في غرفة عفنة مثل أفكاري ,,,,رماني الزمان هناك ,,,,
غرفة صغيرة للموظف ينزل منها مع أول خيوط الفجر ,,, ويعود لها مع شرائيب غروب الشمس الأخيرة ,,,
وفي الليل ومع تلك الروائح التي تأتي من مطابخ الجوار .. أمسك قلمي وأكتب ... أكتب خاطرة ,,, أكتب قصة ,,, أكتب شعرا ,,, حسبما توجهني إليه تلك الروائح ... وتدخل من أنفي زخمة إلى عقلي ’’’ فتشكل دوائر لا يعلمها إلا الله ,,,
المهم أنني أكتب ,,, وفي الصباح أعطي ما كتبت إلى أحد الأصدقاء الذي ينشر في المجلات العربية نصوصي ,,, فيعطني ثمن ما شممته البارحة وأفرغته على الورق ,,,
بينما هو ينشر ذلك النص بأسمه ... ليبرز في سماء الكتابة كاتبا له وزنه وقيمته ,,,,
والذي حدث أنني عدت يوما من عملي منهكا ,,, متعبا .... فوجدت أوراقي مبعثرة ,,, مرمية على الأرض ... ودواة حبري مسكوبة على الطاولة .. وأقلامي تائهة في أرجاء المكان ,,,
استغربت بادئ الأمر ,,, من سيدخل تلك الغرفة العفنة ,,,؟؟؟؟ سارق مثلا ,,, لن يجد شيئا ليسرقه ,,, فحالي أتعس من حاله ,,,
فتاة شقراء ممشوقة القوام مثلا ,,, ومن ينظر إلى شاب فقير رث الثياب ... مترهل الأوصال ,,,
وفتيات اليوم يبحثن عن شاب مفتول العضلات ,,, جيوبه ملئية ... وشعره كثيف ممتلئ بالدهون التي يسمونها ((المثبت )),,, فأين أنا ؟؟ وأنا لا أملك ثمن علبة ((المثبت)) تلك ,,,,
فكرت من يكون زائري أو زائرتي ,,,, ؟؟؟ ولما تركت البيت وسكنت أوراقي وعدة كتاباتي ,,,, ؟؟؟ فراودني قول الشاعر :
وزائرتي كأن بها حياء... فليس تزور إلا في الظلام ,,,, بذلت لها المطارف والحشايا ... فعافتها وباتت في عظامي ,,,,
طبعا الشاعر هناك يقصد حمى تزوره .... وليس مثلي ,,,, ضيف ثقيل الدم ,,, يخرب صفو مخيلتي في الكتابة ,,,
المهم لملمت أشيائي ,,, وصنعت كأس شاي دافئ ... وكتبت نصا ,,, عن الشاعر التي تزوره الحمى ... وكم عانى منها ,,,, وأثنيت على حمى أخرى تصيب ظلام نفوسنا في الوطن العربي ,,,
حمى الظلم للشعوب الفقيرة ,,, وحمى أستغلال الشعب العربي وإنهاكه ,,, وتظليل وتظليم الحقيقة عنه عبر إعلام يوجه بأيدي خفية ,,, تلك الأيدي التي ترسل بل تهدي لنا الأسلحة لنقتل أخوتنا ,,, في مسميات مثل أرهابين ... أو ما إلى ذلك ..مما يقتل الشباب العربي المتحمس بعضهم دون أن تكون اسرائيل طرفا ...
ودخلت بموضوع بأن المرض الحمى ذلك يتفشى على عقول أطفالنا ,.,, فأصبحت لعبته بدلا من كرة أو رياضة يفيد فيها جسده ,,, تكون لعبته بارودة ,,, أو مسدسا ,,, يحاول قتل أخته بها حتى ولو كان مصنوعة من البلاستيك ورصاصتها مطاطيه ,,, ولكنه يكفي أنه يوجهها إلى قلب أخته أو أمه على حد سواء,,,
وتكون تلك الأيدي الخفية وصلت إلى هدفها المنشود ....
طبعا أنهيت نصي ذلك ... بأننا لا بد أن نحارب تلك الأفكار ... وننطلق ونثور على أنفسنا ... حتى نعيش كعرب وكمسلمين حقا,,, واستشهدت أخيرا بقول الشاعر :
إذا الشعب يوما أراد الحياة ,,,,, فلا بد أن يستجيب القدر ,,,,
وعند الصباح ... حملت أوراقي فرحا ...وأعطيتها إلى صديقي الكاتب المزيف ,,,الذي قرأها بدوره ,,, فأحمر وجهه غضبا ,,, وقال لي خذ أوراقك وأغرب من وجهي ,,, تريد أن تخرب بيتي ,,, ما هذه الطلاسم ,,,,ما هذا التخريف ,,,؟؟؟ قال حمى وتتفشى قال,,,,وشباب عربي متحمس ... وزائرتك ,,, الله يلعن أبو زائرتك ,,, أكتب لنا عن قصة عاشقين يتعانقان مع بعض القبلات الحارة أحسن من هذه الفلسفة ,,,,هذه المواضيع من أفكارك الخرفة لا تطعم خبزا .... ورمى تلك الأوراق في وجهي ,,,,
وفي الليل ... عدت إلى غرفتي العفنة ,,, بلا عشاء ,,, لأن أوراقي رفضت ,,,
رميت الأوراق على الطاولة ,,, ورميت جسدي المترهل على السرير ,,, ودخلت حلبة التفكير ,,, أقول في نفسي ,,,
حقا ليتني كتبت عن قصة عاشقين ... وأكلت خبزا ومرقا ,,,, أفضل من أكتب عن حمى الوطن العربي ,,, ومعدتي خاوية ,,,
قطع تفكيري ذاك صوت مصدره طاولتي ,,, نظرت إلى طاولتي ,,,,
فوجدت زائرتي ,,,, نعم عرفتها ..... وجدتها تقرأ سطور نصي ذاك ,,,, فاقتربت منها بهدوء ,,, فنظرت إلي ,,, وعيونها الخضراء الصغيرة وكأنها تشكرني ,’,’,
لقد فهمت نصي حقا ,,,, فرحت بها ,,, قفزت .,.., ضحكت ,,,,
ومن ثم أتزنت ... قائلا :
رجل فقير يقطن في غرفة عفنة ,,, أفكاره عفنه ,,,, من ستكون زائرته ,,,,
سوى قطة صغيرة سوداء اللون ,,,,,,
مع أجمل تحيات
نيسان