إذ أنّي أفعّل خاصية تذكر الصفحات المفتوحة أخيرا.. ماذا كانت هذه الصفحة يا ترى؟
الصفحة الفيسبوكية الغريبة إياها.. تذكرتُ الآن. كنتُ البارحة في مزاج متعكر قليلا، فلم أتحمّل النظر فيها طويلا، ولم ألتق ياسين اليوم في الثانوية لأخبره أن دعابته لم تكن مضحكة ألبتة. أما اليوم فأنا نشط بعض النشاط، ربما بفعل حصة الرياضة التي حظيت بها، ناهيك عن أن مزاجي رائق - أغلب الوقت - للتحقيقات والبحوث غير المدرسية.
فلنبدأ بهذا المنشور الأول، دعنا ننسخه هكذا.. والآن فلنحمله إلى (مترجم كوكل)، ذاك اللغوي الأمريكي العجوز الذي يدّعي معرفة أكثر لغات الأرض، لنسأله عن هذه اللغة العجيبة ما تكون!
* * *
أذكر ذلك الأستاذ الحكيم في سنوات الإعدادية، أستاذ (التربية الفنية).. ولا أدري لم يُدرّس الأساتذة الحكماء دائما موادا غريبة !
كان الأستاذ العياشي يومها يحدثنا عن موضوع إدمان الإنترنت، فسكت ساعة يقلّب النظر فينا ويحكّ لحيته بهدوء وثقة ساحرة، تلك الثقة التي لا تدري كيف كسبها ! كأنما يملك زمام الوقت، كأنما هو يعرف ما ينبغي عمله في كل ثانية.. بل كأنه عاش هذه الحياة من قبل، وهو الآن يعيد (اللقطات) ليس إلا !
نظر الأستاذ العياشي لي بالذات وهو يقول بصوته الرخيم:
- هذا الزمان.. ما أعجب هذا الزمان ! أرأيتم كيف صار كل شيء في هذا الزمان بالجملة ؟ كل شيء. المشاعر، العلوم، الموت.. ماذا تفعل بخزان من البطاطس أنت ؟ قل لي ؟ تبيعه، تأكله، تحرسه، تخبئه ؟.. لن تعرف، أو ستحير طويلا قبل أن تعرف. ولكن إذا أعطيتك ثلاث بطاطات، ستعرف فورا مصيرها.. رقائق مملحّة مقلية، أو قطع مسلوقة شهية.. أليس كذلك؟
ضحكنا بحماس، ونحن ننقل أبصارنا فيما بيننا، وقد أعجبنا التشبيه. وتمنى كل واحد منا أن تطول الحصة للأبد !
ولكن صوته الطاغي سرعان ما قاطعنا، لتكف الجلبة فجأة:
- ماذا تفعلون بملايير المعلومات ؟ بل كيف تتخلصون منها، وهي تصبّ في رؤوسكم كل لحظة وفي كل مكان ؟ هذا هو السؤال الأهم الآن.. كيف تتخلصون منها ؟ لا كيف تستزيدون..
سعل ونقل خطواته ببطء في المكان، وهو يتكلم كأنما يكلم نفسه:
- إن الإنسان كائن لزج، إن صح التعبير.. لا يمكن ألا تعلق به المشاهد والمعلومات كيفما كان نوعها، وبخاصة أنتم الشباب..
هنا جال ببصره في الوجوه كأنما يبحث عن أحد، قبل أن يستطرد:
- قولوا لي بالله عليكم من تمكّن منكم من ترشيد استعمال هذه الشبكة المخيفة يوما ؟ من تمكن من حبس هذا الشلال الهادر ؟ من غربل هذا الزخم من المعلومات، حتى لم يصل إلى عقله إلا كل نافع مفيد ؟
تردد صدى أسئلته بين جدران القسم، وكان رجع الصدى أبلغ من الأسئلة !
- أقول لكم يا أبنائي، تخلصوا من هذا الوباء متى ما استطعتم، أخرجوه من بيوتكم. أقول لكم: احذروا اليوتيوب، وفروا من الفيسبوك !
* * *
-3-
«فروا من الفيسبوك !»
تذكرتُ هذه العبارة فابتسمت، وأنا أنظر لصفحة موقع (مترجم كوكل)..
ألصقتُ في المربع اليسار ذلك المنشور الذي كنت استنسخته من الصفحة المريبة، واخترتُ خاصية التحديد التلقائي للغة. سيفكر مستر (ترانسلايت) قليلا ثم يخبرني اسم هذه اللغة العجيبة..
في الانتظار اخترت اللغة العربية في ثاني إطار، ذاك الذي يظهر فيه النص المترجم، مع ما في هذه الترجمة من ركاكة. إذ أنك تجد في الغالب شيئا من قبيل: (دخول انتظار مدرسي جميل !).
انتظرتُ حتى تعب عمودي الفقري فوخزني محتجا، فأرخيتُ ظهري على مسند الكرسي ومددتُ يديّ لأسرح مفاصلي تسريحا..
بعد لحظات - وكما توقعت بالضبط - طالعتني نافذة إخبارية، مكتوب عليها (معذرة إليكم، لم نتمكن من تحديد اللغة !)..
لأول مرة أثبتُّ عجزك يا مستر (ترانسلايت) .. حسنٌ لعلها لغة غير مكتوبة بحروفها الأصلية ! فلأنس الأمر.
عدتُ للصفحة المشؤومة، وطفقتُ أحكّ ذقني حائرا.. أرمق تلك المنشورات والتعليقات الغريبة عليها. وبملل حركت رأس الفأرة ونقرت على رأسها فوق أحد الإطارات المخصصة للتعليق، ثم انتقلت أصابعي بآلية إلى لوح المفاتيح لأكتب بالإنجليزية نصا قصيرا مُفاده: (مرحبا بكم، أنا شاب من المغرب. هلا أخبرني أحدكم عن هذه الصفحة، وعن لغتكم التي بها تكتبون ؟).
ثم ضغطتُ زر الإدخال لأرسل التعليق..
* * *
الواقع أوسع من الخيال..
قالها أخي الأصغر يوما في إحدى حواراتنا الفلسفية، ليتركني أياما أتأمل فيما قال، ولأجد - آخر الأمر - حقا ما قال، على نقيض ما أوهمني عقلي عند أول نظرة عجلى..
لو أخبرك أحدهم أنه التقى شخصا له نفس اسمه وكنيته في قاعة انتظار عند طبيب أسنان، لصدقته ولو بعد حين من الاستغراب والإنكار. ولكنك إذا قرأت هذا في قصة أو رواية، لمططت شفتيك مستاء من هذه (الصدفة المستحيلة) ! ذلك لأن الواقع يفرض عليك الأمر فرضا محتوما.. أما في الخيال، فأنت تقدّم سوء الظن على حسنه، وتفضل التكذيب على التصديق.
لو خرج عليك الآن قط أسود مزمجر من نافذة بيتك الذي في الطابق الثاني.. لصدّقت طبعا، وخارت قواك تماما تحت حتمية هذه الواقعة الرهيبة. ولكنك لن تتحمل قراءة هذا المشهد السخيف في إحدى القصص الخيالية.
الواقع أوسع وأغرب من الخيال.. صدقت أخي العزيز.
* * *
ماذا لو أخبرتك مثلا أني بعدما ضغطتُ زر الإرسال بدقيقة - أو دون الدقيقة - وقع أغرب ما يمكن أن يقع ؟
صورة تحمل تموقعي الجغرافي برزت فجأة أعلى الصفحة ! في البداية لم أفهم طبعا.. دنوتُ من الشاشة ببلاهة، وأمعنتُ النظر في الصورة. ثمة دائرة حمراء حول بقعة من الخريطة، ثم اتّضح لي بعد التدقيق أن الدائرة تطوق منزلا ما.. هل هذا حيّي الذي أقطنه ؟
هل هذا منزلي ؟؟
وقبل أن أفهم أكثر.. برز منشور جديد فوق الصورة، وكان عبارة إنجليزية بحروف لاتينية كبيرة تقول كأنها تصرخ في وجهي: (ممنوع دخول البشر! ومن دخل منهم يطاله العقاب المعلوم) !
العقاب المعلوم ؟.. هل هذه خدعة ما ؟
أعرف هذه الخدع المتقنة لخبراء الحاسوب وأولئك القراصنة الخبثاء، لكني بدأتُ أشعر بعدم ارتياح حقيقي..
ثم ماذا لو أخبرتك كذلك أنه خلال اللحظة التالية، وقبل أن أغلق صفحة الفيسبوك التي وتّرت أعصابي، سمعتُ صوت ارتطام قوي لباب غرفة من غرف الطابق السفلي، تلاه صراخ مروّع لأمي؟
في هذه اللحظة بالذات وقف شعر رأسي، وتجمدت عيناي على الشاشة.. ليس بسبب ارتطام الباب المخيف، ولا بسبب صرخة أمي المدويّة. بل لأني اكتشفتُ السبب الذي أدخلني الصفحة بالخطأ !
تذكرون أن الصفحة كان اسمها (finn) ؟ متى كتبتُ حرف j بدلf ؟.. متى كتبتُ (jinn) ؟
هل تفكرون فيما أفكر ؟!
إنتهى
رفعت خالد المزوضي
10-10-2016
10-10-2016