بقامته الفارعة وأناقته الملفتة عرفه أهل الحي في المدينة التي عاد إليها رجلا بعد أن غادرها في ريعان الشباب ، رغبة بتحقيق طموحاته وأحلامه المحبوسة في صندوق الحصار .
الكثير من الأقرباء والأصدقاء لاموه للعودة في ظل الظروف الصعبة وانعدام كل سبل العيش الكريم تحت سطوة الإحتلال وقهر الحصار ولسان حاله كان يقول
- لا أبحث عن الأجمل أبحث عن الأطهر .
أحبه كل من في الحي وكثير من الفتيات وجدن فيه فتى الأحلام القادم على فرس الرجولة والإباء . الأصدقاء المقربين كانوا يتندرون عليه كلما صادفوه بأناقته المعهودة ..ماذا هل هناك موعد اليوم ؟
وكان يهز رأسه مبتسما : -نعم لكنها جبانة لا تأتي كالعادة .
البعض لقبه بكنفوشيوس لحكمته البالغة وحرصه على الأخلاق والقيم في محيطه والبعض لقبه براهب الليل لشدة التزامه وحرصه على صلاة العشاء والفجر في المسجد وتشجيعه لأطفال الحي لمرافقته، وكم كان يحلو للأطفال مناداته ",باتمان" لحبه الشديد للملابس السوداء وكلما سأله أحد عن السر يجيب بأدب :_وهل أرتدي السماوي مثلا - أما أمه فقد كانت تناديه وسيم العقل والقلب والروح . التحاقه برجال المقاومة لم يثنيه عن التواصل مع أهله و جيرانه وكان يسبق الجميع بخطوة في كل عمل نافع ولايبخل بالمال والنصح وإصلاح ذات البين .
بدأت الحرب وزحف جيش المحتل من كل أطراف المدينة ، القصف الهمجي والمجازر طالت الحجر والبشر ولم تسلم حتى المساجد والمرافق الصحية و لم يتبقى للناس أي خيار سوى النزوح والبحث عن مأوى آمن بعد أن تحول ليلهم إلى نار، ونهارهم إلى غبار و دخان . الأحياء الوادعة والتي كانت تضج بالحياة تحولت إلى غابة محروقة وأكوام من الركام ،تفوح منها رائحة الموت من كل مكان ، أما هو فقد كان قراره أن لاملاذ آمن مع الطوفان وخير مكان لبنة صلبة في جسم السد ، مع ثلة من الرفاق رابطوا في ماتبقى من الحي غير عابئين بالوحدة وظروف الشتاء القارس وعاهدوا الله أن يدافعوا عن أرضهم وحريتهم وملاعب صباهم وذكريات طفولتهم حتى الرمق الأخير .
بعيني صقر كان يرقب من مكمنه جنود العدو بعتادهم الثقيل وأقدامهم المترنحة ويبتسم في سره من قبعاتهم المضحكة وهم يتحركون كالأشباح ويتوارون في المنازل المدمرة كاللصوص، لمح دبابة تنسل و تقترب من الشارع المقابل، زادت دقات قلبه ودعا الله أن تقترب أكثر وأكثر ، تناول معطفه الأسود الطويل وانطلق كالسهم ، طار إلى الشارع بأجنحة الشوق ،إلتف خلفها من زقاق فرعي وبخطوات رشيقة وقامة منتصبة كأنها قدت من صخرة المعراج في الآقصى إقترب منها ، لم تكن بتلك الهيبة والقوة كما كان يتصور وبدت له مجرد لعبة اكبر حجما من التي كان يهوى تحطيمها في صغره ، ثبت قاذفته ذات الرأس الأخضر على كتفه ،وبثقة وهدوء ضغط الزناد وحولها إلى كتلة من لهب ، شعر بالدفئ يسري في أوصاله وعم نور مفاجئ كل جنبات المكان، وضع جانب يده على جبينه وكأنه يرد التحية للشمس التي نجحت بالتسلل من بين الغيوم بعد طول احتجاب.
غير ذي بعيد كان أحد الرفاق يراقب المشهد مخلدا بعدسة هاتفه اللقاء المعجزة
موعد مع الميركافا - كنجو (مس. ما خفي أجمل 4)
- محمد كنجو
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 5663
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 12:24
- منيرة
- مشرف عام
- مشاركات: 8560
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 03:36
- مكان: الجزائر
- نجمة
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 3722
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 11:58
- مكان: جدة ...المملكة العربية السعودية
Re: موعد مع الميركافا - كنجو (مس. ما خفي أجمل 4)
" لم تكن بتلك الهيبة والقوة كما كان يتصور وبدت له مجرد لعبة اكبر حجما من التي كان يهوى تحطيمها في صغره "
- نجمة
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 3722
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 11:58
- مكان: جدة ...المملكة العربية السعودية
Re: موعد مع الميركافا - كنجو (مس. ما خفي أجمل 4)
عودة ملفته لقلمك اخي
السهل الممتنع كما عودتنا
تشبيهات وتصورات تجعل عقل القارئ في سيناريو
لا ينتهي الى آخر حرف
الأجمل هي تلك الثقة الي شعرت بها في حروفك
حتى سيطرت ع شخصية بطلك وكأنه هو من يكتب لا أنت
بالتوفيق لك
ع فكرة كونفوشيوس كان جيدا جدا هههه
السهل الممتنع كما عودتنا
تشبيهات وتصورات تجعل عقل القارئ في سيناريو
لا ينتهي الى آخر حرف
الأجمل هي تلك الثقة الي شعرت بها في حروفك
حتى سيطرت ع شخصية بطلك وكأنه هو من يكتب لا أنت
بالتوفيق لك
ع فكرة كونفوشيوس كان جيدا جدا هههه
- منيرة
- مشرف عام
- مشاركات: 8560
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 03:36
- مكان: الجزائر
Re: موعد مع الميركافا - كنجو (مس. ما خفي أجمل 4)
قبل اي سلام وأي كلام ...
كم هي رائعة هذه العبارة (لا أبحث عن الأجمل أبحث عن الأطهر)...هذه القصة يجب أن تصل المقاتل الأنيق بأي طريقة ^^
كم هي رائعة هذه العبارة (لا أبحث عن الأجمل أبحث عن الأطهر)...هذه القصة يجب أن تصل المقاتل الأنيق بأي طريقة ^^
- المهندس
- عضو نادر!
- مشاركات: 1050
- اشترك في: 03 يناير 2022, 06:12
Re: موعد مع الميركافا - كنجو (مس. ما خفي أجمل 4)
الحبيب محمد كنجو
قصة ( موعد مع الميركافا )
هي المرة الاولى التي أقرأ نصاً من نتاج هذا القلم الرائع ..
جاء السرد بلسان الراوي العليم، وتعريف بالشخصية الرئيسة شكلاً ومضموناً منذ السطر الأول.
( قامته فارعة/ اناقته ملفتة )
هذه الشخصية هي رئيسة لأنها تطورت..
( ريعان الشباب ) = الرغبة بتحقيق طموحاته وأحلامة المحبوسة .. ثم
( رجلاً ) = لا أبحث عن الاجمل، بل أبحث عن الأطهر.
قرار الرجوع إلى صندوق الحصار / سطوة الاحتلال / الظروف الصعبة .. يؤكد بأن هذه الشخصية قد تغيرت طريقة تفكيرها.
ثم يبدأ السارد بتوسيع العدسة لوصف تفاعل البيئة المكانية والشخصيات الثانوية مع الشخصية / رؤيتهم له.
من جانب .. كان في نظر أقرانه ( لاموه للعودة ) ( أناقته المعهودة )
من جانب آخر .. ( احبه كل من في الحي / الرجولة والإباء )
ولتدعيم فكرة تطور عقل الشخصية للقارىء ، فإن السارد يضيف ( الحكمة ) في تصرفها وطريقة تفكيرها، وذهنا الحاضر دائماً .. هنا ( البعض لقبه بكنفوشيوس ) من جهة..
ومن جهة أخرى يضيء السارد جانباً آخر من الشخصية ( راهب الليل) / الصبغة الدينية والالتزام.
ثم يمضي السارد ليعكس تأثير هذه الشخصية على المجتمع ( تشجيعه لأطفال الحي ) تفاعله مع الصغار / النصح / الاصلاح.
ليختم السارد الجزء الأول من قصته بانضمام الشخصية إلى المقاومة، فكأنما .. وضح السارد شروط وصفات رجال المقاومة من خلال استخدام هذه الشخصية للتعبير عن ذلك.
( بدأت الحرب ) ..
كان على السارد هنا أن يمهد لهذه الحرب في الجزئية الأولى، ولو من خلال توجسات أو ايحاءات أو سرد لتاريخ تكرار العدوان .. ولو بفقرة .
يقوم السارد بتسليط الضوء على الجيش المحتل من خلال وصف الفعل ( قصف همجي/ مجازر )..
ونتائج هذا الفعل ( طالت الحجر والبشر ) .. ثم النزوح والبحث عن مأوى ..
تسلسل محكم للأحداث بوصف مكثف متقن.
يخاطب السارد بعدها القارىء بطريقة غير مباشرة عن التأثير النفسي لهذه الحرب على الشخصية و رؤيتها لهذا الدمار.
( الأحياء الوادعة ) ( ملاعب صباهم ) ( ذكريات الطفولة ) ويقابلها ( غابة محروقة وأكوام من الركام تفوح منها رائحة الموت )
وهنا هي ذروة الحدث ( العقدة ) في هذه القصة ..
راقت لي هذه العبارة ( وخير مكان لبنة صلبة في جسم السد مع ثلة من الرفاق رابطوا .. إلى آخر الفقرة )
والسبب هي أنها جاءت لتأكد نضوج الفكر عند الشخصية الرئيسة، والتحول من البحث عن تحقيق الطموحات والسفر إلى ما هو أهم وأعظم ( الأولويات ) لدى الشخصية.. تبدلت.
( المشهد الاخير )
كان المشهد متقن البناء والوصف في الحركة .. وتجسيد الشجاعة للمقاومة والرمز لها ( الشخصية ).
ليجسد المشهد الأخير المعنى الرائع والجميل لعنوان القصة ( موعد مع الميركافا ) ..
كلمة ( موعد ) مع وصف الاناقة للشخصية الرئيسة أعطى للعنوان رونق خاص .. وأختيار أكثر من موفق.
قصة رائعة جداً .. ووصف جميل وتسلسل في بناء الشخصية دون عجل مروراً بجملة أحداث وختاماً بالحدث الرئيس.
أنا استمتعت بتواجدي هنا ..
اللهم انصر أهلنا في غزة وسائر فلسطين الحبيبة ..
شكراً لشعورك بهم .. ولقلمك الذي أحسن التعبير أخي محمد
كل التحية
قصة ( موعد مع الميركافا )
هي المرة الاولى التي أقرأ نصاً من نتاج هذا القلم الرائع ..
جاء السرد بلسان الراوي العليم، وتعريف بالشخصية الرئيسة شكلاً ومضموناً منذ السطر الأول.
( قامته فارعة/ اناقته ملفتة )
هذه الشخصية هي رئيسة لأنها تطورت..
( ريعان الشباب ) = الرغبة بتحقيق طموحاته وأحلامة المحبوسة .. ثم
( رجلاً ) = لا أبحث عن الاجمل، بل أبحث عن الأطهر.
قرار الرجوع إلى صندوق الحصار / سطوة الاحتلال / الظروف الصعبة .. يؤكد بأن هذه الشخصية قد تغيرت طريقة تفكيرها.
ثم يبدأ السارد بتوسيع العدسة لوصف تفاعل البيئة المكانية والشخصيات الثانوية مع الشخصية / رؤيتهم له.
من جانب .. كان في نظر أقرانه ( لاموه للعودة ) ( أناقته المعهودة )
من جانب آخر .. ( احبه كل من في الحي / الرجولة والإباء )
ولتدعيم فكرة تطور عقل الشخصية للقارىء ، فإن السارد يضيف ( الحكمة ) في تصرفها وطريقة تفكيرها، وذهنا الحاضر دائماً .. هنا ( البعض لقبه بكنفوشيوس ) من جهة..
ومن جهة أخرى يضيء السارد جانباً آخر من الشخصية ( راهب الليل) / الصبغة الدينية والالتزام.
ثم يمضي السارد ليعكس تأثير هذه الشخصية على المجتمع ( تشجيعه لأطفال الحي ) تفاعله مع الصغار / النصح / الاصلاح.
ليختم السارد الجزء الأول من قصته بانضمام الشخصية إلى المقاومة، فكأنما .. وضح السارد شروط وصفات رجال المقاومة من خلال استخدام هذه الشخصية للتعبير عن ذلك.
( بدأت الحرب ) ..
كان على السارد هنا أن يمهد لهذه الحرب في الجزئية الأولى، ولو من خلال توجسات أو ايحاءات أو سرد لتاريخ تكرار العدوان .. ولو بفقرة .
يقوم السارد بتسليط الضوء على الجيش المحتل من خلال وصف الفعل ( قصف همجي/ مجازر )..
ونتائج هذا الفعل ( طالت الحجر والبشر ) .. ثم النزوح والبحث عن مأوى ..
تسلسل محكم للأحداث بوصف مكثف متقن.
يخاطب السارد بعدها القارىء بطريقة غير مباشرة عن التأثير النفسي لهذه الحرب على الشخصية و رؤيتها لهذا الدمار.
( الأحياء الوادعة ) ( ملاعب صباهم ) ( ذكريات الطفولة ) ويقابلها ( غابة محروقة وأكوام من الركام تفوح منها رائحة الموت )
وهنا هي ذروة الحدث ( العقدة ) في هذه القصة ..
راقت لي هذه العبارة ( وخير مكان لبنة صلبة في جسم السد مع ثلة من الرفاق رابطوا .. إلى آخر الفقرة )
والسبب هي أنها جاءت لتأكد نضوج الفكر عند الشخصية الرئيسة، والتحول من البحث عن تحقيق الطموحات والسفر إلى ما هو أهم وأعظم ( الأولويات ) لدى الشخصية.. تبدلت.
( المشهد الاخير )
كان المشهد متقن البناء والوصف في الحركة .. وتجسيد الشجاعة للمقاومة والرمز لها ( الشخصية ).
ليجسد المشهد الأخير المعنى الرائع والجميل لعنوان القصة ( موعد مع الميركافا ) ..
كلمة ( موعد ) مع وصف الاناقة للشخصية الرئيسة أعطى للعنوان رونق خاص .. وأختيار أكثر من موفق.
قصة رائعة جداً .. ووصف جميل وتسلسل في بناء الشخصية دون عجل مروراً بجملة أحداث وختاماً بالحدث الرئيس.
أنا استمتعت بتواجدي هنا ..
اللهم انصر أهلنا في غزة وسائر فلسطين الحبيبة ..
شكراً لشعورك بهم .. ولقلمك الذي أحسن التعبير أخي محمد
كل التحية
فلســـــ ( الأردن ) ـــــــــــــطين
وطن برائحة الشهداء.. فكيف لا يغار منه الياسمين
وطن برائحة الشهداء.. فكيف لا يغار منه الياسمين
- محمد كنجو
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 5663
- اشترك في: 29 إبريل 2021, 12:24
Re: موعد مع الميركافا - كنجو (مس. ما خفي أجمل 4)
اللهم آمين
بارك الله بك مهندسنا البارع في فنون النقد والقص
وكل التقدير للوقت الذي منحتتني اياه في القراءة والرد النقدي المفصل
دمت بود وخير وتوفيق من الله
بارك الله بك مهندسنا البارع في فنون النقد والقص
وكل التقدير للوقت الذي منحتتني اياه في القراءة والرد النقدي المفصل
دمت بود وخير وتوفيق من الله
- فراشة سماوية
- عضو ذهبيّ (1500+)
- مشاركات: 1642
- اشترك في: 28 إبريل 2021, 20:09
Re: موعد مع الميركافا - كنجو (مس. ما خفي أجمل 4)
قصة أنيقة فعلا^^
أحببت الوصف والفكرة و التوسع فيها من خلال
تخيل جزئيات متعلقة بالمقاتل الأنيق.
هذا الذي سيصبح باتمان العرب^^
أحببت المقطع الأخير جدا..
بوركت
كل التوفيق لك^^
أحببت الوصف والفكرة و التوسع فيها من خلال
تخيل جزئيات متعلقة بالمقاتل الأنيق.
هذا الذي سيصبح باتمان العرب^^
أحببت المقطع الأخير جدا..
بوركت
كل التوفيق لك^^