إنَّ من الصدف أحيانًا ما يثيرُ العَحب، ويوغل في الغرابة، حتَّى ليتفقُ لك أحيانًا أن تقرأ فكرةً عند كاتبٍ، ثمَّ أنت إذا تحوَّلتُ عنه إلى كاتبٍ آخر وجدت الفكرة ذاتها، ومن ذلك ما حدث معي قبل قليل، فقد كنتُ أكمل رحلتي مع وحي القلم الَّتي دامت ثلاث سنوات، فكنت أقرأ مقالة للرافعي: «الشعر العربي في الخمسين سنة» حتى وقفتُ له على هذا: ❞وحتى صرنا — والله — من بعض الغثاثة والركاكة والاختلال في شر من توعُّر نظم الجاهلية وجفاء ألفاظه وكزازة معانيه؛ وهل ثَمَّ فرقٌ بين أن تنفر النفس من الشعر؛ لأنه وَعْرُ الألفاظ عسير الاستخراج شديد التعسُّف، وبين أن تمُجَّه؛ لأنه ساقط اللفظ، متسوِّل المعنى، مضطرب السياق؟❝
ثمَّ تحولتُ عنه إلى كتاب النبوغ فإذا بي أقف على كلامٍ قريبٍ منه للإمام الشاطبي وهو ما نصه: «أفادني صاحبنا الفقيه الكاتب أبو عبد الله بن زمرك إثر إيابه إلى وطنه من رحلة العدوة في علم البيان فوائد أذكر منها [...] تحري الألفاظ البعيدة عن طرفي الغرابة والابتذال، فلا يستدل بالحوشيِّ من اللغات، ولا المبتذل في ألسن العامة» فانظر رحمك الله، فرغم اختلاف السياق واللفظ، فإن كلام الرافعي وكلام الشاطبي الذي أورده عبد الله كنون في النبوغ، كلاهما يتفقانِ ويصبَّان في ذات المسار والاتجاه؛ وليس هذا بأغرب مما وقع معي في هذا المجال، لكنِّي لم أشأ أن تمر اللحظة دون تدوين هذا الذي وقع.
الصدفة غريبة فعلاً ..
أن تقرأ فقرة تطرح فكرة في كتاب ، ثم تجد ذات الفكرة مطروحة بألفاظ مختلفة في الكتاب التالي ..
وبالفعل المفردات التي تجعلني أبحث عن معانيها في كل سطر، تدفعني في البداية إلى طلب المعرفة، وتبعدني عن تكملة السطور إن تعمد الكاتب استعراض عضلاته اللغوية بشكل مبالغ فيه في الخاتمة.
( علمني بعض المفردات الجديدة، ولكن لا تدفعني إلى الملل بعيداً عن متعة المضمون )
تحياتي ياحمزة
فلســـــ( الأردن )ـــــــــــــطين وطن برائحة الشهداء.. فكيف لا يغار منه الياسمين