نحو شعر "فسيح"!
لا تنقص الشعر الفصيح، اليوم، فخامة الكلمات، ولا سبك البناء وحبك الدلالة، إنما تنقصه الخصوصية التي تأتي من عمق الوجدان، من الشوارع والأزقّة، من الأمكنة التي يستطيع من خلالها أن يعيد صياغته بما يجدّده ويعدّده، ويجعله أشبه يوجوه كاتبيه.
في المقابل لا تنقص الشعر العامي(المحكيّ)خصوصيته، وأمكنته وملامح الناس في تجاعيده وتغريده، لا ينقصه التدلّي إلى الوجدان الشخصي لشاعره، إنما تنقصه، وحسبُ، فخامة الفصحى وامتداد عروقها في التاريخ الثقافي والبياني القصيّ، وهذا مما يمنح الفصيح حقّ"التاريخ" في حين يمنح العامي حق "الجغرافيا".
يظهر هنا إمكان واحد يتفوّق به الفصيح على العامي متى ما وعى شعراؤه ذلك، هو أن "يجغرف" الفصيح نفسه، أن يؤمن بخصوصية المكان، كما آمن بها المحكيّ، لا من جهة اللغة(اللهجة)، وإنما من جهة إعادة الاعتبار للمكان في وجدان الشعر، كما كان يفعل الشعر القديم في مطالعه وخارطة طريقه عبر التقصّي البديع لذاكرة الإنسان والمكان.
يبقى هذا "الإمكان" رهينًا لتوظيف المكان، وإلى أن يحين ذلك، يبقى الفارق بين اللسانين ينتظر من يجمع بين تاريخ الشعر وجغرافيا الشعور، كما فعل ذلك نزار ودرويش من قبل، وكما فعل البردوني الفخم، البعيد القريب في آن.
بيد أنّه على الشعراء كي يسيّلوا الشعر بطريقة مختلفة هذه المرة، أن يعيدوا الشعر إلى الشارع التقني، أي اليوميّ الافتراضي، عبر مسافة زرّ تدشّن التقني في الشعريّ بلغة واستعارات تصوّرية وتصويرية أقرب إلى عالمنا الافتراضي الجديد، فهو الفضاء البكر الذي لم يبلغه الشعراء السابقون ولم يغمروه بتجاربهم، كما فعلوا مع واقعهم اليومي في شارعهم المألوف.
نحو شعر "فسيح "! سعود الصاعدي
- محمد كنجو
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 5663
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 12:24
- منيرة
- مشرف عام
- مشاركات: 8560
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 03:36
- مكان: الجزائر
Re: نحو شعر "فسيح "! سعود الصاعدي
مقال جميل ،به مصطلحات جديدة الإستخدام ^^
اعجبتني هذه العبارة
وهذا مما يمنح الفصيح حقّ"التاريخ" في حين يمنح العامي حق "الجغرافيا
اعجبتني هذه العبارة
وهذا مما يمنح الفصيح حقّ"التاريخ" في حين يمنح العامي حق "الجغرافيا
- خالد الحمصي
- عضو متطور
- مشاركات: 429
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 13:11
Re: نحو شعر "فسيح "! سعود الصاعدي
السلام عليكم
صديقي العزيز مقال مميز وطرح جدير بالاهتمام
أعتقد أن ما يحول بين الشاعر وبين خصوصية المكان هو أن العولمة والتكنولوجيا حولت العالم إلى قرية صغيرة بنمط عام يجرف في طياته كل خصوصية ، فيجد الشعراء أنفسهم منتمون لعالم واسع وليس لبلد محدد فلا بد أن تتداخل الأفكار فلا يكاد يقدر أن ينفك عن العالمية ، حتى قضايا الأمة باتت تصاغ عند كثير من الشعراء بقالب حداثي كل تفاصيله مستمدة من طاحونة العولمة
صديقي العزيز مقال مميز وطرح جدير بالاهتمام
أعتقد أن ما يحول بين الشاعر وبين خصوصية المكان هو أن العولمة والتكنولوجيا حولت العالم إلى قرية صغيرة بنمط عام يجرف في طياته كل خصوصية ، فيجد الشعراء أنفسهم منتمون لعالم واسع وليس لبلد محدد فلا بد أن تتداخل الأفكار فلا يكاد يقدر أن ينفك عن العالمية ، حتى قضايا الأمة باتت تصاغ عند كثير من الشعراء بقالب حداثي كل تفاصيله مستمدة من طاحونة العولمة